البخور الأبيض الأعلى جودة |
هو طريق للتجارة مثله مثل طريق الحرير. نشط
بين الألف الثالث قبل الميلاد ونهاية القرن الرابع الميلادي، دون أن يتوقف تماماً.
وكما يشير اسمه فكان طريقاً لتجارة البخور الذي منشأه ظفار واليمن والصومال والهند.
ومع تجارة البخور ترافقت تجارة التوابل وأنواع القماش الثمينة والحرير وخشب
الأبنوس وغير ذلك. يمتد هذا الطريق من الهند إلى شواطئ الجزيرة العربية بموانئها
المختلفة، ليصل بين مدنها الشرقية وشمالها وصولاً إلى بلاد ما بين النهرين. طريق
آخر يمر من سبأ إلى مكة فالمدينة فالحجاز فالبتراء فدمشق ليتابع بعدها إلى اليونان
وروما. وطريق آخر موازٍ من مرافئ اليمن مروراً بالبحر الأحمر فالإسكندرية ثم إلى
الشواطئ الشمالية للبحر المتوسط.
موقع الجسر الذي اعتقد أنه بقايا إرم ذات العماد |
وللحفاظ على هذا الطريق في جزئه البري، فقد
أقيمت مدن صغيرة على شكل قلاع، منها قلعة في موقع أثري يسمى "جسر" إلى
شمالي صلالة في عمان بقرب وادي غادون. وهو موقع اكتشفه باحث بريطاني في تسعينيات
القرن الماضي بعد الاستعانة بصور التقطتها المركبة الفضائية الأمريكية كولومبيا عام
1984. وهذه القلعة بنيت في الواقع في مكان كان فيه بئر ماء جدرانه أحجار كلسية،
انهار في وقت ما مما أدى إلى انهيار جزء من القلعة وتم التخلي عن الموقع والقلعة.
تعود القلعة إلى القرن الثالث قبل الميلاد، وأعيد استخدامها أيام الدولة الإسلامية
حتى القرن الرابع عشر. بعض الناس سموا الموقع في الأيام الأولى لاكتشافه باسم
"أوبار" وقالوا بأنه مكان "إرم ذات العماد"، المدينة ذات
الألف عامود. ولكن لا شيء من هذا كما تشير إلى ذلك آخر رحلات الاستكشاف إلى تلك
المنطقة. فبقرب هذا الموقع منطقة كانت تشتهر بأشجار البخور، وهي على الأغلب لحماية
طريق البخور من قراصنة البر الذين كانوا يفرضون أتاوات كبيرة على هذه التجارة. وفي
عام 1950 قام فريق أثار أمريكي بالتنقيب في موقع خور روري في منطقة صلالة أيضاً،
حيث كانت مدينة وجد فيها على بقايا تشير إلى تجارة نشطة مع الهند تنطلق منها قوافل
باتجاه بلاد المتوسط وذلك في فترة الميلاد.
تراجعت تجارة البخور مع الإمبراطورية
الرومانية بسبب تعرض القوافل لهجمات القراصنة مما كان يؤدي إلى ارتفاع أسعاره. من
جهة أخرى بدأ سكان إسبانيا بتطوير زراعة أعشاب تحل جزئياً محل الكثير من الأعشاب
التي كانت تصلهم عبر طريق البخور، إضافة إلى أن تجارة القهوة لدى اليمنيين طغت على
تجارة البخور. ولكن هذا لم يمنع من زراعة أشجار البخور وتجارته استمرت في مناطق
اليمن وحضرموت، فقد عثر على موجودات كثيرة تعود إلى الفترة الإسلامية في منطقة ظفار
تشير إلى استمرار تجارة البخور... البخور الذي كان ولا يزال يستخدم في المناسبات
الدينية، وفي بعض المناطق في الأعراس والأفراح وكذلك مراسم الدفن...يستحصل عليه من
أشجار البخور المتوسطة الارتفاع، يكون على شكل صمغ يخرج من شقوق تُصنع في الجزع، وهذا لا
يكون قبل عشر سنوات من عمر الشجرة الذكر!
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق