اسم هرقل، أو هراقليس، يعني في اللغة اليونانية "مجد هيرا"، وهيرا هي شقيقة للعديد من الآلهة الإغريقية، من زيوس إلى بوزيدون. هرقل بحسب الأسطورة اليونانية، هو ابن الإله زيوس. وهو أحد أبطال اليونان القديمة الأكثر تمجيداً، تنسب إليه بطولات كثيرة في تجواله في العالم القديم (وهو في جلّه مدن البحر المتوسط)، حيث من النادر أن نرى مدينة إغريقية إلا وتنسب حادثة ما تتعلق بذكرى مرور هرقل فيها. ذكره هوميروس في كتاباته التي تعود إلى القرن الثامن قبل الميلاد.
وهرقل
أو هراقليس هذا يقابل هرقل الأسطورة الرومانية، أو ملككارت الفينيقي وغيرهم من الشخصيات الأسطورية القوية
لدى شعوب أخرى. ولكن هرقل الروماني لم يكن بعنف هرقل اليوناني وكانت
مغامراته محدودة في إيطاليا. أما ملككارت الفينيقي، فاسمه يعني "ملك
القرية"، وكان يطلق عليه اسم "بعل صور" أو بعل صيدا"، وهو إله
عمل على حماية التجارة والسفن والصلات بين قرطاجة والمدن الفينيقية في الساحل
السوري. المشترك بينهم أنهم أنصاف آلهة.
تلقى
هرقل الإغريق التدريب منذ صغره على القتال بالسيف والسهام وغيرها من الأسلحة،
وتعلم الرياضة والأدب والموسيقا. ولكنه كان كثير الحركة ومشاغباً مما اضطر استاذه
للموسيقا لضربه، فما كان من هرقل إلا قذفه بكرسيه فصرعه! وهكذا أصبح هرقل
مجرماً، وعند مثوله أمام القاضي روى كيف جرت الأمور، وصدر بحقه حكماً مخففاً لأنه قتل أستاذه
"دفاعاً عن النفس"، ومن يومها شاع ذلك كسبب قانوني في المحاكمات
المتعلقة بقضايا مشابهة! والحكم المخفف كان بإقصائه إلى الأرياف كراع للماشية وهناك يتدرب
أكثر وأكثر على الرماية بالسهم، الذي أصبح سلاحه الرئيسي.
وبقوسه
هذا تمكن من قتل أسد كان يهاجم قطعان الماشية في مملكة أحد ملوك الإغريق، كما أنه قبض
على خنزير بري اشتهر بشره، واصطاد طيور البحيرة أثناء طيرانها، وسبق الغزال في
العدو، وأمسك بثور هائج في جزيرة كريت، وروّض الفرسان البرية، وأحضر الحزام الذهبي
الخاص بملكة الأمازونيات، وسرق التفاحة الذهبية من حديقة، وقتل وحش بحري كان يهاجم
مدينة طروادة. قام بحروب كثيرة ضد ملوك وأمراء، كسب معظمها إن لم يكن كلها.
تزوج
هرقل هذا أربع مرات. الأولى هي ميغارا، والثانية هي أومفال ملكة ليدي التي
اشترته عندما أصبح عبداً، وبعد ذلك تزوج من ديجانير، وبعد هذه تزوج من إلهة الشباب
هيبي. وهذا الزواج حدث بعد أن دخل هرقل إلى عالم الخالدين. وسبب دخوله هذا العالم
هو أنه في يوم ما كان على ضفة نهر مع زوجته الثالثة ديجانير ويريدان عبوره، كان على الشاطئ
قارب صغير، طلب هرقل من صاحبه أن يحمل زوجته إلى الطرف الثاني على أن يقطع هرقل
النهر سباحة. وأثناء العبور حاول صاحب القارب التحرش بديجانير، فرماه هرقل بسهم
مسموم. هنا يطلب صاحب القارب من ديجانير أن تحتفظ بدمه الذي يمكن أن يحميها من أن
يُشغل هرقل عنها بامرأة أخرى. وهو دم مسموم، وضعت ديجانير بعضاً منه في كأس شراب
بينما كان هرقل أمام إحدى الفتيات، مما أدى إلى سقوطه على الأرض قاب قوسين أو أدنى من الموت،
وعندما أدركت ديجانير ما حدث قامت بضرب نفسها بسكين ذات حدين فماتت على الفور. هنا
يطلب هرقل من ابنه من ديجانير أن يأخذه إلى أعلى جبل أويتا وأن يضعه على كومة من الحطب ويضرم
فيها النار بأمل أن تشفيه من آلامه. عندها يتدخل زيوس ليرفعه إلى جبل الأولمب ليكون بين الآلهة
وليتزوج من إلهة الشباب هيبي. ولم يكن هذا الحادث كما تقول الأسطورة إلا لكي يتخلص
هرقل مما علق به من آثار البشر وليصبح خالداً.
بقي
أن نقول إن قرار الآلهة في ولادة هرقل كان هو الحاجة لوجوده كي يساعد البشر
والآلهة معاً على مواجهة الشرور التي كثرت في الأرض ... لكن لؤم وخبث البشر ممثلاً في صاحب القارب كان أقوى من قوة هرقل...
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق