جان دو لافونتين شاعر فرنسي من القرن السابع
عشر (1621-1695)، معاصر للملك لويس الرابع عشر، ملك فرنسا الأشهر. ولمّا لم يكن من
السهل انتقاد الملك الشمس، فقد ابتدع دو لافونتين طريقة حكايات الحيوان، على شاكلة
كليلة ودمنة، مضمناً إياها رسائل وإيحاءات وحكمة على القارئ أن يكتشفها. وغير
الشعر، وشعر الحكايات والأساطير، كتب مسرحيات وأعمال أدبية كثيرة أجاد فيها
استعمال اللغة واستغلال غناها لتقديم أشعاره بنغمة غنائية لا تزال تطرب الفرنسيين.
القصيدة التالية هي بعنوان "النسر
والخنفس":
النسر يطارد جان الأرنب،
الذي يهرب مسرعاً باتجاه وكره.
يصدف وكر الخنفس في طريقه.
لن أفكر فيما إذا كان هذا الملجأ آمناً
ولكن هل من أفضل منه؟ فينحشر فيه جان الأرنب.
يهاجمه النسر لا آبه،
يتدخل الخنفس قائلاً:
"أمير الطير، إنه لمن السهل عليك؛
أن تنتزع هذا المسكين؛
ولكن لا تدفعني إلى المواجهة أرجوك؛
وبما أن جان الأرنب يرجوك الحياة؛
فهبها له رحمة أو انزعها منا نحن الاثنان؛
إنه جاري وصديقي".
لم يجب النسر بكلمة واحدة،
يصطدم الخنفس بجناحه،
مذهولاً يصمت الخنفس،
ينتزع النسر جان الأرنب. يسخط الخنفس
فيطير إلى عش النسر ويكسر بيوضه في غيابه،
بيوضه، بيوضه الطرية، غاية آماله:
لم يترك واحدة منها.
يعود النسر ويرى الواقعة،
يملأ السماء صراخاً؛ وما زاده حنقاً،
أنه لا يعرف ممن ينتقم لما أصابه من ضرر.
يرتجف عبثاً: فشكواه ذهبت أدراج الريح؛ كان
عليه لهذا العام أن يعيش مفجوعاً.
يجعل عشه في مكان أعلى في السنة التالية.
يستغرق الأمر الخنفس وقتاً أكثر، ويرمي
بالبيض من عل:
الآن اكتمل الانتقام لجان الأرنب.
وفي المآتم الثاني، لم تنم الغابات من صداه
أكثر من ستة أشهر.
الطير الذي حمل سليل زيوس
يطلب العون من كبير الآلهة
ويضع بيضه في حضنه معتقداً أنها ستكون بسلام
في هذا المكان: وأن هذا في مصلحته،
وأن كبير الآلهة سيجد نفسه مضطراً للدفاع
عنها:
فأحمق من سيذهب لأخذها.
وهكذا، فأحد لم يأخذها.
فقد غيّر عدوها من موقفه.
وعلى ثوب الإله يسقط قذرٌ،
فينفض الإله ثوبه وتسقط البيوض أسفلاً.
حين علم النسر بما حدث سهواً،
هدد النسر كبير الآلهة
بترك حاشيته والذهاب للعيش في الصحراء،
وأشياء غريبة أخرى.
يصمت كبير الآلهة المسكين:
أمام محكمته يقف الخنفس،
يشكو ويروي قصته.
ويقال للنسر أخيراً بما أخطأ.
ولكن العدويين لا يريدان أي اتفاق.
ويرى كبير الآلهة أنه من الأفضل،
جعل فصل وضع البيض عند النسر
في فصل شتاء
يعيش فيه جنس الخنفس مثل جرذ الأرض
يختفي ولا يرى شيئاً من النهار.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق