هو من مواليد الجزائر لعام 1938
لعائلة مسلمة من واحة كنادسا، اسمه الأصلي رباح رابحي. توفيت والدته بالسل وله من
العمر أربع سنوات. عهد به والده الحداد والموسيقي إلى عائلة فرنسية كانت تعمل في
تلك الواحة، التي غادرتها بصحبة الصغير إلى وهران حيث تابع دراسته الثانوية. تحول
إلى الكاثوليكية في وهران وله من العمر ستة عشر عاماً متخذاً اسم بيير. وعندما بدأت
الثورة الجزائرية عام 1954 وجد نفسه مرفوضاً من كلا الفريقين. تخاصم مع أبيه الحقيقي لاعتناقه المسيحية ومع أبيه بالتبني لانتقاده أحد الجنرالات الفرنسيين. ومن يومها
أعلن عدم انتمائه إلى دين بعينه مما جعل البعد الروحي في فكره أوسع وأرحب.
تعرف في باريس على ميشيل وتزوجا
وغادرا باريس للعيش في الريف والحياة كمزارعين في جنوب شرق فرنسا منذ عام 1960، وطورا
ما يمكن تسميته بالزراعة البيئية، الزراعة التي تحترم البيئة بدون أن تستنفذ
مواردها أو تسيء إليها. على الرغم من أن هناك من يشكك بفاعلية الزراعة البيئية
التي يدعو لها، خاصة من وجهة نظر اقتصادية، إذ كانت نتائج حملات الزراعة التي قادها
في أفريقيا أقل من المأمول واتهم بأنه لم يستفد من المعرفة العلمية الزراعية
مستبدلاً إياها بطرق الزراعة التقليدية، زراعة الآباء والأجداد، وهو ما يرفضه رابحي.
وقد عبر عن هذا التغير في حياته
وعيشه في ذاك المكان المعزول عام 2015 بالقول: "منذ خمسين عاماً قمت وزوجتي
باختيار بلدة "مونشان" مقراً للعيش، كان ذلك بالتحديد بسبب تناغم هذا
المكان، الضائع في قمة جبل في "الأرديش"، شملتنا هذه المزرعة بالهدوء
والهواء النقي وبالسحر بالرغم من المعوقات "الموضوعية": فلا كهرباء ولا
ماء الأنابيب، وطريق بالكاد يمكن السير فيها أيام المطر، وأرض جافة تغص بالحجارة".
هذه الحياة التي اختارها واحترامه
للبيئة، وسعيه فقط لجني ما يحتاجه في حياته أكسباه شهرة لم تنفك عن الازدياد، وهذا
العيش أكسبه حكمة وصفاء، مما جعل منه خبيراً في الزراعة البيئية وكاتباً فيلسوفاً يتهافت
القراء على منشوراته (أكثر من 20 كتاباً)، وكذلك ضيف الشرف في العديد من اللقاءات
العامة أو التلفزيونية. وهو اليوم في فرنسا من بين أكثر الشخصيات التي يشار إليها باحترام واعتزاز لمضامينه الإنسانية.
يشارك بيير رابحي في العديد من
الحملات العالمية مناصرة للبيئة وتجنيد الطاقات لمحاربة المجاعات وموت الأطفال
جوعاً وذلك إلى جانب بعض مشاهير هذا العالم، وهو صوت ضمير وجداني يدعو إلى العيش
بسلام، سلام مع الأرض التي نعيش عليها أولاً.
وحتى لا نطيل في هذه الورقة سنترك أمر
ترجمة عينة صغيرة من كتابه الأخير "تقارب الضمائر" إلى مرة قادمة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق