أعلن في مطلع هذا الشهر أسماء الحائزين الأربعة
على جائزة فيلدز في الرياضيات، وهي جائزة تقابل جائزة نوبل، تمنح مرة كل أربع سنوات
لأربعة أشخاص على الأكثر لا يزيد عمر كل منهم عن الأربعين عاماً. مقدار الجائز هو
15 ألف دولار كندي على نقيض جائزة نوبل التي يبلغ مقدارها أضعاف ذلك. والمال
المجني من هذه الجوائز غير مهم في الواقع إزاء الحصول على الوسام الذي يمثل
اعترافاً من المجتمع العلمي بقيمة أعمال من يحصل على هذه الجوائز.
من اليمين: أكشي فينكاتيش ثم بيتر شولتز ثم أليسيو فيغالي ثم كوشر بيركار |
والأربعة الفائزون لهذا العام أعلنت أسماؤهم
في مؤتمر الرياضيات العالمي الذي عقد في ري ودي جانيرو، وهم: الإيراني البريطاني
كوشر بيركار (40 سنة) والهندي الأسترالي أكشي فينكاتيش (36 سنة)، والإيطالي أليسيو
فيغالي (34 سنة) وأخيراً الألماني بيتر شولتز (30 سنة). وكل منهم أستاذ جامعي.
الأول في جامعة كمبردج، والثاني في ستانفورد في الولايات المتحدة والثالث في
المعهد البوليتكنيكي في زيورخ والأخير في جامعة بون التي حصل فيها على كرسي
الأستاذية ولمّا يبلغ الخامسة والعشرين من العمر.
وباستثناء الإيطالي فالثلاثة الباقون قاموا
بإنجازات مهمة فيما يسمى بالهندسة الجبرية. كل منهم في نقطة محددة لا داع هنا
للدخول في تفاصيلها ولمن يرغب الاستزادة فيمكنه بلوغ ذلك عبر هذا الرابط. والهندسة
الجبرية هي الرياضيات التي تتعامل مع الأشياء تارة باعتبارها أشكال هندسية وتارة
أخرى باعتبار أن لها تمثيلاً جبرياً. فالدائرة مثلاً هي هندسياً مجموعة النقاط
المتساوية البعد عن نقطة محددة نسميها مركز الدائرة، وهذا البعد عن مركز الدائرة
هو نصف قطر الدائرة. أما جبرياً فتمثل الدائرة التي مركزها مركز الإحداثيات بأن
لها الصيغة الجبرية: x2 + y2= 25 (مربع
السينات + مربع العينات يساوي 25) وهذه دائرة نصف قطرها يساوي 5 (متر أو سنتيمتر
أو ما نريد بحسب الواحدات المختارة). والتمثيلأن، الهندسي والجبري، متكافئان. وهذا
يجعلنا نختار التعامل مع أحدهما دون الآخر بحسب الحالة، أو المرور من الواحد إلى
الآخر تحاشياً لصعوبة الاستمرار في أحدهما. وهذا الأمر يمنح العاملين في الرياضيات
أداة قوية للتقدم في أعمالهم. أما الإيطالي فأعماله تدور حول أفضل الطريق لإيصال
المواد اللازمة في عمليات الإنتاج. وهذه الطرق تتعلق بالسرعة وبالكلفة والطاقة
اللازمة لذلك، والتي عليها أن تكون في أقل ما يمكن ضمن سياق محدد.
يشيد أساتذة الأربعة بكل منهم وبإمكاناتهم
الاستثنائية. فكل منهم أنهى أبحاث أطروحة الدكتوراه بزمن قياسي كان أصغره لأصغرهم
وهو الألماني الذي أنهى أبحاث الدكتوراه في غضون ثلاثة أشهر. وكذلك كان وضع
الإيراني الذي لم تستغرقه الأطروحة إلا أشهراً بالرغم من صعوبة المسألة التي طرحت
عليه وعدم إتقانه للغة الإنكليزية. فهو قدم بريطانيا لاجئاً في العام 2000، وهو
ابن لمزارع كردي، جعله أخاه البكر يهوى الرياضيات فأبدع فيها. ومن بين ما قاله عند
فوزه في الجائزة: لهذه الجائزة أن ترسم الابتسامة على أفواه أربعين مليون كردي في
هذا العالم. وهو بذلك يكون ثاني إيراني يحصل على هذه الجائز التي كانت قد حصلت
عليها الإيرانية المتوفاة مريم ميرزاخاني والتي لا تزال المرأة الوحيدة التي حصلت على هذه الجائزة
في العالم.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق