يحتوي جسم الإنسان على أعضاء ومكونات كثيرة تعمل في توافق وتناغم تجعل من حياته، كما يحياها، أمراً ممكنناً. ولكن بعض هذه الأعضاء والمكونات تبدو، حتى الآن، بلا دور في الحياة. مثال ذلك الزائدة الدودية، وأضراس العقل وثديا
الرجال وغير ذلك. يظن العلماء أن هذه كلها من مخلفات عملية التطور الباقية. ولكن ماذا
عن الشعر الذي يغطي أجزاء من أجسامنا ونمضي وقتاً لا بأس به في عملية التخلص منه،
أو التخفيف من كميته؟
وفي الواقع فإن جسم الإنساني يغطيه أكثر من خمس ملايين بصيلة شعرية، وهي مكونات
صغرية للغاية موجودة على سطح الجلد تقوم بإنتاج الشعر. ومن أكثر مناطق الجسم كثافة في
الشعر هي الرأس ومن ثم فتحات الأنف. ولكن لماذا لا يغطينا الشعر كما هو حال أقرب
الكائنات إلينا مثل الشمبانزي؟ يقول علماء البيولوجيا الداروينين (أصحاب نظرية
التطور) بأن الشعر الذي كان يغطي أجساد أجدادنا عندما كانوا يسيرون على أربعة
قوائم، أخذ في الاضمحلال مع الإنسان المنتصب الذي أخذ في
المشي والركض بحثاً عن قوته ودفاعاً عن نفسه، وكان بحاجة إلى تبريد جسمه نتيجة الجهود المضنية التي يبذلها.
ولا يزال للشعر وظيفة تنظيم حرارة الجسم. فعندما يتحول الجو إلى البرودة
تقوم العضلات الصغرية المحيطة بالبصيلات الشعرية بالتحرك لتدفع بالشعيرات إلى
الانتصاب للمحافظة على الحرارة الملامسة للجلد مسببة الشعور بالقشعريرة. ولشعر الرأس
هذه الوظيفة، إضافة إلى وظيفة الحماية من أشعة الشمس. وطبعاً له وظيفة جمالية هامة تجعل البعض يدفع أموالاً كبيرة لمقاومة الصلع.
ولكن لشعر الحاجبين وظيفة أخرى هي حماية العينين من وهج الضوء لتسمح لهما
بالرؤية، وعند عدم كفايتهما نستخدم اليد كواقية إضافية. أما شعر الأنف والأذنين
فيمنع الغبار والأوساخ من التسلل إلى هذه الأعضاء. ولكننا لا نعرف حتى اليوم وظيفة
شعر الصدر أو الساقين، ولماذا هي بهذا الطول وليس بطول شعر الرأس مثلاً؟ أسئلة لا
تزال بلا إجابة.
وبانتظار تلك الأجوبة، فإن مهناً أقيمت لتشذيب الشعر أو التخلص منه أو زرعه.
لبعض هذه المهن مسابقات دولية. ويمضي الشباب، ذكوراً وإناثاً، أوقاتاً طويلة أمام مراياهم يصففون شعورهم. والشعر علامة طقوسية، فرجال الدين في بعض الديانات يطلقون شعر لحاهم، أو لحاهم ورؤوسهم، وبعض الديانات الأخرى تكون علامة رجل الدين أنه حليق اللحية والرأس!
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق