أنشئت عام 1733 في مدينة غوتنغن في
منطقة نايدرساكسن الواقعة في الشمال الغربي من ألمانيا. بدأت أول المحاضرات فيها
عام 1734 قبل افتتاحها واكتمال بنائها، وكان عدد الطلاب المسجلين فيها لأول سنة
147 طالباً. كانت كليات هذه الجامعة في بدايتها أربعاً: الفلسفة واللاهوت والحقوق
والطب، وهي الكليات التقليدية في ذاك الزمان. استقر عدد طلابها على نحو 600 طالب
بعد عشر سنوات من افتتاحها، وكان معظمهم بالطبع من أبناء النبلاء. وبدأ تدريس
العلوم الطبيعية في النصف الثاني من القرن الثامن عشر.
وفي بداية
النصف الثاني من القرن الثامن عشر أنشئت في هذه الجامعة أكاديمية العلوم التي
أطلقت مجلة تُنشر فيها الأبحاث العلمية تظهر حتى اليوم وهي الأقدم في ألمانيا بين المجلات العلمية. افتتح في هذه الجامعة عام 1767 معرضاً لمنحوتات
منسوخة باستخدام الجصن، وهو قائم حتى اليوم ويعتبر من أكبر المعارض من هذا النوع
في العالم ويمكن زيارته افتراضياً عبر الإنترنت.
وفي هذه الجامعة افتتح أول اختصاص في
علوم الحيوان والطب البيطري. درس في هذه الجامعة نخبة من خيرة أهل العلم في
ألمانيا منذ افتتاحها في كل الاختصاصات. وعلى باب هذه الجامعة كتبت عبارة لأستاذ التاريخ فيها فون شلوتزر قال بها في مطلع القرن التاسع عشر: "لا حياة حقيقية
خارج غوتنغن، أو على الأقل بما يشبهها"، أما ابنة هذا الأستاذ فقد حصلت على
شهادة الدكتواره في الفلسفة في هذه الجامعة عام 1787. ويذكر غوته الشهير في كتابه
"شعر وحقيقة" أنه كان يرغب بالدراسة في هذه الجامعة لكن والده فضل
إرساله إلى جامعة لايبزغ الأكثر قدماً، ولكن هذا لم يمنعه من الإقامة فيها مرات
عديدة لاحقاً.
ومن هذه الجامعة انطلقت رحلة استكشافية
نحو الجزيرة العربية قادها يوهان ميكياليس
بين عام 1761 و 1767 برفقة ثلاثة من طلابه ولم يعد منهم سوى رسام الخرائط. وفي عام
1802 أعلن أحد طلاب هذه الجامعة فك رموز الكتابة المسمارية محدثاً بذلك ثورة في
الدراسات التاريخية والشرق أوسطية خاصة. جذبت الجامعة الكثير من المفكرين والعلماء
للعمل فيها في مختلف الميادين. من بينهم أمير الرياضيات "غوص" وتلميذه
الشهير ريمان وسطوحه الشهيرة، وذلك خلال القرن التاسع عشر. كما عمل فيها من كبار
علماء الرياضيات كل من كلاين وهورفيتز وأشهر الرياضياتين قاطبة دافيد هيلبرت صاحب
الحدسيات الثلاث والعشرين التي أعلنها في باريس في مؤتمر عالمي للرياضيات الذي قال
عن بعضها إنه سيكون مسروراً إذا عاد للحياة بعد ألف عام لمعرفة أنه تم برهانها، وإذ قال ذلك فإنما لمعرفته إن بعضها قد لا يبرهن على الإطلاق.
ومن طلابها المشهورين أيضاً روبرت كوخ
صاحب عصيّات كوخ في النصف الثاني من القرن التاسع عشر. ومن طلابها أيضاً رجل
ألمانيا الحديدي وموحدها بسمارك. ومن بين طلابها الشهيرين في القرن العشرين الفيزيائي النووي "أوبنهايمر" الذي
قاد مشروع مانهات لبناء القنبلة النووية الأمريكية‘ وكان قد حصل على شهادة
الدكتوراه من هذه الجامعة تحت إشراف ماكس بورن الذي حاصل على جائزة نوبل للفيزياء
عام 1954.
لا يمكن ذكر أسماء كل المشاهير الذين
درسوا أو عملوا في هذه الجامعة، وإنما يمكن الاكتفاء بالقول بأن 44 جائزة نوبل
عادت إلى بعض العاملين فيها أو بعض من طلابها في شتى مجالات جائزة نوبل. هذه
الجامعة تضم اليوم نحو 26 ألف طالب وقرابة 2500 مدرس، أي بنسبة مدرس لكل عشرة طلاب،
وتضم مكتبتها نحو ثمانية ملايين كتاب.
وهي من بين أول جامعات العالم في مختلف
التصنيفات الجامعية العالمية بالرغم من الضربة القوية التي تلقتها إبان وصول هتلر
إلى الحكم ومغادرة جزء كبير من طاقم مدرسيها وأعضاء أكاديمتها ومن أشهرهم آينشتين،
ولم تتمكن هذه الجامعة حتى اليوم من استرجاع بريقها الذي كان. ففي عام 1934 قدم
ممثل النازية لزيارة الجامعة حيث قابل صاحبنا هيلبرت سائلاً إياه عن أحوال
الرياضيات في الجامعة، فأجابه لا أعرف عن أية رياضيات تتحدث يا سيدي!
عريقة، نعم، لكنها ليست الأعرق. فالازهر والقيروان وأوكسفورد وكمبريدج اقدم منها بمئات السنين.
ردحذفأزال المؤلف هذا التعليق.
حذفنعم هي ليست الأقدم بالتأكيد... ولكن عند النظر إلى خريجها ومدرسيها وإنجازاتهم فهذا أمر يعزّ وجوده في كثير من الأمكنة.... عدد مشاهير الرياضيات مثلاً من خريجها أو من عملوا أو درسوا فيها لا أظن أن هناك جامعة تضاهيها في ذلك بالرغم مما تعرضت له في الحقبة الهتلرية...لكني أوافقك على أنه كان من الأفضل وضع صفة "عريقة" بدلاً من استخدام صفة "الأعرق".
حذف