ولد في بلاد فارس عام 214 بعد الميلاد وتوفي
في جنديسابور عام 277 تحت التعذيب. معنى اسمه في السنسكريتية هو "اللؤلؤة
الثمينة" أو "الفرِح". ومن بين ألقابه مار ماني (القديس ماني)،
والمعلم ماني، والحي الباقي. وهو مشرّع ديني وكاتب ورسام ونبي. اسم أبيه
"باتيك"، وأعطيت أسماء مختلفة لأمه من بينها "مريم"، وهي من
سلالة أمراء بارثيين. وبحسب النصوص المانوية فإن أباه تلقى أوامر من ملاك لثلاث
ليال متتالية في معبد قطيسفون عندما كانت زوجته حاملاً بأن يمتنع عن الخمر واللحم
والجسد. وبعد هذه الرؤى تخلى عن الوثنية واتبع طائفة المعمدانيين وعاش بينهم مع
ابنه.
قال ماني بأن الوحي جاءه مرتين، الأولى عام
228 والثانية عام 240، أي حين كان له من العمر 12 عاماً في المرة الأولى والثانية
وله من العمر 24 عاماً. وأنه كان له اتصال مع ملاك منذ المرة الأولى، طلب منه
التخلي عن الجماعة التي ينتسب إليها وأن يعلّم تعاليم المسيح. وبدأ فعلاً بالدعوة
منذ عام 240 متعقباً طريق الحواري توما في مناطق شمالي الباكستان والهند
وأفغانستان حالياً. وما كان يعلمه هو مزيج من المسيحية والبوذية والإغريقية. التحق
في عام 242 ببلاط شابور الأول الذي رأى في أفكاره ومعتقداته إمكانية تشكيل دين
وطني يجمع أتباع إمبراطوريته، فتركه ينشر ديانته التي أخذت بالتغلغل سريعاً بين
مختلف الجماعات.
لكن الأمر لم يدم. فقد أمر الملك
الجديد بهرام الأول في عام 272 بالعودة إلى الديانة المازدية (الزرادشتية). ولاحق
ماني الذي هرب إلى خوراسان حيث تمكن من إقناع الأمراء المحليين بديانته. ولكن
بهرام الأول استدعاه إلى قطيسفون وأودعه السجن حيث لاقى التعذيب ومات بعد 26 يوماً
تحت ثقل سلاسله عام 277. وهذه الصورة حملها أتباعه ليتذكروها في كل عام باسم طريق
الآلام على النمط المسيحي.
كان ماني يشرح تعاليمه شفاهة، مستخدماً
الموسيقى أحياناً، أو كتابة مزيناً كتاباته بالرسوم. يوضح عبرها رؤيته للعالم
والحياة، عالم النور حيث الإله خالق الكون، عالم لا ظلمات فيه إلا لمن لم يحسن
التخلص من طرقات الظلمات. وعالم الظلمات هو عالم أمراء الشر. كتب إنجيلاً أسماه الإنجيل
الحيّ واسماه أتباعه بإنجيل ماني. قدمه للملك مع رسوم تزينه. وكان يقول بأن زرادشت
وبوذا والمسيح لم يكتبوا كتبهم وإنما أنا أفعل.
له تعاليم باسم الوصايا العشرة، تقول:
1.
لا تعبد أي وثن،
2.
عليك تطهير كل ما يخرج من فمك: لا تشتم، لا تكذب، لا تقل
زوراً؛
3.
عليك تطهير كل ما يدخل فمك: لا تأكل لحماً ولا تشرب
كحولاً؛
4.
احترام رسل الله؛
5.
الإخلاص للزوج(ة) والابتعاد عنه(ا) أثناء الصيام؛
6.
مساعدة ومواساة المتألمين؛
7.
تحاشى الرسل الكاذبين؛
8.
الامتناع عن تخويف أو جرح أو تعذيب أو قتل الحيوانات؛
9.
لا سرقة ولا غش؛
10.
عدم ممارسة السحر أو الشعوذة.
انتشرت تعاليمه وديانته بطريقة سلمية تماماً
من شرقي آسيا إلى البلقان وأفريقيا مروراً بشبه الجزيرة العربية. وكان من أتباع
ديانته القديس الفيلسوف أغسطين الذي تخلى عن الديانة المانوية وله من العمر أكثر
من ثلاثين سنة ليتبع الكنيسة وليهاجم المانوية لما في بنيتها من نقص وتناقض... وما بقي اليوم منه هو صيت الرسام المتسامح، إذ يقول الأوروبيون في أمثالهم عن موهبة فلان من الناس في الرسم: "إنه رسام جيد مثل ماني".
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق