تقع في دولة مالي الأفريقية وعلى مقربة نهر
النيجر عند أقرب نقطة للنهر من الصحراء. وهي اليوم مهددة بكثبان الصحراء التي تزحف
إليها، وهذا ما دفع باليونسكو لتقديم مساعدات لدفع الكثبان والتهديد عن المدينة
التي تعتبر جزءاً من التراث الإنساني. بلغ عدد سكانها عام 2006 نحو 32 ألفاً،
بالرغم من أن هذه المدينة كانت بين المدن المكتظة في القرن الخامس عشر، إذ وصل عدد
سكانها حينذاك إلى نحو 100 ألف، كان 25 ألفاً منهم طلاب في جامعة سانكوري لوحدها.
تناوب على حكم المدينة الأفارقة والعرب المغاربة والبربر الطوارق الذين يشكلون
أغلبية ساكنيها اليوم. تدخل الأوروبيون في البلاد منذ القرن التاسع عشر، واحتلت
فرنسا مالي حتى عام 1966.
جامع جنغاربير |
لم تكن هذه المدينة معروفة قبل عام 1325
عندما أمر الملك مانسا موسى ببناء جامع جنغاربير. وذكرها ابن بطوطة في كتاب رحلاته
عندما حط بها عام 1353. وفي القرن الخامس عشر بني جامع سانكوري وهو الجامع المدرسة
(جامعة) في أيام سوني علي الكبير. عاشت هذه المدينة على التجارة بين العمق
الأفريقي وشمالي غرب أفريقيا (المعرب العربي). بدأ نجم هذه المدينة في الأفول مع
نهاية القرن السادس عشر واستعمال الأوروبيين للملاحة البحرية في التجارة. كما شهدت
تلك الفترة نفي كتابها ومفكريها أمثال أحمد بابا.
صفحتان من كتاب في الفلك |
تحتوي هذه المدينة وجوارها على كنوز ثقافية
هائلة تتجلى في نحو 300 ألف كتاب يعود بعضها إلى أيام الإسلام الأولى. معظم هذه
الكتب مدون بالعربية وبعضها بلغة محلية. يوجد منها نحو 18 ألف كتاب في مركز أحمد
بابا، كما يوجد في المدينة نحو 80 مكتبة خاصة تضمم كتباً يعود معظمها للقرن الثاني
عشر. يؤم المدينة الباحثون عن الكتب القديمة لما فيها من تاريخ أو لما تشكل من
تجارة مجزية.
وفي كتاب
"مبادئ الحكم الحسنة" لمؤلفه عبد الكريم المغولي بين القرن
الخامس عشر والقرن السادس عشر. وما جاء في هذا الكتاب يؤكد وجود مؤسسات دولة
متطورة جداً. فالكتاب يشرح قواعد المحاكمات المنصفة، سابقاً بذلك نصوص القرن
العشرين في هذا الخصوص، وهو يقول في أحد مقاطعه:
يجب أن يكون عدم انحياز الحاكم-القاضي مؤكداً
خاصة في الحكم بين شخصين متخاصمين بسبب خلاف ما: يجب أن نكون عادلين في كل تصرف من
تصرفاتنا، بدءاً من الطريقة التي نستقبل بها كل من المتخاصمين إلى لحظة إصدار الحكم.
حتى إذا حاول أحد المتخاصمين التقرب من القاضي الحاكم، فيجب تجنّب أي نوع من
العلاقات الوديّة....وزمن الدفاع يجب أن يكون منصفاً بين الاثنين. والإنصاف يتطلب
ألا تقبل شهادة إلا ذوي الأخلاق الحميدة....وعلى رجال القانون المحيطين بالملك عدم
قبول أية رشوة، لا قبل ولا بعد المحاكمة. ويجب عدم قبول أية هدية من الطرفين
المتخاصمين."
لكن هذا كله لم يمنع أن هاجمها متطرفون
إسلاميون عام 2012 وهدموا الكثير من مزاراتها وقبورها وهي المدينة التي أعطيت
يوماً اسم مدينة الـ333 قديساً/ولياً... تقول الروايات إن المدينة سميت تومبكتو
لأنه كانت تعيش في تلك المنطقة امرأة تدعى بكتو وكان يعهد إليها أهل القوافل
بالثمين لديهم، الذي كانت تخفيه في بئر (توم) لتعيده إلى أصحابه حين رغبتهم بذلك.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق