الخَصيّ هو الذي سلَّت خُصيتاه أو نزعتا، وهو
في العموم من أزيلت أعضاؤه التناسلية من نبات أو حيوان أو إنسان، وهو أمر محرّم
اليوم في كل دول العالم. ولكن المقصود تاريخياً بالخصي هي الرجل الذي انتزعت منه
أعضاؤه التناسلية لغايات تختلف بحسب العصر والمجتمع.
مورس ذلك في أوروبا الغربية على الأطفال للحفاظ
على قدرة المخصيين على الغناء بصوت حاد كصوت الأطفال ولكن له قوة صوت الرجال بعد
تجاوزهم سن البلوغ. ذلك أنه لم يكن مسموحاً للنساء بالغناء في الكنائس. ومن بين
الملحنين الذين كانوا يبنون مسرحياتهم الغنائية (أوبرا) على مشاركة أصوت المخصيين
هو الموسيقي الأشهر موزارت (1756-1791)، وبعضها يصعب اليوم توفير مغنين قادرين على
أداء هذه الألحان التي تتطلب مثل تلك الأصوات. ولكن بابا روما كليمنت الرابع عشر
منع ممارسة الخصاء منذ نهاية القرن الثامن عشر. إلا أن ذلك استمر في القرن التاسع
عشر لتميّز أصوات هؤلاء عن أصوات النساء. ومن أشهر الخصيان المغني الإيطالي
أليساندرو موريستشي الذي توفي في روما عام 1922.
وفي بلاد فارس الأخمنيدية وكذلك في
الإمبراطورية البيزنطية والإمبراطورية العثمانية والصين وفيتنام والهند والعالم الإسلامي مورس الخصاء، وكان
للخصيان هؤلاء إمكانية الوصول إلى وظائف إدارية عالية في الدولة، خاصة في الصين
وبيزنطة. فليس لهؤلاء إمكانية تكوين عائلة، ومن ثم فإن طموحاتهم الشخصية تكون شبه
معدومة، ولا خوف منهم. ففي نهاية حكم عائلة سوي كان عدد موظفي المدينة المحرمة في
بكين نحو 70 ألف خصي. منعت هذه العملية في نهاية القرن التاسع عشر، وقدر عدد
الخصيان في الصين بنحو 470 خصيّاً عام 1912، توفي آخرهم عام 1996. وصل بعضهم إلى
مناصب عالية في الدولة وكانت صلاحيات بعضهم تعادل صلاحيات كبير الوزراء. وفي
بيزنطة وصل بعضهم إلى رتبة بطريرك أو قائد جيش. وأشهرهم في العالم الإسلامي كافور الأخشيدي الذي كان حاكماً لمصر في القرن العاشر. وفي الدولة العثمانية كان لبعضهم
مسؤولية حراسة قصور حريم السلطان وإدارتها لكونهم بلا رغبة جنسية كما كان يعتقد،
ولكن الجاحظ يقول بغير ذلك فيما يبدو وكذلك الفيلسوف الفرنسي فولتير!
ولكن لم يكن الأمر كذلك دائماً. ففي الصين
كان الخصاء إحدى خمس عقوبات يمكن إنزالها بحق المجرمين. كما مارسها العرب على الكثير
من العبيد الأفارقة ضمن تجارة الرقيق لدرجة أنه لم يبق من ذريتهم سوى القليل. وعملية الخصاء بحد ذاتها كانت تودي بحياة معظم من تمارس
عليهم هذه العملية وخاصة في حالة البالغين. وفي اليونان القديمة مورس الخصاء
الذاتي من قبل رجال اشتد بهم الهوس الصوفي من الراغبين في أن يكونوا رهباناً في
معابد الإلهة الكبيرة "سيبل"، وكان لهذا الأمر يوم خاص سميَّ بيوم الدم.
كما أن طائفة سكوبتزي الروسية كانت تمارس ذلك في القرن الثامن عشر لاعتقادها أن
هذا طريق للابتعاد عن الخطيئة. وفي القرن العشرين مارس ذلك بعض من أبناء جماعة
"باب الجنة" الأمريكية.
يمارس ذلك اليوم كيمائياً على بعض الحيوانات
الأليفة كالقطط، وربما أيضاً على بعض البشر... وسواء كان هذا أو ذاك فإن الأمر مناقض
للطبيعة والحياة!
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق