تطرح تقانة
المعلومات والاتصالات اليوم تساؤلات لا نعرف كيفية الإجابة عليها تماماً. فمثلاً،
ما الذي سيحدث لكل إرثنا الرقمي الذي نملكه على الإنترنت بعد وفاتنا؟ ففي العادة
يترك المرء وصية يحدد فيها ما ستؤول إليه تركته المتمثلة في أملاك عينية أو أدبية
أو ما شابه. ولكن كيف سيكون الحال عليه مع تركتنا الرقمية، من صفحات على شبكات
التواصل الاجتماعي، أو مواقع شخصية على الإنترنت على شكل مدونة أو موقع عادي بكل
ما يترتب منها وعليها من عائدات أو التزامات مالية؟ وكذلك تركتنا من ملفات سواء
على أدوات التخزين العادية أو في فضاءات التخزين المختلفة، فإلى من ستؤول؟
بعض المواقع أو
الصفحات قد يكون لها عائد مادي، وبعضها الآخر قد يترتب عليها التزامات مادية. فإلى
من سيؤول ذلك، وكم سيطول؟ ومن له حق التصرف بالمخزون الرقمي لشخص ما، والذي قد
يتضمن بعضها إبداعات شخصية قيّمة لم تنشر بعد، فكيف يمكن استرجاعها إذا كانت
مخزونة في بنوك تخزين لا يعرف الورثة الحقيقيون كلمة السر للوصول إليها، فكيف
العمل؟
البعض يقترح إنشاء
مقبرة رقمية مع إمكانية إدارة معطياتها بما يضمن حرمة الأموات من معلومات جد خاصة،
ولكن هناك من يعترض على ذلك بالقول إن للموجودات على الإنترنت خاصية الأبدية، فلما
التفكير في المقابر! فمن مات تاركاً أثراً على الإنترنت فإنما ترك هوية رقمية عنه
تعيش بعد موته، وهي مسجلة على محركات البحث تعود للظهور كلما طلب منها ذلك.
كما أن الناس
يطالبون في حق الخصوصية الرقمية في حياتهم، فمن الحري أن يكون لهم الحق بذلك بعد
موتهم. ولكن السؤال يبقى بخصوص ورثة المتوفي وحقهم في حذف ممتلكاته الرقمية أو
الإبقاء عليها باعتبارها جزءاً من تركته على أية حال. ولكن حق النفاذ إلى الملفات
الشخصية، أياً كانت، هو حق شخصي تماماً ولا تعالج القوانين حق الإرث في هذه الحالة
في أي من دول العالم، ومن ثم فلا يمكن تعديل أو مسح هذا الإرث من قبل الورثة الذين
قد يودون ذلك لأسبابهم الخاصة بهم. ومن الضروري تحديد الظروف التي يمكن فيها
إمكانية الورثة القانونيين استرجاع الإرث الرقمي للمتوفي، وتحديد مثلاً كيفية
العمل إذا كان أحد الورثة يريد الإبقاء على هذا الإرث متاحاً على الإنترنت في حين
أن آخر يريد حذفه.
بعض من المواقع أو
التطبيقات الشهيرة مثل غوغل وفيسبوك اتخذت بعض الإجراءات التي تسمح بمعالجة مسألة
الإرث الرقمي مع الحفاظ على خصوصية المتوفي أحياناً. ففيسبوك يتيح تحديد الوريث
الرقمي الذي بإمكانه أن ينعى المتوفي على صفحته ويقوم ببعض التحديثات على الصفحة
وإضافة أو حذف صور، ولكن لا يمكنه قراءة الرسائل التي كتبها أو تلقاها المتوفي.
كما يمكن إعداد الصفحة بحيث تحذف حال الإشعار بالوفاة. أما غوغل فيتح إمكانية
إدارة الممتلكات الرقمية لديه من قبل عدد من الأشخاص (عشرة على الأكثر) في حال عدم
الدخول إلى أي من هذه الممتلكات خلال فترت يحددها المالك (بضعة أشهر مثلاً).
وفي غير ذلك، فكيف
ستكون التعزية الرقمية وأين ستقام؟ ... ويبقى أن الخلود "رقمياً" هو أمر
متاح بفضل هذه التقانة!
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق