يتزايد الطلب على
المعلومات عبر الإنترنت، وهذا التزايد هو في العدد وفي كمية المعلومات التي
تتضمنها الإجابات الممكنة. فمن حيث العدد مثلا يزيد عدد طلبات البحث التي يتلقاها
محرك غوغل بأكثر من عشر مليارات في الساعة الواحدة، وهو ليس محرك البحث الوحيد.
وهو يجيب على كل طلب بعشرات ألوف الأجوبة الممكنة، بعضها قد يكون فيديوياً، ومجرد
محاولة الكشف عن محتوى الفيديو الذي قد يتضمن الجواب هو أمر يستدعي إرسال غوغل
للطالب بكمية كبيرة من المعلومات الإثنانية التي ستعالج في هاتفنا الذكي أو حاسوبنا
للتمكن من مشاهدته.
إحدى قاعات غوغل للبيانات |
عملية الطلب هذه
المرسلة إلى غوغل وتلقي احتمالات الأجوبة مرتبة وفقاً لأرجحيتها تتطلب طاقة
كهربائية. وهذا يبدأ من الحاسوب أو الهاتف الذكي الذي نستخدمه لتشكيل موضوع الطلب،
والذي سيقوم بمعالجة هذا الطلب وإرساله إلى مزود خدمة الإنترنت المتصلين به، وفي
هذا استهلاك للطاقة الكهربائية. سيقوم بعد ذلك مركز مزود الخدمة باستلام الطلب ومعالجته
وتحويله للجهة المطلوبة (غوغل في حالتنا)، وفي هذا استهلاك للطاقة قد يكون كبيراً
جداً. إذ إن كثرة من مزودي خدمة الإنترنت أصبحت مراكز للحوسبة السحابية (مركز تخزين وحماية وصيانة للمعطيات الكبيرة الخاصة بالشركات
والمصارف مثلاً مما يعفيها من هذه المهمة وتبعاتها الفنية وذلك لقاء أجر بالطبع) .
وهذه المراكز تستهلك كمية كبيرة من الطاقة. ومتوسط ما يستهلك المركز الواحد منها
في أوروبا يكافئ استهلاك مدينة صغيرة (30000 نسمة) من الطاقة الكهربائية منزلياً. جزء
كبير (40%) من الطاقة المستخدمة في هذه المركز هو لتكييف هواء قاعاتها.
وبعد أن يصل الطلب إلى
غوغل الذي ستبحث حواسيبه عن الإجابات الممكنة على السؤال موضوع البحث، وفي هذا
استهلاك للطاقة أيضاً. بعدها ستبدأ العملية المعاكسة. حيث سترسل مخدمات غوغل من
مراكزها في أمريكا الجواب إلى مزود الخدمة الذي تلقي الطلب. وسيقوم مزود الخدمة
هذا بتوجيه الجواب إلى صاحب الطلب. وفي هذا استهلاك للطاقة أيضاً. وصاحب الطلب
سيصرف حاسوبه أو هاتفه الشخصي طاقة كهربائية للاطلاع على الإجابة. وعند اختيار
إحدى الإجابات ستعاد العملية السابقة. وقد يكون استهلاك الطاقة لا بأس به عند
المتلقي إذا كانت الإجابة المشاهدة فيديو يستغرق بضعة دقائق. وفي كل مرحلة من
المراحل السابقة يجب احتساب الطاقة المستهلكة عبر الكلابلات، الأرضية والبحرية، التي
ينقل عبرها كل ذلك، أو شبكات الاتصال الجوال في حالة الهاتف الذكي، أو شبكات الوي-في في حالة الحاسوب أو الهاتف الذكي للاتصال بالإنترنت.
كل هذه العمليات السابقة تجعل من الإنترنت، وكل
الأجهزة الداخلة في الاستفادة منها، من أكبر مستهلكي الطاقة الكهربائية في العالم،
والكمية المستهلكة اليوم تزيد عن 10% من الطاقة الكهربائية المنتجة في العالم. أي
أنها تستهلك بقدر ما تنتج اليابان وألمانيا مجتمعتين من الكهرباء. وللوقوف على ذلك يقدم تقرير أمريكي (جزء من مادة هذا المقال مستقاة من ذاك التقرير) مثال استعمال الحاسوب أو الهاتف الشخصي لمشاهدة فيديو مدته
ساعة واحد أسبوعياً. فعلى مدار السنة سيكافئ مجمل الطاقة الكهربائية المستهلكة في
كل المراحل السابقة بمقدار ما يحتاج برادان منزليان جديدان على مدار سنة.
والطاقة الكهربائية
المنتجة ليست من أصول طاقات متجددة كلها، إذ لا يزال، وسيبقى على المنظور القريب
على الأقل (20 سنة قادمة) الفحم هو صاحب النصيب الأول (50%) في الطاقة الكهربائية،
يليه الغاز، ثم المصادر الهيدروليكية ثم النووية ثم الطاقات المتجددة... طبعاً
يمكن للبعض أن يجادل بأن الطاقة الكهربائية التي تستخدمها الإنترنت بمختلف
مكوناتها وفرت أشياء كثيرة كانت تستهلك طاقة كبيرة أيضاً وأن المحصلة الإجمالية قد
تكون لصالح الإنترنت بيئياً. قد يكون الجواب المباشر هذا صحيحاً، لكن الحسم في هذا
السؤال معقد للغاية. إذ يجب حينئذ إدخال عملية إنتاج الأجهزة الإلكترونية المختلفة
المستخدمة في الإنترنت والمشاكل البيئية المحيطة بالتخلص من التالف منها أو القديم
الخ.
وفي كل الأحوال فإن
أموراً يجب تعليم المستخدمين على التقيد بها للحد من استهلاك الإنترنت للطاقة الكهربائية،
منها:
1.
إرسال النصوص والصور المضغوطة في ملحقات
الرسائل الإلكترونية.
2.
عند الإجابة، حذف المرفقات، فهي موجودة لدى
المرسل.
3.
التخلص من محتويات البريد الإلكتروني الخاص
غير الضرورية واستخدام مضادات رسائل الحشو والدعاية (سبام).
4.
الاحتفاظ بقائمة المواقع المفضلة وتلك التي
نحتاجها الأكثر، وذلك بقصد التخفيف من عمليات البحث.
5.
توخي الدقة في البحث للوصول إلى النتيجة
المطلوبة من المحاولة الأولى إن أمكن.
6.
مشاهدة الفيديو الضروري فعلاً والأقصر
زمناً.
7.
استخدام وسائل التواصل الاجتماعي في الحدود
الدنيا اللازمة.
8.
التقنين في إرسال الفيديوهات أو الصور عبر
وسائل الاتصال الصوتي ، مثل واتساب وسكايبي، إلى في الحدود الدنيا.
9.
وغير ذلك من سلوكيات تحد من استخدام
الإنترنت وفقاً لحالة كل مستخدم.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق