إنه الألماني الشهير كارل فريدريش
غوص Gauss. ولد عام 1777 وتوفي عام 1855. تعلم القراءة
والكتابة ولمّا يتجاوز ثلاث سنوات مع أن أمه كانت لا تقرأ ولا تكتب. أما والده فقد
كان يتحدث لغة ألمانية محلية. وهما فقيران مدقعان. لم تتذكر والدته تاريخ ميلاده
ولكنها كانت تتذكر أن اليوم كان أربعاء قبل ثمانية أيام من عيد الصعود، وبناء على ذلك تمكن غوص الصغير من تحديد تاريخ ميلاده.
كانت له قدرة فائقة في الحساب فقد
كان يصحح حسابات والده وهو في الخامسة من العمر. وفي مدرسة بلدته طلب معلم صفه من
الطلاب جمع الأعداد الواقعة بين 1 و 100 آملاً بأن ذلك سيشغلهم لمدة ساعة أو أكثر
يستطيع خلالها ترتيب بعض الأمور الإدارية الخاصة بمدرسته، إلا أن غوص، الذي كان في
السابعة، جاءه على الفور بورقة كتب عليها نتيجة الحساب 5050! ذهل المعلم فسأله كيف
فعلت ذلك؟ فأجابه الصغير بأنه جمع 1 مع 100 ليكون الناتج 101 وكذلك جمع 2 مع 99
ليكون الناتج 101 مرة أخرى ومن ثم جمع 3 مع 98 ليكون الناتج نفسه 101 وهكذا فسيكون
لديه العدد 101 خمسين مرة، وعليه فانتيجة هي جداء 50 بـ 101! صعق المعلم من نباهة
الصغير، وهي نباهة تكررت في أكثر من مرة فكتب إلى أمير المقاطعة محدثاً إياه عن
الصغير غوص، فتبنى الأمير كلفة تدريس غوص إلى أن حصل على الدكتوراه عام 1798 التي برهن فيها بأن عدد حلول أية
معادلة يساوي درجة هذه المعادلة.
قبل حصوله على
الدكتوراه كان غوص قد حقق شهرة في الرياضيات بخصوص المنحنيات التجريبية التي
يمكن رسمها بأقل الأخطاء، وكذلك حدسية غوص الخاصة بتوزع الأعداد الأولية. وهي
الأعداد التي لا تقبل القسمة إلا على نفسها وعلى الواحد بالطبع، مثل 3، 5، 7، 11، 13،
17، 19، 23، 29، 31، 37، 41، 47...وكما نلاحظ فهناك سبعة أعداد أولية بين الواحد
والعشرين، وهناك ستة فقط بين العشرين والخمسين. وعددها يتناقص مع زيادة قيمة الأعداد،
ولكن كيف تكون هذه الزيادة وكيف تتوزع هذه الأعداد؟ وضع غوص قاعدة لذلك تم برهنتها
بعد نحو مائة سنة.
وفي التاسعة
عشرة من عمره رسم مضلعاً له 17 ضلعاً باستخدام المسطرة والفرجار، وبرهن أن رسم هذه
المضلعات ذات الأضلاع الفردية غير ممكن إلا إذا كان عدد الأضلاع 3 أو 5 أو 17 أو
257 أو 65567 أو من جداءات هذه الأعداد. وأوصى أن يرسم على شاهدة قبره مضلعه ذو السبعة
عشر ضلعاً، وهو ما حدث.
نشر في عام 1801 كتابه
الشهير Disquisitiones
arithmeticae باللغة الاتينية الذي يمكن ترجمته بـ"نقاشات
حسابية"، ضمّنه الكثير من الشروح والأفكار والنقاشات، وضمّنه صيغة حساب يوم عيد
الفصح في السنة الغريغورية. وهذا الكتاب يعتير حتى اليوم من بين أفضل الكتب في
تاريخ العلم.
وغير أعماله الكبيرة في مجال
الأعداد، فقد برز في مجال الاحتمالات. وهو صاحب ما يعرف بالقانون الطبيعي، أو
بناقوس غوص، الذي يشير إلى التوزع "الطبيعي" للأشياء. فلو أخذنا طول
البالغين، فمن أجل عينية مؤلفة من ألف شخص مثلاً، زكان طولهم الوسطي 170 سم مثلاً.
فعند وضع أطول كل شخص من هؤلاء على ورقة بمحورين: الأفقي للطول والشاقولي لعدد
الأشخاص الذين لهم الطول نفسه، فسنجد أن مجموعة النقاط الناتجة ترسم شكلاً يشبه
شكل الجرس. وأمثلة مثل هذه نصادفها في كل يوم في مواضيع شتى.
وغير شغفه بالرياضيات فقد كان
غوص فيزيائياً وفلكياً. ففي عام 1800 اكتشف فلكي إيطالي كوكباً قزماً في الحزام
الفاصل بين المريخ والمشتري. أخبر هذا الفلكي زملاءه في إيطاليا وفرنسا وألمانيا
باكتشافه، وحاولوا بدورهم التحقق من وجود هذا الكويكب الذي اختفى لفترة عن
الأنظار. ولما كان غوص يعمل في مرصد غوتنجن وعرف بالأمر فقام بحساب مسار هذا
الكوكب المفترض استناداً إلى قياسات الإيطالي، وبالفعل تم رصد الكوكب لدى توجيه
المناظير إلى النقاط التي حددها غوص!
لا يمكن الحديث عن كل إنجازاته، إذ سيطول شرحها! ولكن كيف للبعض أن تكون لهم مواهب
خارقة على هذا النحو، في الرياضيات أو في الموسيقى مثل موزارت، فهذا ما لا نعرفه
حتى اليوم...أما لقب أمير الرياضيات فكان أمير منطقته هو من أطلق عليه هذا اللقب وهو شاب بعد، وهو لقب وافق عليه مجمع الرياضياتيين.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق