عاش
نصف الكرة الأرضية الشمالي سنة لا صيف فيها في عام 1816، تأثرت بذلك دول الشمال في
أوروبا وكندا وأمريكا. كان سبب ذلك براكين عدة ثارت في ذلك العام. كان أكثرها أهمية
وأثراً بركان تامبورا الذي بدأ بنفث حممه وغباره في جزيرة سومباوا في إندونيسيا
بين اليوم الخامس والخامس عشر من شهر نيسان لعام 1816. أما الحمم فقد بقيت في
الجزيرة، ولكن الغبار الكبريتي الذي كان من الكثافة أن بلغ القطب الشمالي الذي أدى
إلى ارتفاع درجة حرارة إحدى الطبقات الجوية في منطقة القطب الشمالي نفسه مما أدى
إلى حدوث تيارات باردة وصلت إلى أمريكا وكندا وأوروبا الشمالية التي كانت قد عاشت شتاء
عادياً.
في
أيار عام 1816، تجمدت محاصيل كثيرة وضربت عواصف ثلجية شرق كندا وجزءً من شمال شرق
أمريكا أدت إلى وفاة الكثيرين. غطى الثلج شوارع مدينة كيبيك بارتفاع 30 سم في
بداية حزيران. وبين الخامس والسادس من شهر حزيران أصابت موجة برد قارس شمالي شرقي
الولايات المتحدة بعد أن كانت مدينة بوسطن تعيش قبل بضعة أيام حراً شديداً. وفي
شهري تموز وآب غطى الجليد البحيرات والأنهر حتى ولاية بنسلفانيا. وبالرغم من نجاح
مزارعي الجنوب الأمريكي في إنقاذ قدر لا بأس به من محاصيلهم إلا أن أسعار القمح تضاعفت،
أما الذرة فقد زادت بنسبة 30%.
أما
في أوروبا فتشير أرشيفات الأحوال الجوية إلى 25 يوماً من الغيوم المتواصلة في سماء
باريس في حزيران من العام نفسه، وأن الشمس لم تظهر في مجموع أشهر حزيران وتموز وآب
إلا لمدة 13 يوماً، مقابل 16 يوماً ماطراً والباقي غيم كثيف. وكان الحال في بقية
أوروبا مماثلاً أو أسوأ، فقد حدثت عواصف شديدة بما لم تعرفه أوروبا من قبل وكذلك
أمطار بغزارة نادرة فاضت على إثرها معظم الأنهار. كل هذا أدى إلى قيام الناس في إنكلترا
وفرنسا وبلجيكا بنهب مخازن الحبوب. وكان العنف بالغاً في سويسرا مما جعل الحكومة
تعلن حالة الطوارئ. كانت نسبة الوفيات في سويسرا أعلى بمرتين من وسطي الأعوام
السابقة. وفي هنغاريا تساقط ثلج بني، أما الثلج في إيطالياً فكان أحمراً. وكانت
كثافة الأمطار كارثية بالنسبة للرز في الصين.
بقي
أن نقول إن البعض أشار إلى أنه حتى اللوحات الفنية التي رسمت في ذلك العام في
أوروبا كثر اللون الترابي فيها بأكثر من المعتاد ... عالمنا عالم صغير بالرغم من
شعورنا بأن ما يحدث بعيداً لن يصيبنا بأثر!!
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق