يمثل النمو السكاني العالمي هاجساً دائماً
دون أن يكون له حل معقول. فانخفاض نسب الخصوبة يعني زيادة نسبة كبار السنّ الذين
يحتاجون إلى الشباب لإعالتهم والاعتناء بهم، وهي حلقة بالغة التعقيد يصعب برمجتها بحيث
تقابل نموذجاً سكانياً معقولاً يأخذ في الاعتبار الحاجات الاجتماعية وإمكانات
الأرض الغذائية بما يحافظ على المجتمعات وأمنها وكذلك الأرض وعدم إنهاكها بما لا
تستطيع.
في تقرير حديث نشرته الأمم المتحدة مراجعة للتوقعات الديموغرافية للعالم جاء فيه أن عدد سكان الأرض حالياً هو 7.6 مليار نسمة
وأن هذا العدد سيصل إلى 9.8 مليار بحلول عام 2050 وأنه سيبلغ 11.2 مليار عام 2100.
وأن هذه الزيادة ستترافق مع تغيّر في ترتيب الدول السكاني. فالهند (1.3 مليار
حالياً) ستحتل المرتبة الأولى في عام 2024 وستكون الثانية هي الصين (1.4 مليار
حالياً)، وهما الدولتان اللتان يعيش فيهما قرابة 37% من سكان العالم. كما أن نيجيريا ستحل ثالثاً (وهي السابعة
حالياً) في عدد السكان سابقة في ذلك الولايات المتحدة قبل حلول عام 2050.
وفي عام 2050 ستأتي نصف الزيادة من تسع دول
هي على الترتيب: الهند ونجيريا وجمهورية الكونغو الديموقراطية والباكستان والحبشة
وجمهورية تنزانيا المتحدة والولايات المتحدة وأوغندا وأندونيسيا. وكما هو ملاحظ
فإن خمس دول من التسع هي أفريقية، وفي الواقع فإنه من المتوقع أن يتضاعف عدد سكان
أفريقيا بين العام الحالي وعام 2050. وسيكون التركيز الأعلى للسكان في الدول الأقل
نمواً مما سيجعل تحقيق أهداف الأمم المتحدة لعام 2030 صعب المنال، وهي أهداف تتعلق
بإنهاء الفقر والجوع والتوسع في مجالات الصحة والتعليم والمساواة بين الرجل
والمرأة وتمكين المرأة.
من جهة أخرى فإن انخفاض معدل الزيادة
السكانية يرافقه شيخوخة المجتمع. فعدد السكان الذين سيزيد عمرهم عن 60 عاماً
سيتضاعف عام 2050 عما هو عليه عام 2017 وسيكون ثلاث مرات أكثر عام 2100. فعددهم
حالياً هو 962 مليون وسيكون 2.1 مليار عام 2050 أما في عام 2100 فيقد بأن عددهم
سيكون 3.1 مليار شخص. وفي أوروبا فربع سكانها يزيد أعمارهم عن 60 عاماً وسيبلغ
عددهم نسبة 35% مع حلول عام 2050 وستحافظ أوروبا على هذه النسبة حتى نهاية القرن
الحالي. أما أفريقيا فستبقى شابة بمعدل 5% من السكان حالياً بأعمار تزيد عن 60 سنة
وستكون هذه النسبة 9% عام 2050 لتصل إلى 20% مع نهاية القرن الحالي. أما عدد
السكان الذين تزيد أعمارهم عن 80 عاماً فمن المتوقع أن يبلغ قرابة المليار، أي
سيتضاعف بسبع مرات عما هو عليه الآن. ومشكلة الشيخوخة هذه ستشكل العبء الاجتماعي
الأكبر في العقود القادمة، ... وهو عبء تقع مواجهته على السياسيين بالدرجة الأولى.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق