الثقب
الأسود هو نجم قزم متحول عن نجم كان في يوم ما نجماً عادياً كبيراً تساوي كتلته عدة
مرات كتلة الشمس، وهذا التحول يكون عقب مجموعة من الانهيارات الجذبية.
لفهم
ذلك يجب الانتباه إلى أن النجم هو كرة غازية من الهيدروجين أساساً، يتصرف كآلة
لصنع ذرات يتزايد ثقلها بفعل الاندماج النووي. فمثلاً تندمج نواتان خفيفتان من
الهيدروجين لتشكلا نواة جديدة أثقل، واندماج أربع نوىً من الهيدروجين سيؤدي إلى
نواة هيليوم. وفي عملية الاندماج هذه تتولد الكثير من الطاقة مما يجعل النجوم تضيء.
ومن
ثم، سيكون لدينا في داخل النجم قوتان: الأولى مصدرها الضغط الإشعاعي الناجم عن
الطاقة المتولدة من الاندماج والتي ستؤدي إلى تمدد النجم وخفض درجة حرارته؛ والثانية
هي قوة الجذب الناجمة عن الوزن المتزايد للنوى الجديدة الثقيلة المتشكلة بالاندماج، والتي
تدفع بالنجم إلى الانهيار على نفسه، مما يزيد من درجة حرارته في الداخل الأمر الذي يؤدي
إلى اندماج أكبر لعناصر أثقل فيه.
وهكذا
فإن النجوم تمر بمراحل من التمدد والتقلص، ولكنها لا تنتهي كلها إلى المصير نفسه.
لنأخذ حالتين قصويين. الأولى لنجوم صغيرة تهيمن عليها قوة الضغط التي ستجعلها
تتمدد وتبرد ولا تحدث فيها تفاعلات نووية لتشكيل عناصر أثقل، ومن ثم تتحول هذه
النجوم إلى نجوم قزمة بُنيّة، أو نجوم "خائبة"، ويتوقف وهجها وتموت. أما
النجوم الثقيلة فستصبح كثافتها أكبر بسبب انهيارها المستمر على نفسها، وفي آخر
مراحلها تنفجر في الفراغ ناشرة ضوءً هائلاً (سوبرنوفا) وتقذف بقشرتها في الفضاء.
ولكن قلبها يكون ذا كثافة عالية، كما لو أن الأرض كلها اختزلت إلى كرة صغيرة بنصف قطر
يساوي 1 سم. وإذا كانت هذه الكتلة الناتجة أثقل بمقدار 2.3 مرة من الشمس تصبح ثقباً
أسوداً.
كيف
نستدل على وجود هذه الثقوب السوداء، التي لم تعد تشع ضوءً نراه؟ بما أن هذا الثقب
الأسود صغير الحجم وعالي الكثافة جداً، لذا فهو لا يترك شيئاً يمر بجواره إلا ويجذبه، ومن ثم فلا
يمكن كشفه! ولكن لحسن الحظ فإن ما يمر بجواره، من كوكب أو أشعة أو أي شيء، يجري
ابتلاعه في عملية احتضار بطيئة: فهذا الشيء الذي يجري ابتلاعه ترتفع درجة حرارته
جداً ثم يتشوه قبل أن يبتلعه الوحش (الثقب الأسود) ناشراً أشعة ذات طاقة عالية.
وهذه الأشعة، هذه الصرخة الأخيرة، هي ما تلتقطه المراكب الفضائية من أشعة سينية أو
أشعة غاما، وذلك بحسب نوع الثقب الأسود، ومن ثم نستدل على وجوده.
بقي أن نقول إن بعض الثقوب
السوداء ذات كتلة تعادل عشرات المرات كتلة الشمس وأخرى بملايين المرات وأن المجرة
المسماة NGC 1277 تضم ثقباً أسوداً كتلته تفوق كتلة الشمس بمقدار 17 مليار مرة وله
أن يبتلع كل ما يمر بجواره وعلى بعد ملايين الكيلومترات... فحذار حذار الذهاب إلى
هناك!!
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق