ومع دخول الجوال الذكي إلى عالم الاتصال وإمكانية ارتباطه بشبكة الإنترنت، مثله مثل
أي حاسوب، جعل إمكانية الاتصال بالإنترنت أمراً متاحاً من أي مكان وبدون الحاجة إلى حاسوب. وهذا ما زاد بدوره من إمكانية "التواصل" مع الأشياء إذا ارتبطت هي أيضاً مع الإنترنت. أما فائدة ذلك فلا تعد ولا تحصى. من أبسط الأمثلة ارتباط أجهزة الإنذار في بناء ما بالإنترنت، والتي سترسل رسالة استغاثة لإدارة الإطفاء عند بدء نشوب حريق في أحد شقق البناء وقبل ظهور الدخان أو ألسنة النار. وفي إدارة الإطفاء يوجد حاسوب يتصل بكل أجهزة إنذار المدينة ويستقبل منها معلوماتها عبر الإنترنت، وحال تلقيه إشارة إنذار سيحدد مكان الحريق وكل المعلومات المتوفرة، التي سيرسلها بدوره إلى الهاتف الذكي لرئيس جماعة الإطفاء بما يسمح لرجاله التدخل بسرعة وفاعلية أكبر. كما سيكون لكل صاحب براد ذكي أن يعرف، قبل شروعه في العودة إلى بيته، المتبقي من مواد غذائية في براده عبر هاتفه الذكي.
ارتباط الأشياء بالإنترنت سيكون عبر أجهزة إلكترونية صغرية تزود بها هذه الأشياء وتمكّنها من الاتصال وإرسال المعلومات أو تلقيها في حال أن الأشياء يمكنها القيام بفعل كما في حالة الآلات الصناعية. كما يمكن لهذه الأجهزة الصغرية والقابلة للبرمجة أن تتمتع بنوع من الذكاء (الصنعي) بما يزيد من فاعليتها. فبعض السيارات اليوم (وهي أشياء) مزودة بما يلزم من أجهزة إلكترونية تسمح لها الاتصال بالإنترنت، وبعضها يمكنه أن يرسل رسائل عبر شبكات التواصل الاجتماعي، وخاصة صفحة صاحبها، لتقول له أين هي الآن، ولتقدم تقريراً عن حالتها، مثل اقتراب موعد تغيير الزيت، أو اقتراب أجل المكابح، أو حتى تقريراً عن حالتها العامة. ويمكن لبعض التقارير أن تكون موجهة للشركة الصانعة للسيارة.
السوق المتوقعة لإنترنت الأشياء هذه تبدو هائلة، بعض التقديرات تقول بأن عدد الأشياء التي ستكون مرتبطة بالإنترنت تفوق الخمسين مليار غرض في السنوات القليلة القادمة، وأن هذه السوق تقدر بأكثر من عشرة ترليون دولار للعقد القادم. ذلك أن سوقها الأكبر، مالياً على الأقل، سيكون في الصناعة. ففي صناعة الآلات مثلاً تظهر مشكلة صيانة هذه الآلات كأمر مكلف للشركات التي تستخدم هذه الآلات وللشركات التي تقوم بصيانتها أو للشركات التي تنتجها. وعند تزويد هذه الآلات بما يسمح بربطها بشبكة الإنترنت، وكذلك تزويدها ببرامج الكشف والاختبار، ستقوم عندها هذه الآلات بإعلام شركة الصيانة عن حالتها وعن احتمال استهلاك أو عطب أحد مكوناتها عبر الإنترنت، حيث سيقوم حاسوب شركة الصيانة بإصدار طلب شراء أو تجهيز البديل. كل هذا سيحد من سلسلة التبادل والتخاطب التي يقوم بها أشخاص من الشركة المستخدمة للآلة مع أشخاص من شركة الصيانة، مع كل ما في ذلك من تأخير وخسارة للجميع. والاتصال ليس محدوداً بين الشيء والإنسان عبر الإنترنت، وإنما يمكن أن يكون بين الأشياء نفسها كما في حالة المخازن التابعة لشركة واحدة التي تتبادل ما بين بعضها مخزوناتها.
ومن هنا أصبحت الوب اليوم في جيلها الثالث، إذ أن جيلها الثاني هو الجيل الذي نعرفه اليوم والذي يسمح لنا بالتفاعل عبر الوب، أما الجيل الأول فكان جيل التلقي، أي كنا نقرأ ونشاهد من دون القدرة على التفاعل... كان الهاتف الجوال فتحاً هائلاً عندما انتشر في الأسواق، وكنا نتساءل: كيف كان لنا أن نعيش بدونه!... بعد ذلك كانت الإنترنت، ثم الجوال الذكي الذي نعيش معه الآن وعلى الهامش مع الآخرين...وغداً سنقول: كيف كنا نعيش بدون إنترنت الأشياء، فالأمثلة الذكورة أعلاه ليست إلا غيض من فيض، فانتظروا.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق