
استقلت إستونيا عام 1991 مع انهيار الاتحاد السوفيتي. واتخذت لنفسها نظاماً
ديموقراطياً برلمانياً. ينتخب البرلمان رئيس الجمهورية، ومهمته الرئيسية تسمية
رئيس وزراء عليه أن يحظى بثقة البرلمان. والبرلمان هو المرجعية الأعلى في البلد.
خطى هذا البلد في غضون السنوات الست والعشرين الماضية خطوات كبيرة على طريق
التنمية، فهو اليوم يحتل المرتبة 30 على سلم التنمية البشرية. يفوق ناتجه المحلي
الإجمالي الإسمي 26 مليار دولار، أي نحو 20 ألف يورو للشخص الواحد، أما الناتج
منسوباً إلى القوة الشرائية فيزيد عن 35 مليار دولار. كان هذا في عام 2014 محققاً
نسبة زيادة بنحو 100% مقارنة مع عام 2005. دين إستونيا العام هو الأقل في أوروبا، وفي
عام 2011 حققت الشروط الخاصة بالانتساب إلى منطقة اليورو، ليكون هذا الأخير عملتها
اليوم. صادرات إستونيا الأساسية هي الأدوات الآلية والتهيزات الكهربائية
والإلكترونية، وخاصة المكونات الخاصة بأجهزة الاتصال الخليوية. كما أنها تصدّر
الأخشاب والمنسوجات.
اعتمد هذا البلد خطة تطوير تقوم أساساً على تقانة المعلومات بهدف تسهيل وتطوير أعمال المؤسسات والناس. وهو اليوم من أكثر دول أوروبا تقدماً في المجال الرقمي،
يمتلك شبكة اتصالات رقمية من أسرع شبكات أوروبا. ويتوفر الاتصال بالإنترنت في كل
الأماكن العامة بما فيها القطارات. وبنتيجة هذا التحول فلا يزيد عدد موظفي هذه
الدولة عن 30 ألفاً، إذ بنوا كل ما يحتاجونه من قواعد معطيات. وبطاقاتهم بمختلف
وظائفها (الهوية الشخصية والبطاقة الصحية...) أصبحت رقمية. كما أن شركاتهم الرقمية
مزدهرة. إحدى هذه الشركات بنت تطبيق سكايب الشهير الذي كان أول وسائل التواصل
الصوتي عبر الإنترنت، وبنت غيرها من تطبيقات شهيرة.
تخصص هذه الدولة 1.9 من ناتجها المحلي العام للدفاع، وهي تعتمد على
الحلف الأطلسي والاتحاد الأوروبي للدفاع عنها. ولكن لهذا ثمن يجب تأديته. فقد أرسلت إستونيا مجموعة صغيرة
(نحو 50 جندياً!) من جنودها للمشاركة في حروب الولايات المتحدة في أفغانستان
والعراق، مع أنها كانت قد خبرت الاستعمار عبر تاريخها الطويل، السويدي والألماني
والروسي والنازي والسوفيتي... هل هو عالم يصعب فيه الحياد أم تعوزه الشجاعة!
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق