بمعنى أن يكون للأفراد من أصحاب الأعمال
الفكرية، مثل الكتّاب والشعراء والفنانين عموماً والمخترعين والمكتشفين ومطوري
النظريات ومطوري التكنولوجيات ومن كان في حكمهم، حق امتلاك إنتاجهم الفكري. وهذا
الحق يمكن تثبيته إما في براءة (اختراع أو اكتشاف..) أو وثيقة من مؤسسة (جامعة،
مركز أبحاث...) تشهد وتثبت هذا الحق. كما يمكن تثبيت هذا الحق بوضع اسم صاحبه على
منتجه، كما هو الحال في حالة الأشياء المكتوبة أو الفنية المصنوعة. وحماية هذه
الحقوق تخضع لقوانين تختلف من بلد إلى آخر، من حيث التفصيل والمدى (خاص أو عام،
على المستوى الوطني أو العالمي...) والمدة والتطبيق وآليات المراقبة والتنفيذ.
لهذه المسألة أهمية خاصة في الحقبة الحالية،
وهي حقبة تتميز بثراء الأفكار والتجديد والتطوير في كل المجالات بلا استثناء.
ولمثل هذه الأفكار أن تترجم "بأشياء" ذات ثمن، معنوي أو مادي. لذا كانت
ضرورة الاعتراف بهذه الملكية وحمايتها. وتتضمن هذه الحماية الحماية المعنوية التي
تمتد إلى أكثر مما هو ممتلكي مادي، فاسم الشخص سيبقى مرتبطاً به مدى الدهر، وهو
حق لا يورث، وحتى جانبه المادي لا يورّث إلى ما لا نهاية ولا يؤدي إلى فائدة مادية
للورثة إلى ما لا نهاية (يحدد ذلك بنحو سبعين عاماً للورثة بعد وفاة الشخص صاحب
الحق المباشر). وما يُحمى هو المنتج النهائي وشكله، أما الأفكار والمعلومات التي
قادت إليه فهي غير محمية ومتاحة للجميع. لذا من الممكن تلخيص عمل مكتوب أو
الاستعارة (مع الإشارة إلى الأصل بالطبع) دون أن يعتبر في ذلك انتهاكاً للحق.
أول حماية معروفة في التاريخ للملكية الفكرية
نجدها في مستعمرة "سيباريس" اليونانية التي كانت تقع في جنوب إيطاليا والتي اشتهر
أهلها بميلهم للدعة والطعام. لذا صاغوا قانوناً يقول بأن لكل من يبتكر طبقاً
جديداً من الطعام الحق في أن يكون الوحيد الذي يعد هذا الطبق ويقدمه في المطاعم
لمدة سنة كاملة، بعدها يحق لمن شاء استخدام الوصفة الجديدة. كان الهدف من ذلك
تشجيع الطهاة أو من شابههم على ابتكار أطباق جديدة. أما في التاريخ الحديث فلم
توضع قوانين لحماية الملكية الفكرية والاعتراف بها إلا بعد انتشار الطباعة والكتب
منذ القرن السادس عشر، وتعزز الأمر مع انتشار الليبرالية والثورة الصناعية التي
انطلقت من بريطانيا. أما أول براءة اختراع فكانت في مدينة البندقية عام 1421 منحت
للمهندس المعماري الإيطالي فيلبو برونيلتشي عن اختراع في مجال تصنيع منتجات معدة
لتنقل بالبحر. ولكن حق الاستفادة من براءة الاختراع لم يصدر إلا عام 1474 وكان ذلك
في مدينة البندقية أيضاً.
أما اليوم فتوجد مكاتب لحماية الحقوق الفكرية في معظم
بلدان العالم. كما يوجد منظمة عالمية أنشئت عام 1967 ومقرها جنيف، هي المنظمة العالمية للملكية الفكرية wipo تتبع الأمم المتحدة مهمتها
الأساسية تشجيع الإبداع والتنمية الاقتصادية عبر دعم نظام تعاون عالمي للملكية
الفكرية. فالاعتراف بالملكية الفكرية وحمايتها يشجع المبدعين على الكشف عن أفكارهم
وإبداعاتهم بدون خوف من أن تسلب منهم، كما تشجعهم على متابعة تطوير أفكارهم وإنتاج
أفكار أخرى. ومثل هذه الحماية وهذا الحق يعتبر من أهم مقومات التقدم حالياً في
العالم، وأشهر مثال على ذلك الولايات المتحدة المعروفة بقبولها تسجيل أدنى الأفكار
وحمايتها عبر نظام قضائي فعال، وكذلك الأمر في اليابان، وهذا يفسر جزئياً تطور هذين البلدين المستمر.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق