ما هو الدماغ فيزيائياً؟
هو مكون نسيجي موجود
داخل جمجمة الرأس يزن بين الكيلو و 1.3 كيلو عبارة عن مادة رخوة جيلاتينية تتألف في 80% منها من الماء، مثل قنديل بحر كبير يمكن وضعه بين راحتي اليدين. وهو قادر على نحو عجيب على التفكير
والحب والكره والتعرف والتعلم والسماع والطرب والتألم والكلام والشم والمشي والرقص...، وقادر على أن
يعمل باستطاعة حاسوب هائل حجمه بارتفاع بناء من 50 طابقاً. وهو مؤلف من مناطق لكل
منها وظيفتها ولكنها تتعامل مع بعضها كشبكة واحدة. فالجزء الخلفي من الدماغ مختص
في معالجة الرؤية والتعرف على الصور، والجانب الأيسر مختص بالكلام وهكذا، وكلها تعمل مع
بعض لتتكامل في محصلتها لتشكيل فعل مهما كان نوعه.
هل لوزن الدماغ علاقة بالذكاء؟ وهل الرجل
أكثر ذكاء من المرأة؟
لا أبداً، فدماغ الإنسان ليس الأكبر بين أدمغة
الكائنات. كما أنه يجب نسبة وزن أو حجم الدماغ إلى وزن أو حجم الجسد. فجسد
الرجل عموماً أكبر من جسد المرأة. أضف إلى ذلك أن جزءاً كبيراً من الدماغ هو عبارة
عن مادة بيضاء لا علاقة لها بالتفكير. والعمليات الدماغية تتولاها المادة الرمادية المؤلفة من العصبونات والروابط بينها، وهي متماثلة وسطياً لدى الطرفين.
من أي عمر يعمل الدماغ؟
من اللحظة الأولى للولادة، وفي الواقع منذ
الأسابيع الأخيرة في بطن الأم ولكن بأمور تتعلق بوجوده داخل البطن. وهو يبدأ في
التطور منذ لحظة الولادة حيث تبدأ الروابط والصلات بالتعزز أو لا بحسب الحياة التي
يعيشها الطفل. ومن حيث المبدأ لا فرق بين طفل تُرك في الغابة بعد الولادة وطفل آخر
يعيش في كنف والديه. والاختلاف بين الاثنين يبدأ بعد ذلك بسبب الوسط الذي يعيش فيه
كل منهما. الوسط الذي يعيش فيه الثاني هو التي سيخلق الفارق. يتألف الدماغ من
قرابة 100 مليار من العصبونات ولكل منها قرابة 100 ألف رابط مع العصبونات المجاورة التي ستتعزز أو تتوقف بحسب ما سيعيشه الطفل من تجارب. ومرحلة الطفولة هي الأهم في
تشكيل الدماغ. فالطفل الذي لم يتعلم الكلام لن يتكلم لاحقاً إذا ترك وحيداً حتى سن
العاشرة مثلاً، كما أن للطفل أن يتعلم لغة أو أكثر وهو صغير وبدون لكنة، ولكن تعلم
اللغات لاحقاً سيكون مترافقاً دائماً مع لكنة تخص لغته الأصلية. كما أن من تزيد
أعمارهم عن 50 سنة مثلاً سيكون من العسير تعلمهم للغة جديدة.
عصبونان وروابطها في حالة عمل |
هل نستخدم حقيقة جزءاً بسيطاً من الدماغ؟ لا،
نستخدم دائماً ما نحتاج. بما أننا لا نحتاج إلى كل شيء فإننا نجد الجزء الذي يعمل
من الدماغ في كل لحظة هو بحدود 10%. ففي الليل لا يعمل الجزء الخاص بمعالجة الرؤية
مثلاً، وأثناء النوم لا يعمل الجزء المسؤول عن الكلام. ولكن الدماغ يقوم بوظيفته
دائماً ويعمل بكل طاقته ليلاً نهاراً، في النوم كما في الصحو، بما يتوافق والحاجة.
كيف
تعمل الذاكرة؟ يتطلب التذكر إدراك المعلومات أولاً. أي يجب السماع أو الرؤية ومن ثم
تسجيل معلومات الكلام أو النظر. من ثم يكون التخزين بعد ترميز المعلومات بحسب لغة
العصبونات على حامل مادي من نوع خاص من البروتينات. كما أنه لا يمكننا تذكر كل ما
نراه ونسمعه، لحسن الحظ، وإلا لقادنا ذلك إلى الجنون ربما. وما يساعد على التذكر هو
النظام الانتباهي الموجود لدى الإنسان الذي تؤثر فيه مجموعة من العوامل الفيزيائية
(الصحة والراحة...) والنفسية (الانشغال بهموم ضاغطة...). فكلنا نتذكر اليوم
الأول في المدرسة، وأول هدية تلقيناها... نتذكر ذلك على وجه العموم ولكن ليس بالتفصيل أو بدقة.
بقي أن نسأل: ما الذي نجهله عن الدماغ؟ هناك
أشياء كثيرة كثيرة مثل نوع البروتينات التي تساعد على اختزان المعلومات ...
والكثير عن الأمراض الدماغية... لا يزال الطريق طويلاً ولكن الخطى في تسارع كبير
في هذا المجال.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق