منذ مطلع القرن العشرين
والحديث العلمي يتمحور حول آينشتين ونظرياته، وخاصة تلك المسماة بنظريتي النسبية، تسمى أولاهما بالنسبية الخاصة والثانية بالنسبية العامة،
والفارق بينهما زمنياً عشر سنوات. فالأولى صاغها عام 1905 والثانية عام 1915. وهما
نظريتان ثوريتان بالنسبة إلى تصوراتنا وما اعتدنا عليه من مفاهيم. ولا
تزال تصوراتنا حتى اليوم بعيدة عن تلك التي تقول بها نظريتا آينشتين في النسبية.
كانت النظريتان استجابة طبيعية لمعضلات بدأت الفيزياء في مواجهتها منذ سنوات قبل آينشتين، وكان البعض قد قال بأفكار مهدت تماماً الطريق لآينشتين ونظرياته. ففي القرن
السابع عشر قال غاليليو بأن السرعات يمكن جمعها دون مشكلة. أي أن سرعة شخص يسير
على ظهر قارب يتحرك في مسار مواز للشاطئ بالنسبة لمراقب يقف على الشاطئ هي جمع سرعة
القارب بالنسبة للمراقب وسرعة هذا الشخص على ظهر القارب بالنسبة للقارب. وهذا ما ندركه بكل بساطة، وقال أيضاً إن على ظهر القارب الذي يتحرك بسرعة ثابتة وفق خط مستقيم فإن قذف كرة من أعلى صاريته سترسم مساراً مماثلاً لذلك المسار الذي سترسمه إذا أطلقت من أعلى صارية مماثلة لصارية القارب ومثبتتة على الأرض. أي كأن الحركة بسرعة ثابتة مستقيمة لا تحدث أي فارق عن الثبات.
كان التفكير السائد حتى آينشتين أن الأثير هو الحامل للضوء وله دور الهواء في نقل الصوت. وهذا الأثير كان شيئاً مسلم به منذ زمن طويل بتحدث عنه نيوتن باعتباره شيئاً طبيعياً كما كان نيوتن يؤمن بأن الضوء ينتقل آنياً، أي أن سرعته لا نهائية، ولكن تجارب لاحقة قالت بأن الضوء ذو سرعة محدودة وإن كانت كبيرة.
وفي الربع الأخير من القرن التاسع عشر أجرى عالمان امريكيان (مايكلسون ومورلي) تجربة إرسال شعاع ضوئي مساير لحركة الأرض، التي يسير الأثير معها، وآخر معاكس وفي اللحظة نفسها، وكان يتوقع أن يقطع الشعاع المساير لحركة الأرض المسافة في زمن أقل من ذلك المعاكس عند قطعه لمسافة مماثلة. ولكن المفاجئة كانت كبيرة عندما وجدا أن الزمنين متساويان، وكأن سير الضوء بمسار مساير لدوران الأرض أو معاكس لا أثر له البتة. كررت التجربة مرات ومرات وكانت النتيجة نفسها.
كان التفكير السائد حتى آينشتين أن الأثير هو الحامل للضوء وله دور الهواء في نقل الصوت. وهذا الأثير كان شيئاً مسلم به منذ زمن طويل بتحدث عنه نيوتن باعتباره شيئاً طبيعياً كما كان نيوتن يؤمن بأن الضوء ينتقل آنياً، أي أن سرعته لا نهائية، ولكن تجارب لاحقة قالت بأن الضوء ذو سرعة محدودة وإن كانت كبيرة.
وفي الربع الأخير من القرن التاسع عشر أجرى عالمان امريكيان (مايكلسون ومورلي) تجربة إرسال شعاع ضوئي مساير لحركة الأرض، التي يسير الأثير معها، وآخر معاكس وفي اللحظة نفسها، وكان يتوقع أن يقطع الشعاع المساير لحركة الأرض المسافة في زمن أقل من ذلك المعاكس عند قطعه لمسافة مماثلة. ولكن المفاجئة كانت كبيرة عندما وجدا أن الزمنين متساويان، وكأن سير الضوء بمسار مساير لدوران الأرض أو معاكس لا أثر له البتة. كررت التجربة مرات ومرات وكانت النتيجة نفسها.
وفي الفترة نفسها قام شاب إنكايزي عبقري بدمج الكهرباء والمغناطيسية (كهرطيسية) قائلاً بأنهما من طبيعة واحدة ووضع معادلات تربطهما ببعضهما واحتاج بذلك إلى الضوء باعتباره تعبيراً عن الكهرطيسية وقال بأن سرعة الضوء ثابتة لها القيمة نفسها في كل الاتجاهات ونجم هن ذلك معضلة جديدة نتيجة تعارض ما جاء به مكسويل مع ما يقول به نيوتن فيما يتعلق بمرجعيات الحركة.
حازت المسألة على تفكير آينشتين الذي انطلق في أفكاره حولها من معلومة مؤكدة أن للضوء سرعة ثابتة يمكن قياسها، وأنه لا شيء أسرع من الضوء كائناً ما كان، وهذه الفرضية الأخيرة مثبتة، وهذا يعني أنه لا يمكن جمع السرع على طريقة غاليلو ونيوتن. أي إذا كان جسم يتحرك بسرعة قريبة من سرعة الضوء وأن هذا الجسم يحمل متحركاً سريع للغاية، فإن سرعة هذا المتحرك بالنسبة لمراقب خارجي ثابت لا يمكن أن تزيد عن سرعة الضوء. ولهذه الفرضية أن تحل قضية مايكلسون. وقال أيضاً بأن حامل الضوء هو الفوتون الذي يتحرك في كل الاتجاهات وبالسرعة نفسها وليس الأثير الذي لا وجود له بالنسبة لآينشتين,
حازت المسألة على تفكير آينشتين الذي انطلق في أفكاره حولها من معلومة مؤكدة أن للضوء سرعة ثابتة يمكن قياسها، وأنه لا شيء أسرع من الضوء كائناً ما كان، وهذه الفرضية الأخيرة مثبتة، وهذا يعني أنه لا يمكن جمع السرع على طريقة غاليلو ونيوتن. أي إذا كان جسم يتحرك بسرعة قريبة من سرعة الضوء وأن هذا الجسم يحمل متحركاً سريع للغاية، فإن سرعة هذا المتحرك بالنسبة لمراقب خارجي ثابت لا يمكن أن تزيد عن سرعة الضوء. ولهذه الفرضية أن تحل قضية مايكلسون. وقال أيضاً بأن حامل الضوء هو الفوتون الذي يتحرك في كل الاتجاهات وبالسرعة نفسها وليس الأثير الذي لا وجود له بالنسبة لآينشتين,
وأمام سرعة الضوء
الثابتة التي لا يمكن تخطيها تبرز مشكلة هي الآتية: لنفترض أن قطاراً مؤلف من عربة واحدة يسير بسرعة
كبيرة، وأن شخصاً يجلس في مؤخرة القطار أطلق شعاع ليزر وأنه يمكن (نظرياً) لمراقب خارجي أن يري مقدمة الشعاع المتحركة باتجاه
مقدمة القطار، فماذا ستكون سرعة مقدمة شعاع الليزر بالنسبة إلى هذا المراقب الخارجي؟ هل ستكون هذه السرعة هي ناتج
جمع السرعتين، سرعة القطار وسرعة الضوء، بالنسبة للمراقب الخارجي؟ نظرية النسبية الخاصة تقول بأن سرعة مقدمة الليزر بالنسبة للمراقب الخارجي لن تكون أبداً بأسرع من الضوء! إذاً كيف سيكون الأمر؟
الأمر سيكون بأن منظر القطار، المسافة بين مقدمته ومؤخرته، ستبدو للمراقب
الخارجي أقل مما هي عليه فعلاً، أي أن القطار سيبدو منكمشاً وتبدو العربة وكأنها أقصر طولاً. في حين أن القطار سيبدو عادياً بالنسبة لشخص جالس فيه. وأن طول القطار سيبدو صغيراً
للغاية إذا اقتربت سرعته من سرعة الضوء. أي أن المكان وسعته هو أمر نسبي
يتعلق بموقع الرائي من المرئي. فإذا سار القطار بسرعة تساوي نصف سرعة الضوء
فسينكمش طول القطار بمقدار 15% بحسب معادلات آينشتين للنسبية الخاصة، أي أن المسافة التي ستقطعها مقدمة شعاع الليزر ستبدو أصغر مما هي عليه بالنسبة للمراقب الخارجي...وكتشبيه
لتقريب المسألة (دون أن يكون لذلك علاقة بالنسبية)، فإن الشجرة الكبيرة ستبدو
لمراقب بعيد صغيرة وكبيرة لمراقب قريب.
الأمر نفسه بالنسبة
للزمن، فإن مقدمة شعاع الليزر التي أطلقت بسرعة عالية من مؤخرة القطار الذي يسير بسرعة كبيرة ستبدو بالنسبة لمراقب خارجي أبطأ مما هي عليه فعلاً، لأن المكان تقلص بالنسبة للمراقب الخارجي، ولكي يقطع شعاع الليزر مسافة تساوي طول القطار قبل تحركه فإنه سيحتاج إلى زمن أكبر بالنسبة للمراقب الخارجي، أي أن الزمن سيكون أبطأ بالنسبة للمراقب الخارجي دون أن يكون كذلك بالنسبة لمراقب داخل القطار. وبحسب معادلات آينشتين، فإذا سار القطار
بسرعة تساوي نصف سرعة الضوء فإن ما يجري بداخله يبدو أبطأ بالنسبة لمراقب خارجي
بنسبة 15% أيضاً. أي أن الزمن لن يكون هو نفسه بالنسبة للمراقب الخارجي والمراقب
الداخلي، فهو أطول بالنسبة للمراقب الخارجي. أي أن
الزمن يتعلق بالمراقب، وهو أقل بالنسبة للمراقب المتحرك منه بالنسبة للمراقب
الثابت... وكتشبيه على ذلك، فالزمن يكون طويلاً لمن ينتظر انقضاءه، كما يؤكد ذلك
النابغة الذبياني إذ يقول:
كليني لهمٍ يا أميمةُ ناصب.... وليل أقاسيه
بطيء الكواكب
تطاول حتى قلت ليس بمنقض... وليس الذي يرعى
النجوم بآيب.
إذاً، سيتقلص حجم القطار ويتباطئ الزمن بالنسبة لمراقب خارجي بحيث لا يرى مقدمة شعاع الليزر تسير بأعلى من سرعة الضوء. وهذا التقلص في المكان والتباطؤ في الزمن لن يشعر به ركاب القطار. وبذلك قضى آينشتين على فكرة أن المكان
والزمان هما أمران مطلقان، وإنما هما أمران نسبيا يتوقفان على المراقب وحركته. والفارق
هذا لا يمكن الشعور به إلا عند السرعات الكبيرة جداً. أي أن كل شيء سيكون كما
عهدناه طالما أن سرعات القطار هي سرعات صغيرة، ولكن عند السرعات العالية للقطار سنكون أمام عالم مختلف.
لنتخيل للحظة واحدة أن كل شيء ثابت، لا حركة
على الإطلاق! عندها لن يكون هناك زمن... ولا بداية ولا نهاية.
في ورقة تالية سنوضح تطبيقات ذلك، وفي هذه الورقة قدمنا شرحاً مبسطاً للغاية، سيمتعض منه الفيزيائي المدقق، ولكن الهدف هو تبسيط الأفكار وإيصال زبدة القول.
في ورقة تالية سنوضح تطبيقات ذلك، وفي هذه الورقة قدمنا شرحاً مبسطاً للغاية، سيمتعض منه الفيزيائي المدقق، ولكن الهدف هو تبسيط الأفكار وإيصال زبدة القول.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق