عرفت
حكاية كروية واستواء الأرض تقلبات كثيرة، فقد عرف الأقدمون أن الأرض كروية من
إشارات عديدة أوصلتهم إلى هذا الاستنتاج، وقاس الليبي المصري الإغريقي إراتوستن في القرن
الثالث قبل الميلاد قطر الأرض بوسائل بسيطة وبدقة مقبولة إذا أخذنا دقة وسائل
القياس في هاتيك الأيام بالاعتبار. ولكن أمر كرويتها عاد ليصبح موضعاً للشك في أوروبا
منذ القرن السادس وساد اعتقاد باستوائها لسبب بسيط هو أنه إذا كانت الأرض كروية فكيف
سيكون حال من يقف على سطح الأرض في الجهة المقابلة لنا؟ وهذا الحال لم يسد طويلاً
مع احتكاك الأوروبيين بعرب الأندلس الذين تابعوا ما كان قد توصل إليه الأقدمون.

لم
يكن اكتشاف كولومبوس مقنعاً للآخرين الذين أدركوا أن ما وصل إليه لم يكن الهند
وإنما أراض أخرى. تابع البرتغالي فيرناند دو ماجلان ما بدأه كولومبوس بأن سار
باتجاه الغرب الجنوبي ووصل إلى أمريكا الجنوبية وسار في مضائق أرخبيل تيرا ديل فويغو (أرض النار) جنوبي هذه القارة
حتى بلغ المحيط الهندي، (أطلق على هذه المضائق فيما بعد اسم مضائق ماجلان)، وتابع سيره في المحيط
الهادئ ليبلغ شرقي آسيا. ولكن مغامرته توقفت في الفيليبين حيث قتل عام 1521 إثر أزمة نشبت بين طاقمه وأهل الجزيرة التي حل فيها.
بقي
أن نقول إن هذه الرحلات لم يكن تحقيقها ممكناً لولا السفن السريعة التي اخترعت في
تلك الآونة والبوصلة التي أخذت طريقها إلى الاستخدام في معرفة الاتجاهات منذ القرن
الثالث عشر، وطبعاً لولا طموح هؤلاء البحارة الفاتحين. فقد أمضى كولومبوس حياته
وهو يعد لرحلته الخالدة، وكذلك لولا أطماع الملوك الذين مولوا هذه الرحلات آملين بذهب وفير وثروة بما لا يقاس!
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق