السوم
somme
هي
منطقة تقع غربي شمالي فرنسا،
سميّت كذلك باسم النهر الذي يجري بها.
وفي
جزئها الشمالي الشرقي جرت أكبر معارك
التاريخ ربما من حيث عدد ضحاياها من المقاتلين.
وهذه
المعركة هي إحدى معارك الحرب العالمية
الأولى.
وهي
حرب من أشرس الحروب التي عرفتها البشرية
من حيث عدد الضحايا وأنواع الأسلحة التي
استخدمت فيها. ففيها استخدمت الرشاشات
الألمانية (7
طلقات
في الثانية)
القاتلة
التي كانت تفتك بجنود الحلفاء وكذلك المدافع
الثقيلة وملايين القذائف وكذلك الأسلحة
الكيمائية والغازات النارية.
جرت
هذه المعركة بين الأول من تموز عام 1916
والثامن
عشر من تشرين الثاني، اي أنها استمرت 140
يوماً.
كان
الهدف منها إحداث خرق في الجبهة الألمانية
في تلك المنطقة وزعزعة ثقة الألمان
بإمكانية النصر بعد
سنتين من انطلاق الحرب العالمية الأولى،
إضافة
إلى ما يتطلب ذلك من جهد عسكري ألماني
سيضعف من قوة
الألمان
على جبهات أخرى مثل جبهة فردان أو الجبهة
الشرقية التي كانت مشتعلة بين الروس
والألمان.
شارك
في هذه المعركة الألمان من طرف والبريطانيون
بشكل أساسي والفرنسيون والكنديون
والأستراليون وغيرهم من الطرف الثاني.
بدأت
المعركة بقصف كثيف من طرف الحلفاء استمر
ثمانية أيام،
شاركت فيه مدافع صُفّت على مدى 35
كيلومتراً،
بين المدفع والتالي 18
متراً.
وصل
عدد القذائف التي أطلقت إلى 3500
قذيفة
في الدقيقة الواحدة، وسمعت أصوات المدافع
عند الشواطئ البريطانية،
أما عدد القذائف فالتقديرات تقول أنه كان
بواقع خمس قذائف لكل جندي ألماني.
أعقب
الإنكليز هذا
التمهيد المدفعي بشن
هجوم بري بهدف كسر الخطوط الألمانية،
وفعل الفرنسيون مثلهم.
لكن
المفاجأة كانت كبيرة بأن القصف التمهيد
الطويل لم يؤثر في الطرف الألماني الذي
استخدم رشاشاته بحنكة كبيرة مكنته من
إخراج
30
ألف
جندي من المعركة بين قتيل وجريح في الدقائق
الست الأولى.
قتل
عشرة آلاف جندي بريطاني في الساعة الأولى
من الهجوم البري، وانتهى اليوم الأول
للهجوم بخروج نحو 58
ألف
جندي بريطاني من المعركة بينهم نحو 19
ألف
قتيل...
ولكن
هذا لم يمنع القادة العسكريين من متابعة
الهجوم في الأيام اللاحقة...
فمن
يقتل في الحروب هم الجنود وليس الجنرالات!
لم
يكن الجنود
البريطانيون مدربين بما يكفي، وهم في
غالبيتهم كانوا
من
المتطوعين لخوض الحرب وليسوا جنوداً
نظاميين، فبريطانيا وقتها لم تكن تعرف
الخدمة الإلزامية،
كما أنه لم يكن لديها من الضباط ما يكفي
لقيادة الجنود في الخطوط الأولى.
لكنهم
استخدموا الدبابة في هذه المعركة لأول
مرة في التاريخ، وكانت مفاجأة بالنسبة
للألمان، ولكي يتمكن الإنكليز من إخفاء
هذه الآلة الغريبة أشاعوا أنها مجرد خزان
ومنه جاء اسمها بالإنكليزية tank
أي
"خزان".
وفي
هذه المعركة أيضاً
استخدم
الإعلام
على نحو كبير وخاصة
السينما التي
نقلت بعض جوانب هذه المعركة إلى صالات
العرض في بريطانيا لرفع معنويات البريطانيين
ودعوتهم للمشاركة كمتطوعين في المعركة...
وجندوا
أيضاً شارلي شابلن لرفع معنويات الجنود
والجمهور البريطاني.
انتهت
هذه المعركة بإصابة أكثر
من مليون جندي بين قتيل وجريح، كان نصيب
البريطانيين هو الأكبر، فقد قتل منهم نحو
206
ألف
جندي و 170
ألف
من الجنود الألمان و نحو 66
ألف
قتيل فرنسي، ذلك أن معركة فردان كانت قد
أنهكت الفرنسيين.
اي
أن عدد المصابين بين قتيل وجريح كان 7
آلاف
وسطياً كل يوم، هذا طبعاً غير المدنيين!
أما
عن نتيجة هذه المعركة فهي لا شيء، لم يتمكن
الحلفاء من إحراز سوى تقدم بسيط لبضعة
كيلومترات، وانتهت المعركة بلا رابح ولا
خاسر، ولكن هذا لم يمنع الطرفين من ادعاء
تحقيق
أهدافهم
أمام جماهيرهم على
الأقل...
علماً بأنه في الحرب لا يوجد رابح أبداً، فالحرب هي
الخسارة بالتعريف... وهكذا كانت نتيجة الحرب العالمية الأولى المجنونة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق