الضحك... والموت ضحكاً

الضحك هور رد فعل يتجلى عبر سلسلة من التشنجات الصغيرة مترافقة بأصوات مبهمة خفيفة. وهذه في مجملها تتعلق بعضلات الجهاز التنفسي مصحوبة بتقلصات إيحائية في عضلات الوجه وانفتاح للفم وحركات أخرى لا يمكن السيطرة عليها دائماً.

أما عن سبب الضحك فهو الوضع الهزلي أو المفارقات أو الدغدغة. وهو يرتبط بشدة انفعالياً بنقيضه، ألا وهو البكاء الذي يمتزج به أحياناً. الضحك معدٍ، ينتقل من شخص إلى آخر دون معرفة السبب المضحك بالضرورة. كما يمكن أن يكون الضحك بسبب مرضي (الجنون)، أو نتيجة تناول مخدرات أو الكحول، أو استنشاق غازات مثيرة للضحك القائمة على أوكسيد الآزوت، أو قد يكون إثر خوف شديد. يبدأ الطفل في الضحك اعتباراً من الشهر الخامس، لكنه يبدأ بالبكاء مع أول قدومه إلى الحياة. والضحك أمر غريزي، أي ليس بشيء نتعلمه.

يتميز الإنسان عن كل الكائنات بالقدرة على الضحك والبكاء، نتيجة الانفعال العاطفي الذي يتميز به وكذلك قدرته الذهنية على تخيل المواقف وتبعاتها. أما الأسباب الأساسية وراء الضحك فهناك من الباحثين من يقول إنها نتيجة ظواهر التعاطف الأساسية التي تشترك فيها المنظومات المرآتية للدماغ، أو ما يسمى بالعصبونات الدماغية التي تعمل عمل المرايا العاكسة التي أمكن رصدها لدى أناس يراقبون آخرين يضحكون دون معرفة سبب ضحكهم، فتصبح هذه العصبونات في حالة تأهب للتأثير في  تحرير منظومة الأعضاء المشاركة في الضحك.

والضحك بما يجلب من بهجة أصبح صناعة. فقد كان هناك دائماً المهرج، أو الظريف الذي يروي حكايات فيها كياسة وهزل. واليوم تنتشر العروض المسرحية الضاحكة وكذلك الأفلام السينمائية والمسلسلات التلفزيونية وهي من أكثر العروض مشاهدة، وتؤلف كتب، وكذلك مواقع على الإنترنت بمحتوى مضحك. ولدى بعض الشعوب شخصيات عرفت بالظرف تروى باسمها حكايات مضحكة بعضها يثير الضحك بقدر ما يثير التفكير، وجحا من أكثر الشخصيات المشهورة في تاريخ الشرق الأوسط على الأقل. ولدى معظم الشعوب فئة أو مدينة أو منطقة تخرج تصرفات أبنائها عن قواعد المنطق البسيط فتثير الضحك، ويصبح أهلها موضع النكات. 

يسبب الضحك في الحالة الطبيعية زيادة في مستويات السيروتونين والدوبامين ذات التأثير المضاد للاكتئاب، كما من شأنه أن يقوي عضلات البطن. 

بقي أن نقول إن الضحك الشديد قد يكون قاتلاً كما حدث للفيلسوف الرواقي الإغريقي خريسيب السولي (280-206 قبل الميلاد)، الذي ضحك دون أن يتمكن من السيطرة على نفسه فمات!