لم تكن صناعة
السلاح عبر التاريخ بالقدر التي هي عليه الآن. وما هو موجود لدى الدول من سلاح،
وخاصة النووي منه، يكفي لتدمير الأرض مرات ومرات. يمكننا الصراخ بقدر ما نريد لمنع
ذلك، لكن جشع الإنسان لا حدود له، ولم يعرف الإنسان أداة لتلبية أطماعه غير القتال
والحرب. فالرواية الدينية تقول إن قابيل قتل أخاه هابيل في بداية الخلق. وملاحم
وأساطير الحضارات الأولى يغلب فيها الحرب والقتل على كل شيء آخر.
بلغت مبيعات
العالم من السلاح أكثر من 400 مليار دولار في عام 2015، ولا شيء يقول بأنها ستنخفض
عن ذلك في هذا العام أو الأعوام القادمة. وهذه المبالغ تذهب للشركات المصنعة
للسلاح التي يبلغ دخلها مجتمعة قرابة 10 آلاف دولار في الثانية الواحدة.
وهذا طبعاً غير
الإنفاق العسكري الذي يقارب 2 ترليون دولار سنوياً على مستوى العالم. يكاد ثلثه أن يكون من
نصيب الولايات المتحدة ذات الميزانية العسكرية الأكبر في العالم وعبر التاريخ. وبذلك يبلغ
نصيب الفرد الأمريكي من المصاريف العسكرية نحو 2000 دولار سنوياً. ومجمل النفقات العالمية هذه تمثل 2.3% من الناتج
المحلي الإجمالي العالمي. وبتوزيع هذه الكلفة على سكان العالم نجد أن نصيب كل فرد
من الكلفة العسكرية على مستوى العالم هي نحو 250 دولار سنوياً.
جزء كبير من
السلاح الذي تصنعه الدول يكون لحاجتها أولاً، وبيع جزء منه للدول الأخرى. وحجم ما
يباع غير معروف بدقة. وبحسب معهد أبحاث السلام الدولي في ستوكهولم، فإن حجم التبادل التجاري في السلاح في العالم لعام
2013 بلغ 76 مليار دولار، ولكن المعهد يقول بأنه كان أكثر من ذلك. بعض الخبراء
يقدرون ذلك بالضعف.
في طليعة الدول المصدرة للسلاح، بين عامي 2010 و 2014 نجد الولايات المتحدة بنسبة 31%، تليها روسيا الاتحادية بنسبة 27%، ثم الصين وفرنسا
وألمانيا بنسبة 5% لكل دولة. أما الدولة المستوردة للسلاح فأولها الهند بنسبة 15%،
ثم السعودية والصين بنسبة 5% لكل منهما، ثم الإمارات العربية والباكستان بنسبة 4%
لكل منهما.
بقي أن نقول
إن دولاً كثيرة تعاني من الفقر وتحتاج إلى التنمية، وكان من الأجدى جعل هذه
النفقات والمصاريف فيما هو خير للإنسان وتقدمه. وبحسب نيلسون مانديلا فإن "التعليم هو أفضل سلاح يمكن استخدامه لتغيير العالم". ولكن هيهات، فقد بلغ من قتلوا في الحروب التي
جرت في بقاع مختلفة من العالم بعد الحرب العالمية الثانية أكثر من هؤلاء الذين
قتلوا في تلك الحرب المجنونة التي استهلكت قرابة 55 مليون نسمة!... لا يزال الطريق طويلاً أمام البشرية لبلوغ الإنسانية.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق