الولادة الطبيعية
تحدث في الأماكن الطبيعية! وفي حالة الإنسان كانت الولادة تجري في البيت منذ أن عرف الإنسان السكنى. وفي التجمعات الإنسانية، حدث أن امرأة من نساء
المجموعة أصبحت على دراية أكثر من غيرها بمصاعب الولادة، التي لا تخلو من مخاطر في
حالة الإنسان بأكثر من الكائنات الأخرى. وهذه الصعوبات تتمثل أحياناً بعدم توافق حجم
رأس الجنين مع حوض الأم، أو وضعية الجنين في البطن لحظة خروجه من بطن أمه وغير ذلك،
مما يؤدي أحياناً إلى تمزق ونزيف وربما وفاة للأم أو للمولود. فقد كانت وفيات
الأطفال عند الولادة أو خلال الشهر الأول كانت بنسبة 20% حتى عهد قريب. وهذه
المرأة الخبيرة سميت بأسماء مختلفة، منها "الداية" في بعض الدول العربية
و"الولّادة" في بعض المجتمعات، ولكن التطور الطبي قاد إلى تأهيل وتدريب
امرأة طبياً على مسائل التوليد سميت بـ "القابلة القانونية". وفي كل
الأحوال فقد كان للولادة في البيت طعم إنساني مختلف، وكانت الداية في كثير من
المجتمعات بمثابة الجدة للكثيرين من الأطفال والشباب.
ومع التقدم الطبي،
أصبحت الولادة في المشافي المتخصصة بكل ما فيها من تجهيزات وإمكانات تسمح بمواجهة
أية تعقيدات سواء لدى المرأة الحامل أو الطفل الوليد، بكل ما في ذلك من حماية للأم
ولوليدها. وأصبحت الداية في خبر كان، وكذلك كل القلق الذي كان يحيط بعملية
الولادة.
ولكن ذلك لا يخلو
من شيء مقلق بالنسبة للمرأة التي تفضل الولادة في مكان خاص بها دون ذلك الوسط
الطبي المخيف إلى حد ما بضجيجه وأدواته واحتمالاته المخصص للمرضى. فالمرأة الحامل
ليست بمريضة بالتأكيد. ناهيك عن الكلفة الكبيرة أحياناً كما هو الحال في الولايات
المتحدة. وحتى في دول أخرى مثل فرنسا فإن الولادة التي لا مضاعفات فيها، وحيث لا
تبقى الأم لأكثر من ساعات في المشفى فإن الكلفة تزيد عن ألفي يورو. وهذه الكلفة هي
بسبب مقتضيات المستشفى التي لن تستخدم في معظم حالات الولادة.
إحدى غرف بيوت الولادة |
استجابة لذلك،
بدأت دولٌ كثيرة، كانت أولها الولايات المتحدة، في إقامة "بيوت
للولادة"، تديرها قابلات قانونية، وتٌستقبل فيها النساء الحوامل للولادة إلا
إذا كان التشخيص الطبي يشير إلى احتمال معاناة الحامل من تعقيدات ستتطلب على
الأغلب أن تكون الولادة في مستشفى تحسباً لأي طارئ. لاقت هذه البيوت نجاحاً في
الكثير من الدول الأوروبية، ووضعت لها قواعد وضوابط، من بينها أن تكون على مقربة
من مشفى وتوفر عربة إسعاف جاهزة في حالة حدوث أمر غير متوقع وأن يكون في بيت
الولادة قابلتان قانونيتان أثناء الولادة إلى غير ذلك من أمور احتياطية.
بقي أن نقول إن
الأمهات أعجبن بهذه البيوت لأكثر من سبب أقله أنهن يشعرن وكأنهن في بيوتهن، وإن
الآباء أيضاً رحبوا بذلك أيما ترحيب ففي هذه البيوت تنخفض كلفة الولادة إلى الثلث
أو أكثر!
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق