اشتهرت الفلسفة الإغريقية بمماحكاتها
المعرفية وأسئلتها عن أدوات المعرفة وكيف لنا أن نتأكد من صحة ما نعرفه وعميميته.
وتوصلت إلى أن المعرفة تقوم على الحواس والتفكير وهما الحكم في تقدير حقيقة ما
نتوصل إليه من معارف. ومن بين أدواتهما التجربة والمنطق. ولكن أحد أشهر فلاسفة القرن
الخامس قبل الميلاد وهو الفيلسوف بارمينيدس كان يشكك بصدقية الحواس وسلامة
التفكير.
زينون يكشف لأصدقائه عن باب الحقيقة وباب الخطأ |
ومن بين هذه المتناقضات متناقضة الحجر الذي يقذف به من ارتفاع ما، لنقل ثمانية أمتار. فهذا الحجر سيحتاج إلى زمن لقطع نصف المسافة. وعند وصوله إلى نصف المسافة هذه سيحتاج إلى زمن لقطع نصف المسافة المتبقية وهي متران، وبعد ذلك سيحتاج إلى زمن ليقطع نصف المسافة هذه وهلمجرا. وهذا الزمن لن يكون معدوماً في كل مرة، وعليه فلن يصل الحجر إلى الأرض أبداً، وهذا يناقض الواقع!!!
متناقضة أخرى هي السهم المنطلق. ففي
لحظة ما يمر السهم أمام ناظرنا ويبدو لنا في هذه اللحظة وكأنه متثمر في مكانه.
وبما أن الزمن هو لحظات متتالية، وهو يبدو وكأنه معلق في الهواء في كل لحظة من هذه
اللحظات، إذن سيكون السهم ثابتاً في الهواء كما يقول لنا منطق تفكيرنا ولكن
الحقيقة هي غير ذلك.
وما كان يطمح
إليه زينون هو أن يؤكد على كلام أستاذه بأن التجزئة هي خداع في التفكير ومجرد وهم
مظهر، وبأن الاستمرار هو الصحيح وأن أية محاولة للتقسيم أو التجزئة ستجعلنا نسير
في الطريق الخاطئ... ومع هذا فليس من مانع في التفكير في حل هاتين "المتناقضتين".
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق