احتاج الإنسان منذ
بداية عهده بالحضارة إلى إرسال الرسائل، رسائل إلى آخرين لإعلامهم بأمر ما، حسناً
كان أو سيئاً. رافقه هذا الهاجس على مر الزمن. اخترع لذلك أشياء وأشياء، من الرسل
إلى الحمام الزاجل مروراً بطرق الخيل السريعة التي أصبحت منذ القرن السادس عشر
ما يعرف حتى اليوم بالبريد.
ومن بين الرسائل رسائل الاستغاثة. وهذا النوع من الرسائل تزايدت أهميته مع تطور
النقل الذي لم يكن يخلو من الحوادث، حوادث تزداد نسبتها مع تزايد حركة النقل. واخترع لذلك في
يوم ما أنظمة تستخدم مرايا تعكس الضوء، يمكن رؤيتها عبر مسافات بآحاد أو عشرات
الكيلومترات، تشكل شبكة فيما بينها، واستعملت هذه الشبكات ترميزاً محدداً للإشارات يمكن
أن يبقى سرياً إلا على أفراد شبكة التراسل هذه. وكان لهذه الشبكات أن تنقل المعلومات والأخبار.
سفينة البريد الملكية مزودة بأبراج اتصالات بداية القرن العشرين |
اخترع في أربعينيات
القرن التاسع عشر التلغراف الكهربائي، واخترع مورس ترميزه الشهير لاستخدامه في
التلغراف في عام 1840. الذي وضع لكل محرف من محارف اللغة عدداً من النقاط والشحطات
التي يمكن التعبير عنها كهربائياً بسهولة. ثم اختُرع الهاتف من قبل عديدين (أشهرهم ألكسندر بل عام 1876، وأمهرهم في تسجيل براءات الاختراع)، وكان ذلك بداية لعصر جديد،
وتبعه في الحال اللاسلكي، الذي كان له أكثر من مخترع أيضاً (أكثرهم شهرة هو ماركوني عام
1897 وأمهرهم أيضاً في تسجيل براءة الاختراع). ولم يستخدم اللاسلكي في البداية لنقل الكلام المسموع وإنما
لنقل إشارات التلغراف بترميز مورس. كان لأمواج اللاسلكي أن تقطع مسافات بعيدة وهذا
ما جرى اختباره في مطلع القرن العشرين. وفي عام 1912 أرسلت رسالة خبر غرق سفينة التايتانك إلى
البيت الأبيض باستخدام التلغراف اللاسلكي. وكان ماركوني قبلها قد أرسل رسائل لاسلكية
بين طرفي الأطلسي.
بالاستفادة من هذه
الأدوات أصبح من الممكن إرسال رسالة استغاثة من قارب في البحر أو من بلدة أو من
مكان ما. وفي عام 1906 عُقد مؤتمر اللاسلكي العالمي الثاني في برلين واتفق فيه على
أن تكون الرسالة التي تحمل الحروف SOS هي إشارة الاستغاثة.
ترميز مورس للأحرف اللاتينية الكبيرة والأرقام |
وهذه الإشارة يقابلها في ترميز مورس ثلاث
نقاط تليها مباشر ثلاث شحطات ثم ثلاث نقاط، وتعامل ككلمة واحدة بدون فراغات. وهو
ترميز اختير لسهولته في الإرسال والاستقبال حتى في الظروف الصعبة. يمكن إرساله إما
بتردد 500 كيلو هرتز أو بتردد 8364 كيلو هيرتز. بقيت كلمة SOS في اللغات
الأوروبية للدلالة على أننا في ورطة.
بقي أن نقول إن
هذه الرسالة أعطيت فيما بعد تسميات عديدة من نمط Save Our
Souls
(أنقذوا أرواحنا) أو Save Our Ships (أنقذوا سفينتنا) أو Send Out Succour (أرسلوا من ينقذنا)، ولكن لا
شيء من هذا، كانت بساطة الرسالة هي سبب التسمية، فالأبسط هو الأجمل!
جميل لكن نريد نموذج
ردحذف