هي أكبر الحروب التي عرفتها البشرية حتى
تاريخها بين نهاية تموز عام 1914 وتشرين الثاني عام 1918. شاركت فيها دول كثيرة
انقسمت بين دول المحور المتمثلة في فرنسا وبريطانيا وروسيا ودول المركز المتمثلة
في الإمبراطورية الهنغارية-النمساوية وألمانيا. التحق بدول المحور بعد فترة كل من
إيطاليا وبعد ثلاث سنوات تقريباً الولايات المتحدة وبعض الدول الأخرى زاد عددها عن
العشرين. كما التحققت تركيا بدول المركز وكذلك مملكة بلغاريا.
الحرب أشعلتها حادثة اغتيال ولي عرش النمسا وزوجته على يد صربي فقررت النمسا الانتقام وشجعتها على ذلك ألمانيا التي لم تنتظر طويلاً لاحتلال بلجيكيا والوصول إلى فرنسا لتتدخل بريطانيا دفاعاً عن بلجيكيا. أما الإمبراطورية الهنغارية-النمساوية فقد غزت صربيا مما دفع روسيا للتدخل زوداً عنها. ولكن الأسباب الحقيقة هي بإيجاز حاجة ألمانيا إلى الموارد الأولية الموجودة في أفريقيا والشرق الأوسط وتمسك كل من فرنسا وإنكلترا بها دون السماح للألمان بمشاركتهما. أما روسيا فكانت تعيش مشاكل داخلية كثيرة وعانت في مطلع القرن العشرين من هزائم عسكرية في الشرق والجنوب فأملت بأن تكون محاولة الدفاع عن صربيا مخرجاً لها. ومن هنا يمكن فهم تقاسم الشرق الأوسط بين إنكلترا وفرنسا (سايكس بيكو) والذي كانت روسيا مشاركة فيه إلى أن قامت فيها ثورة أكتوبر لعام 1917. لذا كانت الولايات المتحدة تسمي هذه الحرب بالحرب الأوروبية.
شارك في هذه الحرب أكثر من ستين مليون
جندي من مختلف جنسيات العالم. وبلغ عدد ضحاياها نحو 18.6 مليون قتيل مناصفة
تقريباً بين عسكري ومدني، ونحو 23 مليون جريح (من الجيوش فقط) أصيبت نسبة كبيرة منهم بالعجز، ونحو
8 ملايين مفقود من الجيوش. استخدمت في هذه الحرب اسلحة جديدة منها الدبابة والطائرة وإن كان
على نحو محدود، كما استخدمت الأسلحة الكيمائية من غازات ونافثات لهب.
ومن نتائجها أن اختفت دولٌ بعد هذه الحرب مثل
الإمبراطورية الهنغارية النمساوية، وانهيار الإمبراطورية الروسية والإمبراطورية العثمانية.
وظهرت دول جديدة مثل الاتحاد السوفيتي وتشيكوسلوفاكيا. وتقلصت مساحة ألمانيا بمقدار 15%. وتغيرت حدود دول
كثيرة في أوروبا والشرق الأوسط، وانتقلت دول من الملكية إلى الجمهورية، وأنشئت عصبة الأمم بهدف منع الحروب ولكنها كانت تجيز وصاية دول على دول أخرى!
ولكن هذه الحرب لم تصل إلى نتيجة. توقفت بسبب انهاك القوى المشاركة فيها وتدخل الولايات المتحدة إلى جانب الحلفاء، دون أن يكون هناك مهزوم أو منتصر. عُقد مؤتمر فرساي في أيار عام 1919 لصياغة اتفاقيات سياسية ترضي المتحاربين، شارك فيها الحلفاء الأساسيون دون دول المركز. ولكن الاتفاقات السياسية لم تكن عادلة من حيث ما توصلت إليه. فغير تغيير الحدود فرض الحلفاء على ألمانيا تعويضات بقيمة تنوف عن 47 طناً من الذهب، اي نحو 2 تريلون دولار باسعار اليوم. وبذا لم تكن الاتفاقيات السياسية إلا فشلاً أكثر من تلك الحرب نفسها. وكل هذا لم يكن نتيجته إلا الحرب العالمية الثانية الأكثر وحشية ودماراً...
صمت السلاح لا يعني انتهاء الحروب، فالحروب لا تنتهي إلا إذا سكنت القلوب، وإلا فهي جمر بركان بانتظار الانفجار ثانية ... كانت هذه لربما أكبر دروس الحرب العالمية الأولى.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق