في دراسة قام بها الباحث
الاجتماعي السويسري جان كيلرهيلس رصد فيها حياة نحو 1500 زوج وزوجة من مختلف
الأعمار ويعيشان معاً منذ سنة على الأقل. وعلى عكس ما يمكن أن نظن بأن الأزواج
يعيشون جميعاً وفق نمط واحد يتكرر في كل البيوت على ما كان سائداً في وقت ما من
تشابه في الحياة الزوجية وفق نموذج شبه وحيد. ولكن الحياة الحالية بتعقيداتها
وتطورها، التي أعطت للزوجة استقلالاً اقتصادياً في كثير من الأحيان، أنتجت أنماطاً
مغايرة من العلاقات الزوجية. ووضع الباحث الأنماط في خمسة أنواع، هي:
نمط الحصن، الذي يعيش فيه الزوجان معاً على السرّاء
والضرّاء، وعلى فكرة أن الزوجين سيمضيان العمر معاً باتحادهما الذي يجعل منهما
شيئاً واحداً، يتقاسمان الميول والآراء نفسها، ويعملان معاً للنجاح المهني للزوج،
ذلك أنه في هذا النمط من النادر أن تكون الزوجة عاملة. يعملان معاً على تربية
الأبناء. التراضي هو القيمة المميزة لهذا النمط ويحرصان على الابتعاد عن الخلاف. لكل
من الطرفين دور محدد وفق النهج التقليدي لدور المرأة والرجل. المرأة تمضي معظم
وقتها في البيت، والرجل يهتم بالأحداث الخارجية. وهو نمط يمتاز بالاستقرار.
نمط الشراكة، شعار هذا النمط أن لكل
استقلاله لأن ذلك يجلب السعادة لكلا الطرفين وفقاً لاعتقادهما بذلك. ولكل منهما
آراءه ومشاريعه. وكل منهما يطمح بأن يكون كاملاً بمفرده على المستوى المهني
والأبوي والزوجي والثقافي. وفي هذا النمط يكون تقاسم المهمات بالتساوي، وهو أمر
قابل دائماً للتفاوض. وفي هذا النمط يكون لكلا الطرفين علاقاتهما الخارجية، التي
تجري معاً أو كل بمفرده. هذا النمط يكره الروتين. وهو نمط يسود عموماً في الأوساط
الميسورة مادياً وثقافياً. ميزة هذا النمط أنه يتيح الاستقلال للزوجين مع
الاستفادة من كل ما يتحه العيش معاً، واتفاقهما حول تقاسم الأدوار يجعل الحياة
بينهما تجري بسلاسة. ولكن المشاكل تظهر عندما تتباين المصالح الفردية ويكون على كل
منهما تقديم الكثير من التضحيات فيصبح الزواج عائقاً أمام ازدهار حياة كل منهما.
نمط الشرنقة، وهو نمط من الأزواج في حالة
حب مستمرة، وهدف الزوجين هو التعاطف والتعاضد والتسلية كجواب على مصاعب الحياة. معاً يبنيان عشهما، يحافظان عليه بعيداً عن تقلبات العالم، وهما ينهلان من
تقاربهما في الأذواق وأنشطتهما المشتركة، فهذا يوفر لهما شعوراً بالأمان. يتقاسمان
الهمات بالتساوي، وكلاهما يعمل، ويستغرقان في مهماتهما اليومية لتعويض إحباط
العالم الخارجي، لذا فهما منطويان على نفسهما ولا يشعران بانتمائهما إلى الوسط
المحيط كثيراً، ولا بالعالم وما يجري فيه، ولا بتطورهما المهني. تدوم المشاكل طويلاً
أمامهما قبل القيام بفعل ما. قوة هذا النمط هي في تعاضد الزوجين، وقد يعيشان بهناء
إذا لم تكن الحياة قاسية معهما.
نمط التماشي، وهو نمط يسير وفق مقولة: العيش
معاً طالما كان هذ هو الأفضل. وهو النمط الأكثر ابتعاداً عما نتصوره عن الزوجين
السعيدين. لكل منهما إيقاعه وأنشطته، ويبديان اكتراثاً أقل أحدهما بالآخر.
الانفصال في المهمات هو الأكثر جلاء بين كل الأنماط. هي تهتم بالبيت، وهو ينتظر
منها المساعدة في أنشطته الخارجية، وهو لا يجيد أي شيء من أعمالها، وليس في حاجة
كل منهما للآخر أي شأن عاطفي. علاقتهما مع المحيط الخارجي شبه معدومة، ويعيشان
بانفصال عن الأهل والأقارب والجيران. وطالما أن لا مشاكل هناك فالتعايش هو الصفة
الغالبة. لا يمكن التنبؤ بمصير هذا الزواج، وليس الفرح هو سيد الموقف في هذا
البيت.
نمط الرفقة، حيث تسود فكرة "الجماعة
أولاً". وهو نمط يعيش طويلاً. الزوجان يقبلان فكرة التشارك في المصير، وأن
حياتهما هي من حياة الأسرة التي يبنيانها معاً. كل شيء معروف لدى طرف عن الطرف
الآخر، وهما يشبهان نمط الحصن والشرنقة ولكن لهما اهتمام كبير بحياة المجتمع
المحيط بهما. وعلى عكس نمط الشراكة، فالزوجان هنا يهتمان بالصالح العام، وهما
مستعدان لتقديم التضحية. ولدى الزوجان في هذا النمط من المرونة للتكيف مع كثير من
الأشياء بما في ذلك تبادل الأدوار، وهو نمط منفتح على العالم الخارجي يتصرف فيه
الزوجان كمواطنين بالدرجة الأولى. وهو نمط يكون فيه الزوجان سعيدين ويضحكان كثيراً
ويسعدان أكثر بإنجازاتهما، وهذا النمط هو الأكثر بقاءً للزوجين معاً.
بقي أن نقول إن في هذا
النمط الأخير ما يدعو إلى الكثير من التأمل، ولكن لا يمكننا أن نكون غير ما نحن،
وليس لنا الخيار فيما يبدو في النمط الذي نعيش وفقه. إن معرفة أي نمط ننتمي إليه
قد تساعد في تجنب بعض المشاكل عن طريق استباق الأمور.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق