حصل في هذا اليوم الرابع من تشرين الأول عام
2016 ثلاثة بريطانيين هم ديفيد ثولس (وهو
اسكتلندي من مواليد عام 1934) دونكا هالدان (بريطاني من مواليد لندن لعام 1951) ومايكل
كوسترليتز (اسكتلندي من مواليد عام 1942) على جائزة نوبل للفيزياء
"لاكتشافاتهم التي سمحت بتقدم في الفهم النظري لأسرار المادة الذي ولّد
تطلعات جديدة لتطوير مواد مجددة" كما جاء في بيان مؤسسة نوبل. وتابعت اللجنة الخاصة بالفيزياء قائلة إن
" الحائزين على جائزة نوبل لهذه السنة فتحوا الطريق إلى عالم غير معروف حيث
يمكن للمادة أن تأخذ حالات عجيبة. وقد استخدموا وسائل رياضياتية متقدمة لدراسة
أطوار أو حالات غير عادية للمادة، مثل الناقلية الفائقة، أو السيولة الفائقة أو
الأغشية المغناطيسية الرقيقة". وستكون تطبيقات ذلك كثيرة في علم المواد وفي
الإلكترونيات.
وجاء في عنوان عملهم تعبير "مواد
غريبة" التي درسوها باستخدام ما أسموه "تبدلات الأطوار الطوبولوجية". وكلمة
أطوار يمكن فهما ببساطة مما هو معروف شائع من أن للمادة أطواراً (حالات) ثلاثة هي
الغاز والسائل والجامد. ولكن هناك ما هو أكثر من ذلك مثل المواد الحديدية القابلة
للمغنطة التي يمكن أن تتمغنط بطريقة عفوية عندما توجد في وسط درجة حرارته أقل مما
يسمى بالدرجة الحرجة، كما أن بعض المواد تصبح فائقة الناقلية (أي فقدان مقاومة
التيار الكهربائي تماماً) عند تبريدها إلى درجات حرارة منخفضة. ويمكن أن توجد
حالات أو أطواراً أخرى لبعض المواد في ظروف محددة.
وقد درسوا إمكانية الأطوار الأخرى باستخدام أداة
رياضياتية درست جيداً على مدى عقود من قبل الرياضياتيين تسمى الطوبولوجيا التي
يحلو للبعض أن يسميها "هندسة المطاط"، وهي تسمح بتصنيف الأشياء الهندسية
وفق مواصفاتها وليس مظهرها. فالمحني غير المغلق يكافئ قطعة مستقيمة،
لأنه يمكن الوصول إلى القطعة المستقيمة من المنحني بإجراء بعض التحويلات (من ثني وبسط
وشد وفك عقد الخ، أو ما نسميه تحويلات). وكذلك فإن أي منحني مغلق يكافئ دائرة مهما كان هذا الشكل المغلق
عبر الضغط هنا والشك هناك، وذلك بإجراء تحويلات مناسبة أيضاً. وكذلك البالون المنفوخ الذي يمكن الضغط عليه هنا أو هناك (بدون أن ينفجر بالطبع) ليبقى في كل حالاته مكافئاً للبالون في وضع الراحة. ولكن يجب الانتباه إلى أنه لا يمكن للمنحني المغلق أن يكافئ القطعة
المستقيمة إلا إذا جرى كسره، هذا غير مقبول في هذه الهندسة. واستناداً إلى هذه
الرياضيات تمكن هؤلاء الفيزيائيون من تحديد مواد بمظاهر مختلفة انطلاقاً من
تحويلات معتمدة ومدروسة جيداً في الطوبولوجيا تسمح بالانتقال من شكل إلى أخر أو من
طور للمادة إلى طور آخر.
وجائزة نوبل للفيزياء هذه هي الثانية في هذا
العام بعد الطب التي حاز عليها الياباني يوشينوري أهسومي عن إعادة توالد الخلايا.
سيلي هذه الجائزة جائزة نوبل للكيمياء ثم السلام ثم الاقتصاد ثم الأدب يوم الثالث
عشرة من تشرين الأول هذا.
بقي أن نقول إن هؤلاء الفيزيائيين الثلاثة
يعملون في مخابر في الولايات المتحدة الأمريكية، ربما لنقص التمويل اللازم في
بريطانيا لأبحاثهم... أبحاث اليوم مكلفة للغاية وليس إلا لبعض الدول إمكانية
التمتع بهذا الترف.
ألف شكر على جهودك النيّرة ... يسعد صباحك أخي نور
ردحذف