أفلست شركة كوداك الشهيرة في عالم التصوير، وهي الشركة التي كان يعمل فيها
177 ألف شخص في عام 1998 وتبيع 85% من ورق التصوير في العالم. وما حصل لهذه الشركة
حدث في الماضي القريب لصناعات كثيرة تطورت ثم اندثرت أو انتفت الحاجة إليها، مثل الساعات
الميكانيكية. حل محل آلات التصوير الورقية آلات التصوير الرقمية. وهذه ليست إلا
جزءاً من حركة عامة تشمل رويداً رويداً مناح مختلفة من الحياة اليومية.
فمع الذكاء الصنعي مثلاً ستحدث تغيرات في مجالات كثيرة مثل الصحة، والنقل،
والتعليم والزراعة والعمل. وكأننا إذن على أبواب ثورة صناعية رابعة.
فالآلات الذكية أصبحت حاضرة تستخدم في بعض الاختصاصات بكفاءة عالية، مثل
الصحة حيث تقوم آلة واتسون في الطب بتقديم مساعدة كبيرة في أورام السرطان، من حيث
التشخيص والعلاج، وبأخطاء أقل من ربع أخطاء الطاقم الطبي البشري. ولكن هذه الآلة (وهي آلة قادرة على تعلم أشياء كثيرة) تقوم بدور
مماثل في القانون، وبإمكانها أن تقدم استشارات قانونية، وأثبتت التجارب الميدانية
قدرتها على تقديم استشارات بدقة 90% في حين أن المحامين لا تزيد نسبة دقة
الاستشارات التي يقدمونها عن 70%، وهذا ما يمثل مشكلة عمل أو توظيف لخريجي كليات القانون
في أمريكا عند البحث عن عمل في المكاتب القانونية. ولا شيء يمنع إحراز هذه الآلة (الآلات) المزيد من التقدم.
سيارات بانتظار طلبات التنقل |
النقل سيكون مجالاً "لثورة" أخرى. فالسيارة التي تستطيع أن تتحرك
بمفردها أصبحت موجودة وهي في تحسن مستمر، ولن يطول الوقت حتى نجدها تملأ
الشوارع، ومعها لن يكون من داع لامتلاك سيارة ولا معرفة قيادتها، وحتى اقتناءها لن
يكون ضرورياً. سيكون من الممكن استدعاء سيارة للانتقال من مكان إلى آخر، التي
ستأتي بمفردها لتقوم بهذا الانتقال، ولن يكون من حاجة للبحث عن مكان لصف السيارة
أو الاهتمام بها. ومن ثم فكل العالم الذي يقوم على السيارات سينهار في جزء كبير
منه. وأوله شركات ضمان السيارات مثلاً، إذ إن عدد وفيات حوادث السيارات سينخفض جداً.
ربوت مزارع |
كما أن السيارات ستصبح في معظمها سيارات
كهربائية في السنوات القليلة القادمة (وستصبح المدن أقل ضجة). وسيكون معظم الطاقة
الكهربائية من الطاقة الشمسية التي تشهد هي الأخرى ثورة موازية. هذا يعني أن
الطاقة الكهربائية ستكون أرخص، وهذا يعني من بين أشياء كثيرة توفر الماء في كل
مكان وبسعر معقول للغاية.
الزراعة هي الأخرى ستعيش تغيراً كبيراً، إذا سيكون من الممكن شراء روبوت
فلاح بمائة دولار وسيتحول الفلاح إلى مدير لآلاته. وهذا الروبوت سيعمل في الحر
والقر، وفي الليل والنهار...
بقي أن نقول إن ما جاء سابقاً ليس من الأحلام، وهو بعض مما سيكون في العقد
القادم، لكن الأحلام ستكون ربما في إمكانية الحصول على عمل!... نتابع في مقال قادم.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق