إنه
الفرنسي غالوا، من أشهر من اشتغل في الرياضيات، لم يعش طويلاً، ولكن حياته كانت
أشبه بالأسطورة منها إلى الحقيقة. هو من
مواليد عام 1811، كان والده رئيس بلدية، رعت والدته تعليمه، كان طالباً جيداً،
ولكنه ملّ المدرسة المضجرة.
بدأ
بدراسة كبار علماء الرياضيات وهو في السادسة عشرة من العمر من بين أشهرهم لاغرانج،
وأولر وغوص وجاكوبي. فاز بالجائزة الأولى في مسابقة الرياضيات، لكنه فشل في الدخول
إلى مدرسة البوليتكنيك الفرنسية، وهي أرقى المدارس، ذلك لأنه كما قيل، سخر من
ممتحنه لسخافة أسئلته. التحق بعدها بمدارس لا تقل شأناً.
كتب
مقالاً في حوليات الرياضيات في عام 1828 عن الكسور المستمرة الدورية. وكتب أيضاً
دراسة عن نظرية لحل المعادلات بعث بها إلى أكاديمية العلوم الفرنسية "فأضاعها"
عالم الرياضيات الفرنسي المشهور كوشي. تابع غالوا أبحاثه وكتب دراسة عن شروط حل معادلة
بالجذور تقدم بها إلى أكاديمية العلوم للحصول على جائزة مسابقتها، ولكن عالم
الرياضيات الأشهر فورييه، الذي كان عليه مراجعة الدراسة، مات في تلك الأثناء وضاعت
الدراسة بين أوراق فورييه.
كانت
فرنسا تعيش في تلك الفترة قلاقل سياسية، وكان يحكمها ملك، وكان غالوا جمهورياً، دخل في
مشادات سياسية سببت له السجن أكثر من مرة. وفي السجن تابع أعماله. أطلق سراحه عام 1832،
وبعد فترة من إطلاق سراحه يقع في حب امرأة. حبٌ لم يدم لأكثر من أسبوعين، لا نعرف
تفاصيله، لكن ذلك قاده إلى مبارزة على طريقة أهل القرن التاسع عشر، حيث كانت تحلُّ الخلافات
بالمبارزة. كان يعرف أنه ليس أهلاً لهذه المبارزة، وهذا ما دفعه للقول: "أموت
من أجل امرأة غنوج".
قبل
المبارزة كتب غالوا دراسته الأخيرة، وهي التي كانت وراء شهرته حتى اليوم، تخص ما
يسمى في الرياضيات موضوع "الزمر"، التي تتعلق بكل ما هو متناظر في نهاية
الأمر، ولها تطبيقات عديدة في الفيزياء والكيمياء، وتقع على الخط الفاصل بين
الرياضيات القديمة والحديثة. ترك الدراسة لزميله أغست شفاليه مع رسال كتب فيها:
صديقي
العزيز، لقد قمت بتحليل بعض الأشياء تتعلق بنظرية المعادلات، والتوابع
التكاملية وغيرها. وفي نظرية المعادلات، بحثت عن تلك التي يمكن حلها بواسطة
الجذور....". لنتحدث اليوم عن نظرية غالوا وزمرة غالوا التي خلّدت ذكراه.
وفي الثلاثين من أيار جرت المبارزة، جرح غالوا جروحاً بالغة، مرَّ به فلاح وهو ملقي على الأرض، فأخذه إلى أقرب مشفى ليموت بين ذراعي أخيه في اليوم
التالي. ودفن في قبر جماعي. حاول رفاقه من الجمهوريين الإعداد لانتفاضة بمناسبة
جنازته لكن المسألة انتهت بمذبحة.
بقي
أن نقول إن أكاديمية العلوم الفرنسية أعلنت في عام 1843 العثور على جزء كبير من
أعمال غالوا ووضعتها أمام علماء الرياضيات للاستفادة منها منذ عام 1850.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق