لكل شعب من شعوب الأرض موسيقاه الخاصة به
وأدواته الموسيقية التي تميزه عن أدوات الشعوب الأخرى. ولكن الموسيقى أينما كانت
تثير في نفوس أهلها مشاعر تشدهم إلى الإنصات والاستمتاع مثيرة البهجة
والشجون. وليس من بلد في الأرض تقريباً إلا ولها مغنيها وموسيقييها يحظون بنجومية
تدوم أحياناً عقوداً وعقود وتجعلهم أكثر شهرة من سياسييها أو شخصياتها التي شغلت
في وقت من الأوقات مكانة ما أو كان لها دور هام في مجتمعاتها. فموزارت أشهر
النمساويين قاطبة، وبيتهوفن من أشهر الألمان ولم يحظ أحد من عصره من سياسيين أو
قادة بما يحوز عليه حتى اليوم من شهرة، وأم كلثوم أشهر من كل رؤساء وزارات مصر ومن
أشهر الشخصيات العربية في القرن العشرين. وبعض مغني فرنسا في القرن العشرين لا تزال
ذكراهم حاضرة في وجدان الفرنسيين في حين اختفت أسماء رؤساء جمهوريات وحكومات ولم
يبق منها سوى عدد محدود.

وهذا العيد كان في الواقع فكرة قدمها المغني الأمريكي
جويل كوهين الذي كان يعمل مع الإذاعة الفرنسية "فرنسا الموسيقى" عام
1976، ونفذت الفكرة على نطاق محدود في باريس في العام نفسه، إلى أن اعتمدتها وزارة
الثقافة الفرنسية لتعمم في كل المدن الفرنسية. وانتشرت بعد ذلك في نحو 120 دولة
وأكثر من 700 مدينة (فرنسية وألمانية وبريطانية
في غالبيتها) في العالم تقوم بتنظيم هذا اليوم في مدنها على أساس مجانية العروض
ومجانية الفضاء وذلك بهدف ثقافة موسيقية عالمية.
وهذا اليوم لا يخلو من اعتراضات، من
الفرنسيين أولاً. أول هذه الاعتراضات اختيار يوم الواحد والعشرين من حزيران، الذي
قد يكون يوم عمل للناس بما يمنعهم عن مشاهدة العروض الفنية والاستمتاع بهذا العيد.
وللاعتبار نفسه فإن الموسيقى التي تصدح حتى ساعات متأخرة في الليل تسبب الإزعاج
لمن لديه عمل في اليوم التالي وتمنعه من النوم. لذا يقولون بأنه من الأفضل أن يكون
هذا العيد في أول يوم سبت بعد الواحد والعشرين من حزيران. كما أن هذا اليوم أصبح
يوماً تسوده الفوضى عموماً. فالشبان، وهم أكثر المشاركين في هذا العيد، يقبلون على
الشراب بكل ما لهذا من عواقب، كما أن المقاهي والبارات والمطاعم تبقى فاتحة
أبوابها لأطول مما هو مسموح بكل ما في ذلك من مضايقات للناس. لذا أخذت البلديات
بالإشراف على تنظيم هذا اليوم بما لا يخل بالهدف منه وبما يخفف من مضايقاته إلى
الحد الأدنى.
لم تبدي اليونسكو حتى اليوم موقفاً من هذا
العيد أو تنظيمه وهي المسؤولة عن الثقافة عالمياً، وإن كانت تشير إليه عبر فعالياتها
الموسيقية في العالم.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق