مولده في قرية عشقوت اللبنانية عام 1804 لأسرة مارونية، تحول بعدها
إلى البروتستناتية (الإنجيلية) مقلداً لأخيه أسعد الذي عانى من التعذيب جراء تغيره
لمذهبه، فغادر فارس إثر ذلك إلى مصر خوفاً على نفسه عام 1825 قبل وفاة أخيه التي
كانت عام 1830. وفي مصر تزوج من ماري الصولي وأنجبا ولدان. وبين عام وصوله إلى مصر
وحتى عام 1848 عمل فارس الشدياق بين القاهرة ومالطة. ففي القاهرة عمل رئيساً لمجلة
الأوقاف المصرية، وفي مالطة كمدير لمطبعة الإرساليات الأمريكية. وفي أثناء ذلك درس
الفقه في جامعة الأزهر. ترك القاهرة لأسباب مادية ومكث في مالطة طيلة أربع عشرة
سنة حيث عمل مترجماً ومنقحاً ومدرساً للعربية. وفي عام 1848 دُعيّ إلى كامبردج
وشارك في ترجمة الكتاب المقدس الذي نشر بالعربية عام 1857، وتعتبر هذه الترجمة من
أفضل الترجمات. حصل على الجنسية البريطانية ولكنه غادر بريطانيا إلى باريس عام
1850 بسبب عدم حصوله على وظيفة أستاذ في أكسفورد. وفي فرنسا كتب معظم إنتاجه
الأدبي واللغوي، وتعرف إلى "الاشتراكية"، وهي كلمة من تعريبه. تعلم
الفرنسية لغة أخرى غير ما كان يعرف من اللغات من العبرية والسيريانية والتركية
والإنكليزية.
كتب في فرنسا قصائد مديح بحق باي تونس والخليفة العثماني عبد المجيد.
فما كان من الأول إلا أن دعاه إلى الإقامة في تونس حيث أنشأ جريدة رسمية باسم "الرائد"
عام 1860، وفي هذا العام اعتنق الإسلام واتخذ اسم "أحمد". ومن ثم غادر
تونس إلى استنابول تلبية لدعوة السلطان عبد المجيد الأول حيث سيمضي ما تبقى له من
حياة. وهناك أسس جريدة "الجوائب" التي مولها العثمانيون وكانت واسعة
الانتشار في أرجاء الدولة العثمانية كما كانت مصدر أخبار للدول الأخرى سواء لما
تحتويه من معلومات أو تحليلات، فكتابها وخاصة الشدياق، كانوا مقربين من رجال السلطة
العثمانية. كان الشدياق مدافعاً عن اللغة والثقافة العربية، كتب في
"الجوائب" مقالات ضد التتريك الذي كان الإصلاحيون الأتراك ينادون به في
القرن التاسع عشر.
وبهذا فهو أحد الآباء المؤسسين للصحافة العربية، وغير الترجمة فقد كان
محباً للغناء والموسيقى وشاعراً مجدداً وروائي صاحب أسلوب مميز كما جاء في روايته التي
تعتبر الرواية الأولى في العربية وعنوانها " الساق على الساق في معرفة الفارياق-الشدياق".
وهي نوع من السيرة الذاتية يظهر فيها في أماكن متعددة اعتزازه ومعرفته الواسعة بلغته
العربية... وفيها يروي كيف أن أناساً سطوا يومياً على بيتهم وتركوه قاعاً
صفصفاً... ولكن أحد السارقين أعاد الطنبور إلى قس القرية لأن أحداً لم يشتره منه
ورد القس الطنبور للفارياق (نصف من فارس ونصف من شدياق)....وهنا يأخذ الشدياق بوصف
الطنبور ويقارنه بالأرغن:
"...فإن الطنبور بالنسبة إلى الأرغن كالغصن
من الشجرة وكالفخذ من الجسم. إذ لا يسمع منه إِلا طنطنة وفي الأرغن طنطنة ودندنة
وخنخنة ودمدمة وصلصلة ودربلة وجلجلة وقلقلة وزقزقة ووقوقة وبقبقة وفقفقة وطقطقة
ودقدقة وقعقعة وفرقعة وشخشخة وجرجرة وغرغرة وخرخرة وقرقرة وبربرة وطبطبة ودبدبة
وكهكهة وقهقهة وبعبع وبعبعة وزمزمة وهمهمة وحمحمة وغطمطة وتأتأة ودأدأة وضأضأة
ويأيأء وقأقأء وصهصلق وجلنبلق وغطيط وجخيف وفحيح وحفيف ونشيش ورنين ونقيق وطنين
وعجيج وأرير ودوي وخرير وأزيز وهرير وصريف وصرير وشخب,,," ولمن يريد قراءة
الكتب فهو متوفر في مواقع عديدة مجاناً.
توفي الشدياق في اسطانبول عام 1887 وطلب أن يدفن في لبنان، فكان له ما
طلب. حيث دفن في قرية حديثة التي عاش فيها، ولكن نقل جثمانه لاحقاً إلى الحازمية
في بيروت... وعلى حد قول بعضهم فلم يكن معروفاً إن كان يجب دفنه مع المسيحين أم مع
المسلمين الذي ساروا في جنازته عند وصول جثمانه إلى بيروت وصلوا عليه في المسجد
العمري.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق