هي ديانة بنيت على ديانة سابقة تسمى
المزدائية، لا يعرف عن هذه الأخيرة الشيء الكثير. طورها زرادشت الذي يعتقد بأنه
وجد في القرن السابع قبل الميلاد في أفغانستان الحالية، والبعض الآخر يقول بأن
اكتشافات حديثة تقول بأن ذلك يعود إلى الألف الثاني قبل الميلاد، والبعض الآخر
يتساءل عن حقيقة وجود زرادشت. وأياً ما كان، فيقال بأن زرادشت صاغ تعاليمه على شكل أناشيد، أتلف معظمها
أيام غزو الاسكندر المكدوني لبلاد فارس وكذلك أيام الغزو العربي، وما بقي منها
يقدر بربع العدد الأصلي. هذه الأناشيد ضمها كتاب الزرادشتية المسمى
"أفستا".
شعار الزرادشتية |
يقول زرادشت بوجود إله واحد هو "أهورا
مازدا"، الذي خلق الكون والعناصر الأربعة: الماء والتراب والنار والهواء.
وخلق الإنسان أيضاً ومنحه حرية الاختيار بين الحسن والسيء وبين الخير والشر. ولم يقل زرادشت يوماً بأنه نبي، وإنما قدم نفسه على أنه من يشير إلى وجهات
البحث الروحي، لذا يعتبر الزرادشتيون أن إلههم لا يحتاج إلى وسيط.
وفي المعتقد الزرادشتي فإن كل إنسان مسؤول عن
أفعاله، وأن أفعاله هي صورة عنه. وهي عقيدة تدعو إلى الخير، وأن الخير هو في: طيب السرية، وطيب الكلام، وطيب الفعل. وأن
الطيبة هي شيء مثل النور الذي يأتي من أعماق النفس، وأن هذه الطيبة متأصلة في
الإنسان. وأن لدى كل إنسان توجهان، الأول يحمل الخير والثاني يحمل الشر: ويوصي
زرادشت باختيار الأول، وأن هذا الاختيار يكون عبر جدل داخلي دائم.
يقول الزرادشتيون بحياة بعد الموت وبحساب
الأرواح، وأن كل كائن سيحاسب بأعماله. وإذا كانت النتيجة هي لصاح أعماله الحسنة
فإن الروح ستذهب إلى عالم الترانيم عبر جسر ينتظرها في نهايته إله النور، وفي
الحالة المعاكسة فستذهب الروح إلى عالم الضلالة. وبيت الترانيم (الجنة) هو سرمدي،
أما بيت الضلالة (جهنم) فمدته محدودة. والكل سينتهي إلى الجنة حتى الأشرار، ولكن
بعد تمضية فترة مريرة في جهنم لمن اتسمت حياتهم بالضلالة.
ومن الطقوس الزرادشتية الصلوات الخمس يومياً،
وهي بهدف تذكر أن الاستقامة هي شيء حسن وبأفضلية فعل الخير. وكذلك تخصيص يوم في الشهر
للفرح، وخمسة أيام لأعياد رأس السنة (عيد النيروز). وأن الزواج إلزامي، والطلاق
محرم. وتشدد هذه الديانة على المساواة بين الرجل والمرأة. كما تشدد على ضرورة
الحفاظ على نقاء العناصر الأربعة لأنها عطاء من الرب. أما الرق والاستعباد
فممنوعان بالإطلاق. وهي تحث على العمل وتمقت الكسل. وتمنع عبادة الأوثان. وأن بيت
الإله ليس ذلك الذي يبنيه الإنسان وإنما قلبه ونفسه. ولا يجوز اضطهاد الإنسان ويجب
الثورة ضد ذلك. وضرورة الرفق بالحيوان، ومنع القرابين.
بقي أن نقول إن الزرادشتيين لا يعبدون النار
كما هو متداول، ولكنهم يقدرونها باعتبارها عطية من عطايا الإله ولأنها سبب النور،
نور إلههم الوحيد أهورا مازدا.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق