كما الحال في المستقيم، فإن الدائرة هي شكل هندسي لا وجود له في الطبيعة،
بالرغم من الشكل الظاهر للأقمار والكواكب والشموس، فمقاطعها تبدو دائرية ولكنها
ليست كذلك تماماً. ولكن هذه الشكل الدائري الكروي شد الإنسان إليه. فهو يوحي
بالتكاثف والانجذاب نحو المركز. وهو يوحي أيضاً بالتوسع والتمدد بلا نهاية. هو
الشكل الذي لا بداية له ولا نهاية. لذا يحمّل هذا الشكل معاني الاستمرار والخلود.
كل نقاطه تبعد بعداً متساوياً عن نقطة في وسطه تسمى المركز، سواء كان الشكل
دائرة أم كرة. ومجموع النقاط الموجودة في داخل الدائرة تشكل قرصاً. والقرص بسماكة
ما يشكل الدولاب. والدولاب من أهم اختراعات الإنسان، الأمر الذي جرى في مناطق
مختلفة من بينها بلاد سومر والقوقاز وأوروبا الوسطى في الألفية الرابعة قبل
الميلاد. ولكن لا نعرف أين كان أول ظهوره وهو أمر بلا كثير أهمية، ففوائده أهم من
ذلك بكثير. فلولاه لما تطورت وسائل النقل بالشكل الذي عليه الآن، وأدوات كثيرة غير
ذلك.

وتستخدم كلمتي "دائرة" و"دوران" في شؤون شتى. فدائرة المعارف هي مؤلف يتضمن كل ما وصلت إليه المعرفة في فن أو علم عند نشره. والدائرة في مؤسسة هي مكان يختص بشؤون الموظفين والمستخدمين أو الناس تكتمل فيها عملية ما. والدائرة الانتخابية. والدارة (الدائرة) الكهربائية هي مسار متصل مغلق يسري فيها التيار الكهربائي بلا انقطاع . والدائرة هي المصيبة والنائبة من صروف الدهر. ومن دارت به الدوائر هو من نزلت به النوازل، لأنه لا انفكاك منها. وعلى الباغي تدور الدوائر، بمعنى أنه لن يسلم من العقاب.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق