هو فيزيائي إيطالي
ولد في عام 1906. كان نبوغه لافتاً في الحساب منذ صغره، فقد كان يحل المسائل
الحسابية وهو في الرابعة من عمره ذهنياً أو تحت الطاولة. حصل على شهادة البكالوريا
في السادسة عشر من عمره بتفوق، ودخل كلية الهندسة. لكن أحد زملائه حدثه عن افتتاح مخبر للفيزياء النظرية بإدارة الفزيائي الإيطالي الشهير فيرمي، الذي كان
يبحث عن توسيع فريقه بمن يتوسم بهم خيراً، لذا كان يجري مقابلة لكل من يود العمل
معه. ذهب إيتوري لزيارة المخبر بصحبة زميله والتقي بفيرمي، حيث انعكس اللقاء، إذا
كان إيتوري من يسأل فيرمي وليس العكس. أطلع فيرمي إيتوري على ما كان مشغولاً به،
وهو الحساب التقريبي لمستويات الطاقة للإلكترون، وهو حساب معقد، إذا عليه أن يأخذ
بالحسبان تأثير كل الإلكترونات والبروتونات المجاورة، وهو حساب يحتاج إلى وقت طويل.
ينتهي اللقاء هنا، يعود إيتوري إلى البيت، ويجري كل الحسابات اللازمة يدوياً،
ويعود في الغد ومعه جدول نتائجه على علبة دخانه، يطلب من فيرمي أن يريه نتائجه
الجزئية (ذلك أن فيرمي كان قد حسب بعض القيم وليس كلها، بمساعدة آلة حاسبة)،
فيطابق ذلك مع جدوله، ويكتشف أنها مساوية لنتائجه هو، وهنا يقول إيتوري لفيرما إنه
يقبل العمل معه!
ينخرط إيتوري
ماجورانا في العمل في الفيزياء النظرية حيث كان الميكانيك الكمومي هو المسيطر على
الساحة. يحصل على شهادة الدكتوراه بإشراف فيرمي وله من العمر 23 سنة مع كل
الثناءات الممكنة. وكان أول من قال بضرورة وجود النترون. كان متحفظاً، خجولاً حتى،
لا يحب نشر المقالات، ولا يحب السفر لحضور المؤتمرات. وكثير من اكتشافاته النظرية
ذهبت باسم غيره. سافر مرة واحدة إلى ألمانيا حيث قابل الفيزيائي الشهير هيزنبرغ،
الذي حاز في العام نفسه (1933) على جائزة نوبل لمساهمته الكبيرة الميكانيك الكمومي. نشر ماجورانا
مقالاً عن بنية الذرة يصحح فيه نموذج هيزنبرغ. كما سافر إلى الدانمارك ضمن الرحلة
نفسها ليعود بعد فترة سقيماً يشكو من آلام معدة مبرحة، وليختفي بعدها في بيته يعمل
وحيداً، حيث أنتج أشياء كثيرة اكتشفت حديثاً، محاولاً إعادة صياغة الكثير من
المفاهيم الفيزيائية التقليدية بلغة الميكانيك الكمومي.
ومن عجائب الميكانيك
الكمومي أن الأشياء موجودة احتمالياً، وقياسها أو
مشاهدتها يجعلها واقعاً في المكان والزمان الذي يجري فيه القياس أو المشاهدة. فذرة
من مادة مشعة، هناك احتمال 50% لتفككها و50% لبقائها على حالها، ولا يمكن معرفة في
أية حالة هي إذا لم نجر قياس لهذه الحالة، ومن ثم فعموماً يمكن القول بأن ذرة ما من المادة
المشعة هي في حالة تفكك أو لا في الوقت نفسه. تماماً كما في حالة هرة شرودنغر الذي
يضعها في صندوق، ويسأل (مع تبسيط كبير لضرورة المقال)، هل الهرة ميتة أو حية الآن؟
لا أحد يستطيع الإجابة، إلا بعد فتح الصندوق. ولكن قبل فتح الصندوق فإن الهرة هي
في حالة ثالثة: ميتة وحية في الوقت نفسه.
وبالعودة إلى
صاحبنا ماجورانا، فبعد أن حصل على كرسي للفيزياء النظرية في جامعة في نابولي، يقرر الاختفاء. سافر إلى باليرما، بعد أن أرسل رسائل إلى أحد أصدقائه
وأسرته، بما يشبه الرغبة بالانتحار. ليختفي بعد ذلك دون أن يتمكن أحد من إيجاد أثر
له على الإطلاق بالرغم من بحث الشرطة عنه في كل مكان، وتتبع مسار سفره لحظة بلحظة
ليتوقف كل شيء بلا جواب. لم تبق الصحافة احتمالاً إلا وناقشته. كتب في ذلك العديد
من الكتب، ووضعت احتمالات وسيناريوهات مختلفة، من المؤامرة (لأنه على حد اعتقاد
البعض كان يعرف ما يقود إلى القنبلة النووية) إلى الخيال العالمي بوجوده في زمن
مواز، إلى أشياء كثير. كتبت مسرحيات حول ذلك وربما فيلم أيضاً.
بقي أن نقول إنه
ربما أراد أن يبرهن بأنه هو نفسه إحدى حالات الميكانيك الكمومي، وقد بقي على هذا الأساس
حتى عام 1959 حيث ثبتت وفاته رسمياً، وبين هذا التاريخ وتاريخ اختفائه كان مثل هرة
شرودنغر، الميت الحي!
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق