131- أَوَّلَ مَرَّة، (لا: لأَوَّلِ مرة!)
وَرَدَ التركيب (أول
مرة) في التنْزيل العزيز تسع مرات، منها: ]قُل يُحْييها الذي أنشأها أول مرة[.
وكثيراً ما نصادف في أيامنا هذا التركيب
بعد إدخال اللام عليه: (لأول مرة!)، ولا أرى لهذه اللام وجهاً، إذ لا يستقيم في
هذا التركيب أيٌّ من معانيها الكثيرة. فمثلاً:
يقولون:
1- يُقام
في دمشق معرض المخطوطات لأول مرة.
والوجه أن يقال:
يُقام في دمشق معرض المخطوطات أول مرة.
والأحسن: يقام في دمشق أول معرض للمخطوطات.
ويقولون:
2- الأمير فلان يزور دمشق غداً لأول مرة.
والوجه أن يقال:
غداً الأمير فلان يزور دمشق أول مرة.
ويقولون:
3- وقد شمل القصف
المدينة كلَّها لأول مرة.
والوجه أن يقال:
وهذه أول مرة يشمل فيها القصف المدينة كلها.
ويقولون:
4- سمحت السلطات
للصحفيين لأول مرة بحضور محاكمات المعتقلين.
والوجه أن يقال:
سمحت السلطات للصحفيين - وهذه أول مرة / وهذا أول سماح بحضور…
ويقولون:
5- الأديبة فلانة التي
مَنَحَتْها الأكاديمية الفرنسية ولأول مرة في تاريخها جائزة البلاغة والشعر.
والوجه أن يقال:
…التي كانت أوَّل امرأة تمنحها الأكاديمية…
أو: التي كانت أَوَّلَ مَن منحتها الأكاديمية في تاريخها…
أو: التي كانت الأُولى في تاريخ الأكاديمية التي حصلت على…
ويقولون:
6- وُجِّه أمس إلى فلان تحذير للمرة
الأخيرة.
والوجه أن يقال:
وُجِّه…… تحذير أخير.
ويقولون:
7- مَرَّرَ يده على جذع شجرته المفضلة
للمرة الأخيرة.
والوجه أن يقال:
مَرَّرَ يده… … مرةً أخيرة.
ويقولون:
8- أمس عُوقب فلانٌ للمرة الثالثة.
والوجه أن يقال:
أمس عُوقب فلان مرةً ثالثة.
9- جاء في إحدى
الدراسات عن الذخيرة اللغوية:
«أما اللغوي فلأول مرة في تاريخ البحوث
اللغوية ستكون تحت تصرفه أعظم مُدَوَّنة نَصِّيَّةٍ شهدها التاريخ - ما عدا دواوين العرب اللغوية - ولأول
مرة حقيقةً سيستغلّ هذه المدونة على شكل مندمج، أي بصورة قاعدة معطيات؛ ولأول مرة
أيضاً يمكنه أن يستغل ما فيها أينما كان…»
أقول: ليته قال:
أما اللغوي فستكون تحت
تصرفه- وهذه أول مرة في تاريخ البحوث اللغوية- أعظم مدونة… وسوف تكون المرة
الأولى التي يَستغل فيها هذه المدونة… والمرة الأولى التي يستغل فيها…
أو: أما
اللغوي فستكون هذه أولَ مرة في تاريخ البحوث اللغوية يُوضع فيها تحت تصرفه
أعظمُ مُدَوَّنة.
10- لا عيب في قول مَن قال:
…كانت تلك هي المرة الأولى
التي يترجِم فيها أديبٌ عربي إحدى الملاحم الأوربية.
132- مُدَّةَ كذا، (لا: لُمِدة كذا)
ظروف الزمان وأسماء الزمان(50) كلها صالحة للنصْب
على الظرفية (وتُعرب مفعولاً فيه) سواء أكانت
مُبْهَمَة، نحو: انتظرتُ مُدةً؛ سِرْتُ زمناً؛ صَبَرتُ دهراً.
أو مختصة صالحة للجواب على (متى)، نحو: أُسافر
يومَ الخميس.
أو معدودة تصلح جواباً لـِ (كم): نحو: سأغيب يومين / شهرين…
ومما يَنوب عن الظرف فيُنصب على أنه
مفعول فيه:
العدد المميَّز
بالظرف، نحو: سافرت ثلاثين يوماً.
(الأصل: سافرت مدةَ ثلاثين يوماً).
1-
العدد المضاف إلى الظرف، نحو: لزمتُ الدارَ ستةَ أيامٍ؛
سافرتُ أربعَ ساعات.
(الأصل: لزمت الدار مدةَ ستة أيام. سافرت مدة
أربع ساعات).
2- صفة الظرف، نحو: وقفتُ طويلاً، أي: وقفتُ زماناً طويلاً.
وكثيراً
ما نصادف في هذه الأيام ظرف الزمان (مُدَّة) أو غيره وقد
أُدخلت عليه اللام. ولا أرى لهذه اللام وجهاً. فعلى سبيل المثال:
والوجه أن يقال |
يقولون |
1- يستمر
المعرض / المؤتمر مدة أسبوعين
والأوجز: يستمر
المعرض أسبوعين!
|
1- يستمر المعرِض/ المؤتمر لمدة
أسبوعين
|
2- عمل فلان
في الشركة يومين فقط.
|
2- عمل فلان في الشركة ليومين فقط.
|
3- حصل فلان
على إجازة مدتها 4 أيام.
|
3- حصل فلان على إجازة لمدة 4 أيام.
|
4- سافر في
جولة… مدتها أسبوع.
أو: …
تستغرق أسبوعاً/ تمتد أسبوعاً…
|
4- سافر فلان في جولة تفتيشية لمدة
أسبوع.
|
5- … بيروت
طَوال ثلاثة أيام مؤتمر…
أو: عقد…
وقد دام المؤتمر ثلاثة أيام.
|
5- عُقد في بيروت، ولمدة ثلاثة أيام
مؤتمر إشهار (المؤسسة العربية للتحديث الفكري).
|
6- تأثيرات
هذا الدواء الجانبية ضعيفة، ولا تدوم طويلاً/ وتدوم زمناً قصيراً..
|
6- التأثيرات الجانبية لهذا الدواء
تكون(كذا) خفيفة(كذا) ولمدة قصيرة.
|
7- … صالح
سنتين بدءاً من تاريخ إصداره.
|
7- جواز السفر هذا صالِحٌ لمدة سنتين بدءاً…
|
8- شغل فلان
سنواتٍ طويلةً منصبَ…
|
8- شَغلَ فلانٌ لسنوات طويلةٍ منصب
المدير العام..
|
9- انتخب
فلان ليرأس الجمعية مدة سنتين.
أو: انتخب
فلان رئيساً للجمعية ومُدّته سنتان.
لا يصح:
انتخب رئيساً مدة سنتين، لأن الانتخاب ليس له ديمومة!
|
9- انتُخب فلانٌ رئيساً للجمعية لمدة
سنتين.
|
133- مُهِمَّة، مَهَمَّة؛ مُهِمٌّ،
هامٌّ
أورد الناقد اللغوي صلاح الدين
الزعبلاوي رحمه الله بحثاً رَصِيْناً في كتابه (لغة
العرب)، رأيت أن أقتبس منه تعميماً للفائدة.
· للفعل
الثلاثي (هَمَّ يَهُمُّ هَمًّا) مَعانٍ؛
منها ما يتعلق بالحزن والقلق ]المَصْدر- الهَمُّ- شائع الاستعمال بهذا
المعنى[. يقال: هَمَّهُ الأمرُ: أَقْلَقَهُ
وأَحْزَنَهُ، فالأمرُ هامٌّ (اسم
الفاعل)، وهو مَهْمُوم (اسم المفعول).
ومنها ما يتعلق بالطلب والقصد والإرادة.
يقال: لا مَهَمَّةَ لي: أي لا أَهُمُّ بذلك
ولا أفعله، أو لا أُريد.
و(مَهَمَّة) هنا، مَصْدر
ميميٌّ من الفعل هَمَّ. فإذا قيل: ذهب فلانٌ في مَهَمَّةٍ، فالمعنى: مضى في
قَصْدٍ أو مَطْلب.
· نَصَّت
المعاجم على أن الفعلين: الرباعي (أَهَمَّ)
والثلاثي (هَمَّ) بمعنى واحد. ولكن زيادة الهمزة
تعني التأكيد والمبالغة. ومن أجل هذا قالت العرب (المُهِمّ)
للأمر الشديد، ولم يقولوا (الهامّ)!
وهذا فَرْقُ ما بينهما.
وقد استُعمل الفعل (أَهَمَّ يُهِمُّ إهْماماً) بمعنيين:
1-
الأمر الشديد، نحو:
تداعى القومُ لِمُهمٍّ أو مُهِمَّةٍ (اسم
الفاعل)، أي تَنادَوْا لأمرٍ شديدٍ نزل بهم.
2-
الأمر تضطلع به
فيشْغلك ويَعْنيك.
فإذا أردتَ التعبير عن الأمر الذي
يُفوَّض إليك فتتولاّهُ وتَحْمِلُ مؤونته وتَبِعَتَهُ، فقُلْ: مُهِمَّة،
لأنها أَوْلى من (مَهَمَّة) في هذا الاستعمال، وألصق بالمعنى المراد.
ملاحظة: المُهِمُّ: ما يسترعي
الاهتمام من الأمور؛ وما يدعو إلى اليقظة والتدبير.
134- المَصْدَرُ
المِيْميُّ(77)
هو مصدرٌ قياسي يُبدأ
أبداً بميمٍ زائدة (وبسبب
لزوم هذه الميم أَوَّلَه، سَمَّوْهُ ميمياً)، ويساوي المصدرَ
الأصلي(75) في المعنى والدلالة
على الحَدَث؛ وقيل أيضاً إنه آكَدُ من معنى المصدر الأصلي.
وهو يُصاغ من الفعل الثلاثي على
وزن (مَفْعَل)،
بفتح الميم والعين وسكون الفاء، نحو: مَنْصَر ومَذْهَب ومَضْرب؛ ويلازم الإفراد
والتذكير، ولا تلحقه تاء التأنيث إلا سماعاً في رأي كثير من النحاة.
ويُصاغ من غير الثلاثي على
زِنَةِ اسم المفعول.
أولاً: نماذج من المصدر
الميمي المشتق من الثلاثي:
· مَأكَل (=
أَكْل)؛ مَغْنم (= غُنْم)، مَقْدم (= قُدوم)؛ مَرام (= رَوْم)؛ مَفَرّ (= فِرار)، مَدْخَل (= دُخول).
· وشَذَّ
فجاء على (مَفْعِل)
بكسر العين:
مَبيت، مجيء، مرجِع، مسِير،
مشِيب، مصِير، مَزِيد، مَوْعِد (= وَعْد)؛ مَوضِع (= وَضْع)، مَولِد (=
ولادة)؛ مَوْثِق (= ثقة).
· ومما
لحِقَتْه تاء التأنيث:
-
الوَلَدُ
مَبْخَلَة، مَجْبَنة، مَحْزَنَة.
-
الشكر
مَبْعَثَةٌ لنفس المُفُضِل، والكُفْر مَخْبَثَةٌ لنفس المُنْعِم.
-
مَحَبَّة
(مِن حَبَّ يَحِبُّ حُباًّ و حِباًّ)؛ مَخافة، مَقالة،
مَحْمَدة، مَفْسَدة، مَهْلكة، مَنْصَبَة… مَنال ومَنالة (= نَيْل)، مَفاز ومَفازة (= فَوْز)، مَسعى
ومَسْعاة، مَنْدم ومَنْدمة، مَعَاب ومَعَابة، مَوَدَّة، مَهَمَّة،
مَسَرَّة، مَذَمَّة، مَبَرَّة، مَشَقَّة…
وشذَّ
فجاء على (مَفْعِلة)
بكسر العين:
مَعِرفة، مَعْصِية، مغْفِرة، مَعِيْشة، مَقْدِرة، مَوعِظة…
ثانياً:
نماذج من المصدر الميمي المشتق من غير الثلاثي:
مُدْخَل (=
إدخال)، مُخْرَجِ (إخراج)،
مُجْرى (إجراء)،
مُقام ومُقامة (إقامة)،
مُغْنَى ومُغْناة
(إغناء)، مُنطَلَق (انطلاق)،
مُنقَلَب (انقلاب)،
مُصاب (إصابة)…
ملاحظة:
تُشارك المصدرَ الميميَّ في وزن (مَفْعَل)
أسماءُ الزمان والمكان المشتقة من الفعل الثلاثي، إذا كان مضارعه مفتوح العين أو
مضمومها وصحيح الآخِر، نحو: ذَهَب يذهَب مَذْهَب، دخَل يدخُل مَدْخَل.
أما أسماء الزمان والمكان من الثلاثي الذي
مضارعه مكسور العين صحيح الآخر فتصاغ على وزن (مَفْعِل) بكسر العين، نحو: يجلِس مَجْلِس؛ يغرِس
مَغْرِس (على حين المصدر الميمي من هذين الفعلين
هو: مَجْلَس، مَغْرَس!).
135-
متى يُجمع مفعول على مفاعيل؟
نشرت مجلة (العربي) [العدد 225؛
آب 1977)
بحثاً رصيناً للناقد اللغوي محمد خليفة التونسي رحمه الله، عنوانه هو عنوان هذه
الفقرة. وقد رأيت أن ألخَّصه لفائدته الكبيرة.
-
ذهب كثير من النحاة
القدامى إلى أن جموع التكسير سماعية، خلافاً لما ذهب إليه مجمع اللغة العربية في
القاهرة سنة 1937.
[قرر
مجمع القاهرة سنة 1937 جواز قياس ما لم
يُسمع على ما سُمع، وأن المَقيس على كلام العرب هو من كلام العرب.
«يُخطئ مَن يتوهّم أن كل جموع التكسير
سماعية: فهناك جموع التكسير المطّردة التي قد يكون إلى جانبها جموع سماعية
للمفردات المدروسة.» انظر (النحو
الوافي 4/634)، لمؤلفه عباس حسن.]
-
وجد القدماء في
المعاجم مثالين فقط: ملعون ملاعين، مشؤوم مشائيم،
فمنعوا القياس عليهما.
-
وجد بعض المتأخرين في
النصوص الأدبية المأثورة عن الفصحاء أمثلة أخرى: مجنون
مجانين، منكود مناكيد، مشهور مشاهير، مملوك مماليك، ميمون ميامين…
-
الكلمات التي وردت
على وزن (مفعول)
أربعة أنواع:
1- الأول يُستعمل مصدراً محضاً
للدلالة على الحدث؛ وما كان كذلك لا يُجمع البتة
]انظر الفقرة 54: جَمع المصدر[،
نحو قولنا: «هذا الرجل لا معقول له، ولا مجلود،
ولا ميسور» أي لا عقل له، ولا جلد،
ولا يسار. وأمثلة هذا النوع نادرة.
2- الثاني يُستعمل صفةً خالصة كما
في قولنا: (كلّ أب مربوط بأولاده). فإذا جمعنا كلمة (مربوط) هنا قلنا: (الآباء مربوطون بأولادهم،
والأمهات مربوطات بأولادهنّ)
أي: تُجمع جمع سلامة (مذكر سالم أو مؤنث سالم)، ولا تجمع جمع
تكسير (مرابيط!!). وأمثلة هذا النوع كثيرة جداً، منها: مسرور مسرورون، مبتور، معقود...،
شاعر مطبوع، شعراء مطبوعون…
3- الثالث: أسماء مصطلحات، أو أسماء ذوات
وهيئات، نحو: مفعول (مصطلح نَحْويّ) مفاعيل، موضوع (محور الكلام) مواضيع،
محلول (سائل فيه مادة مُنحلَّة) محاليل، مولود مواليد، محصول
محاصيل، مكتوب (رسالة)
مكاتيب، مجهول مجاهيل،
مشروع مشاريع، مرسوم مراسيم، منشور مناشير، مفهوم مفاهيم، مضمون (مُحتوى) مضامين،
مشروب مشاريب، معجون معاجين، منسوب (مُستوى) مناسيب، مستور (سِرٌّ)
مساتير، مركوب (نوع من النعال) مراكيب، مرجوع (الوشم الذي أُعيد سواده) مراجيع، مشحوف (نوع من الزوارق الصغار) مشاحيف...
[مرجوحة مراجيح، مقصورة
مقاصير، مطمورة مطامير…[
4- الرابع: كلمات
تدل على النَّسَب:
-
يُنسب إلى الاسم عادة
بزيادة ياء مشددة في آخره، نحو: عرب عربيّ، حجاز حجازي…
-
وهناك كلمات تدل على
النسب بغير هذه الصيغة اليائية، نحو: سَيّاف: ذو سيف؛ لَبَّان: ذو لبن…
-
وثمة كلمات كثيرة على
وزن مفعول تدل على النَّسَب، نحو:
مجنون (ذو جنون) مجانين؛
منكود (ذو
نكد) مناكيد؛ مشهور (ذو شهرة) مشاهير؛
ملعون (ذو
لعنة) ملاعين؛ مشؤوم (ذو شؤْم) مشائيم؛
متبوع (ذو
أتباع) متابيع؛ معتوه، مخبول، مهبول، منكور،
مملوك، منحوس…
ملاحظة:
بعض الكلمات قد تُستعمل مصدراً بحتاً (فلا تُجمع!)، نحو: فلانٌ لا ميسور له؛
أو صفة خالصة (فتُجمع!) نحو: هو ميسور اللقاء← هم مَيْسُورو اللقاء (جمع
مذكر سالم).
أما إذا أردناها نسبة بمعنى ذي يسار
فتجمع جمع تكسير على (مياسير).
فالمهم في جمع مفعول أو عدم جمعه على مفاعيل هو الدلالة في الاستعمال.
[جاء
في (نَفْح الطِّيْب 2/57): «سِيْروا إلى الله عُرْجاً ومكاسير،
فإن انتظار الصحة بِطالة.»
من المفيد أن أذكّر بما ورد سابقاً (الفقرة 53)
عن قياسية «جمع الوصف لمذكَّر غير العاقل» بالألف
والتاء. ومن الوصف اسم المفعول. يقال: مأكول مأكولات، مشروب مشروبات، ملبوسات،
مزروعات، محفوظات، ممنوعات مخطوطات، مسروقات منشورات، إلخ…
136- آتى يُؤْتي
إيتاءً - آتى يُؤاتي مؤاتاةً
في العربية أفعال
تحتمل صيغتُها وزنين: أَفْعَلَ وفاعَلَ. ومن المعلوم:
أن مضارع الوزن الأول
ومصدرَه هما: أفعَلَ← يُفْعِلُ إفْعالاً،
وأن مضارع الوزن
الثاني ومصدرَه هما: فاعَلَ← يفاعِلُ مُفاعلةً.
من هذه الأفعال: آجَرَ يُؤْجرُ إيجاراً - آجر
يُؤاجِرُ مؤاجَرَةً - آنس يُؤْنَس إيناساً- آنس يُؤانس
مؤانسةً…
ملاحظة:
ثمة أفعال شبيهة بالمذكورة، ولكن لها وزن واحد فقط:
·
إما (أَفْعَلَ)، مثل: آمَنَ يُؤْمن إيماناً؛ آوى يُؤْوي إيواءً؛ آلى يُؤْلي
إيلاءً (إن صيغة مصدر هذا الفعل- الذي يعنى حَلَفَ /
أَقْسَمَ- تطابق صيغة مصدر الفعل: أَوْلَى يُوْلي إيلاءً! يقال: أولى فلاناً
معروفاً؛ أو: أَوْلاه اهتماماً…)
·
وإما (فاعَلَ) مثل: آسى
يُؤاسي مؤاساة- آخى يؤاخي مؤاخاةً…
ومما يستوقف النظر أن
معاجم اللغة لا تشير غالباً إلى أن ثمة وزنين للفعل؛ وبعضها يشرح الفعلين بحيث
تتداخل معانيهما! سنشرح هنا معانيَ كلِّ فعلٍ على حِدَتِه.
أولاً:
آتى (أفعَلَ) يؤتي إيتاءً (أصله أأتى بهمزتين!)؛ صيغة الأمر: أَفْعِلْ:
آتِ!
1-
آتاهُ الشيءَ: جاء به
إليه. وفي التنْزيل العزيز:) قال لِفَتَاةُ آتِنا غداءَنا(.
2-
آتى فلاناً الشيءَ:
أعطاه إياه. وفي التنْزيل العزيز: )ربَّنا آتِنا في الدنيا حسنةً وفي الآخِرة حسنةً(. )وآتى
المالَ على حُبِّه ذوي القُربى واليتامى والمساكين(. )وآتِ ذا القُربى حقَّه(. )ومَن
قُدِرَ عليه رِزُقُه فلْيُنْفِقْ مما آتاه اللهُ(.
3-
آتى الزكاة: أدّاها،
دَفَعها.
4-
آتى إليه الشيءَ:
ساقه إليه. وفي الحديث: «مَن آتى إليكم معروفاً
فكافِئوه.»
ثانياً:
آتى (فاعَلَ) يؤاتي مُؤاتاة (أصله أاتى)؛ صيغة الأمر: فاعِلْ:
آتِ!
1-
آتى فلاناً على
الأمر: وافقه وطاوعه وجاراه. وفي الحديث: «خير النساء
المؤاتية / المواتية لزوجها.»
وفي (أساس البلاغة): «تقول: فلانٌ كريم المواتاة
جميل المواساة. وهذا أمر لا يواتيني.»
يقال: لا تُؤاتِهِ على
مَعْصية!
2-
آتَتْ فلاناً
الفُرصة: سَنَحَتْ /
عَرَضَتْ له.
3-
آتى فلاناً بكذا:
جازاه به.
ثالثاً:
أهل اليمن لا يهمزون هذا الفعل فيقولون: واتاه على الأمر يواتيه مواتاةً و وِتاءً
[زِنة (فِعال)].
137- رئيس- رئيسيّ (1)
جاء في كتاب (جامع
الدروس العربية) للشيخ مصطفى الغلاييني:
أ-
«في النسبة معنى
الصِّفَة، لأنك إذا قلت (هذا رجلٌ بيروتيّ) فقد وصفته بهذه النسبة. فإن كان الاسم
صفةً، ففي النسبة إليه معنى المبالغة في الصفة...»
إذن تجوز النسبة(91) (أو النَّسَب) إلى الاسم وإلى الصفة.
ب- يفيد
النسبُ الانتماءَ أو الصلة أو الارتباط.
فإذا قلنا مثلاً: (هذا
رجلٌ دمشقيّ)، فالمعنى أن المنسوب (دمشقي) ينتمي إلى
المنسوب إليه (دمشق).
كما يفيد الشَّبَهَ أحياناً:
فإذا قلنا: (هذا مُركّبٌ عجينيّ، وذاك سائل
حليبيّ، ولهذا الطفل جِلدٌ حريريّ)، فالمعنى أن للمركّب صفات العجين (أو يشبه العجين)، وأن السائل يشبه
الحليب، وأن جلد الطفل كالحرير...
ج- كلمة
(رئيس) في الأصل صفة تعنى في دلالتها اللغوية: الشريف، وسَيِّد القوم، أي
مَن له الصدارة والتقدم على سواه. لذا يوصف بها -
على سبيل التشبيه - الشخص المُبرِّز في علمه أو فنّه أو فضله. وقديماً
قالوا: الشيخ الرئيس ابن سينا.
كما يوصف بها الشيء الذي يَنْزل من غيره من الأشياء مَنْزلة السيد
من قومه. ففي الجسم البشري أعضاءٌ لا يعيش الإنسان بفقد واحد منها (هي:
القلب، والدماغ،
والكبد، والرئتان،
والكليتان) وقد وُصِفت قديماً بأنها (الأعضاء الرئيسة).
د- كثيراً
ما نصادف في كتابات المُحْدَثين عبارات مثل: عنصر رئيسيّ، وظيفة رئيسية، شخصيات
رئيسية، الخ... ويُخَطِّئ بعضُ النقّاد هذا الاستعمال، أي الوصف بصيغة النسَب إلى
(رئيس)، قائلين بأن التعبير لا يصحّ إلا بدون ياء النسَب المشددة!
أما حُجّتهم في ذلك فهي أن الوصف بـ
(رئيسي) لم يرد في الكتابات القديمة، وأن المنسوب يختلف عن المنسوب إليه. فالدمشقي
هو غير دمشق، مثلما أن الملكيّ هو غير المَلِك!
هـ - بيد أن استعمال كلمة (رئيس) اتسع
في العصر الحديث، وصارت لَقَباً للأشخاص عادةً، يَدُلُّ في الاستعمال على
منصب أو وظيفة؛ من ذلك: رئيس الدولة، رئيس الجمهورية، رئيس مجلس الوزراء، رئيس
المحكمة، رئيس الجامعة، الخ...
وبعبارة أخرى، الصفة (رئيس) غَلبتْ عليها الاسميّة،
فصارت - في العصر الحديث - كالاسم الجامد،
إضافتها معنوية (تُكسبها تعريفاً) بدليل أننا نَصِفُها بمعرفة فنقول: رئيسُ
الدولة الـ جديدُ.
ومن المعلوم أن الاسم الجامد (الذي لا يُؤوَّل بمشتق) لا يوصف به إلا
إذا لَحِقتْه ياء النسَب المشدّدة! (انظر
الفقرة 139).
وفي رأي النقّاد المتشدِّدين «يصحُّ
النسَب إلى (رئيس) في أصل معناه، بأن يقال: (مرسوم
رئيسيّ) أي صادر عن الرئيس»! ]كما يقال مرسوم ملكيّ[. لكن هذا غير مألوف البتة، والمألوف أن
يقال: مرسوم جمهوري، أو مرسوم رئاسي...
ويترتَّب على رأي النقّاد - من التقابل بين (مرسوم رئيسي) و(مرسوم
ملكيّ)- أن لفظ (رئيس) انجذب إلى الاسمية وصار يقابل لفظ (مَلِك)، وهذا يؤيد ما
ذهبنا إليه آنفاً.
و- لكن الحياة حافلة بالأشخاص والأشياء
والأفكار والاتجاهات، الخ... ذوات الأهمية الخاصة في بابها أو التَمَيُّز على
أشباهها، أو التأثير في سواها. وكلٌّ منها بهذا ينتمي إلى مفهوم (رئيس) ويأخذ
بحظٍّ منه. وللدلالة على ذلك يستعمل المحدَثون الوصف بصيغة النسَب، فيقولون:
(الشخصيات، أو العناصر، أو الاتجاهات) الرئيسية.
وحين يصف الكاتب (العنصر) بأنه (رئيسيّ)
فإنه يقصد إلى أن يَنسُب إلى العنصر صفات المنسوب إليه (رئيس) على جهة التشبيه
(انظر الفقرة ب). فإذا قال: (هذا عنصر
رئيسيّ في الموضوع)، عَنَى أن العنصر يَنْزل من عناصر الموضوع مَنْزلة الرئيس ممن يليه في الترتيب
مكانةً. فهو إنما يريد تشبيه العنصر في مكانه من العناصر
الأخرى بالرئيس في مكانه، وهو مكان الرئاسة والتَّصَدُّر.
والجدير بالملاحظة أن صيغة (رئيسيّ) هذه قد استقرت في دلالتها
المشار إليها؛ ولا يصحّ استعمالها إلا إذا كان الموصوف (عنصر، عضو، شخصية) جزءاً من مجموعة
من جنسه. وقد
أصدر مجمع اللغة العربية بالقاهرة سنة 1968 قراراً سوَّغ فيه
استعمال الوصف (رئيسيّ).
138- جواز النسبة(91) إلى جمع التكسير،
وإلى ما جُمِع بالألِفِ والتاء من الأعلام
أصدر مَجْمع اللغة
العربية في القاهرة سنة 1937 القرار الآتي:
«المذهب البَصْريّ في النسَب إلى جمع
التكسير أن يُرَدَّ إلى واحِدِهِ، ثم يُنسَب إلى هذا الواحد. ويرى المجمع أن يُنسب
إلى لفظ الجمع عند الحاجة، كإرادة التمييز أو نحو ذلك.»
فقد رأى المجْمع أن النسبة إلى الجمع قد
تكون في بعض الأحيان أَبْيَنَ وأدقَّ في التعبير عن المراد من النسبة إلى المفرد.
لذا عَدَلَ عن مذهب البصريين القائلين بقَصْر النسبة على المفرد، إلى مذهب
الكوفيين المترخِّصين في إباحة النسبة إلى الجمع توضيحاً وتبييناً، علماً بأن
المسموع عن العرب من المنسوب إلى جمع التكسير غير قليل. وفيما يأتي نماذج شائعة.
-
أنصاريّ:
نسبةً إلى الأنصار أهل مدينة الرسول الذين ناصروه حين هاجر إليهم.
-
الثعالبيّ:
نسبةً إلى ثعالب، وهي قبائل من العرب شتى؛ وقد عُرف بهذه النسبة غير واحد.
-
الجواليقيّ:
نسبةً إلى جواليق جمع جُِوالق، وهو وعاء من صُوف أو شَعْر أو غيرهما، كالغِرارة،
(وهو عند العامة شُِوَال). لقبُ عالِمٍ لُغويّ توفي ببغداد سنة 539هـ.
-
مُلوكيّ:
يقال مثلاً: لباسٌ / طعامٌ ملوكي:
يليق بالملوك.
-
ملائكيّ:
يقال مثلاً: وجْهٌ ملائكيّ: كوجه الملائكة!
-
عشائري:
نسبة إلى عشائر. يقال: نظامٌ عشائريّ.
-
كُتُبِيّ:
هو بائع الكُتب. يقال: السُّوق الكُتُبيّة.
-
أحيائيّ:
نسبة إلى أحياء. يقال: عالِمٌ أحيائي.
-
الجواهريّ:
هو من يصنع الجواهر أو يبيعها. وهو لقب محمد حسن باقر (توفي
1266
هـ)؛ ولقب الشاعر مهدي الجواهريّ (من
فحول شعراء القرن العشرين).
-
سكاكينيّ:
لقب من يصنع السكاكين أو يبيعها.
-
صناديقي:
لقب من يصنع الصناديق أو يبيعها.
-
أما الصَّحابيّ (ويُجمع
على صَحَابة) فهو مَن لقي النبيّ عليه الصلاة والسلام مؤمناً به ومات على الإسلام.
-
وأما الأَعرابيّ (ويُجمع على أَعْراب) فهو أحد سكان البادية.
-
وأما العَربيّ، فهو المنسوب إلى العرب، وهُم أُمَّةٌ من
الناس كان منشؤها شبه جزيرة العرب.
فالألفاظ: صحابة وأعراب وعرب
ليست جموع تكسير!
-
الدُّوَليّ:
العالميّ (نسبة إلى الدُّوَل): يقال: مطار / مَعرِض دمشق الدُّوَلي. عُقِد مؤتمر دُوَليّ...
]الدَّوْلي: المنسوب إلى الدَّوْلة.
يقال: جامعة دَوْلية، تمييزاً لها من الجامعات الأهلية الخاصة.[
وفي عام 1974
أصدر مجمع القاهرة قراراً أجاز فيه النَّسَب إلى ما جُمِع بالألِف والتاء من
الأعلام وما يجري مجراها، دون حذف الألِف والتاء.
فالسّاداتيّ: هي
النسبة إلى مَن اسمه السادات.
وعَطِيّاتيّ: هي النسبة إلى مَن اسمها
عطيات.
وكذلك ما يجري مجرى الأعلام من أسماء
الأجناس والحِرَف والمصطلحات، مما يدلُّ على مُعَيَّن، مثل: الساعاتيّ، والآلاتيّ،
والمخلّلاتي... وذلك فِراراً من اللّبْس إذا حُذفت الألِف والتاء عند النسب.
· من
المعلوم أن كلمة (علاقة) مثلاً تُجْمع- تكسيراً- على علائق، وتُجْمع- تصحيحاً- على
علاقات. فإذا أُريدَ النَّسَب إلى جملة علاقات قيل: علائقيّ! إذ لا يصحّ النسب إلى
(علاقات) لعدم انطباق القرار المجمعي عليها!
مراجع البحث
-
النحو الوافي 4/724-741،
لعبّاس حسن.
-
كتاب في أصول اللغة 2/90
(من مطبوعات مجْمع القاهرة).
-
كتاب في أصول اللغة 4/698
(من مطبوعات مجْمع القاهرة).
139- الاسم الجامد، متى يَصِحُّ النعتُ
به؟
الأصل في النعت(93) (الصفة / الوصف) أن يكون اسماً مشتقاً،
كاسم الفاعل، واسم المفعول، والصفة المشبَّهة، واسم التفضيل، نحو: جاء الرجلُ المجاهدُ. هذا
حَلٌّ مقبولٌّ. هذا عالِمٌ عظيمٌ. خالدٌ بطلٌ
أشجعُ من غيره. وقد يكون جملة اسمية أو فعْليّة.
وقد يكون اسماً جامداً مُؤَوَّلاً
بمشتق، وذلك في تسعِ صُوَرٍ، منها:
1- ما دَلَّ على تشبيه،
نحو: قابلتُ رجلاً أسداً، أي شجاعاً
كالأسد. رأيتُ رجلاً ثعلباً،
أي محتالاً كالثعلب. كان السَّجَّان رجلاً وَحْشاً،
أي قاسياً كالوحش.
2- المصدر،
بشرط:
ب-
أن يكون مصدر فِعْلٍ
ثلاثي.
ج- ألاّ يكون ميمياً.
ويقول علماء البلاغة إن النعت بالمصدر
أبلغ في أداء الغرض من النعت بالمشتق، وإنه يكون من باب المبالغة (أو من باب مجاز
الحذف أو المجاز المرسَل). وقد ورد كثيراً في التنْزيل العزيز وفي غيره:
· )... إنّا سَمِعنا قرآناً عَجَباً( (الجِنّ
1)، أي عجيباً.
·
)... َلأَسْقيناهُم ماءً غَدَقاً( (الجن 16)، أي كثيراً.
·
)ومَن يُعْرِض عن ذِكْرِ رَبِّه يَسْلُكْهُ عذاباً صَعَداً( (الجن 17)، أي شديد المشقة.
·
)وجاؤوا على قميصه بِدَمٍ كذِبٍ( (يوسف 18)، أي كاذب.
· هؤلاء شُهودٌ صِدْقٌ، أي صادقون.
· عندي لَبَنٌ حَلْبٌ، أي مَحْلوبٌ.
· القائد الرَّمْز: أي الرامِز إلى (الدالُّ على / المشير إلى) طموحات شعبه وأمانيه.
3- الاسم الجامد الذي لَحِقَتْهُ
ياء النَّسَب المشَدَّدة، نحو:
· هذا رجلٌ حَلَبِيٌّ، أي منسوبٌ إلى حَلَب.
· هذا قَمْعٌ وَحْشيٌّ، أي نُسبتْ إليه صفة قسوة الوحش. ]لا يقال: هذا قَمْعٌ وَحْشٌ![.
§ جاء
في إحدى المجلاَت الشهيرة: «إن الحوارَ والتسامحَ هو المبدأ الأساسُ في
علاقات البَشر.»
وجاء في المقال نفسه(!):«أما شركات
الإنتاج فهي العامل الأساسيّ في رفع الدراما السورية وفي أزْمتِها اليوم.»
أقول: (الأساس)
ليس مصدراً ليُنْعتَ به: المبدأ الأساس! وقبل إبداء الرأي في هذا التركيب، لِننظر
في بعض معاني كلمتي (مبدأ)
و(أساس) في معاجم اللغة.
مبدأ الشيء: أَوَّلُه؛ - مُنْطَلَقُه؛
قواعده الأساسية التي يقوم عليها ولا يخرج عنها.
يقال مثلاً: مبادئ
عِلم الميكانيك: قواعده الأساسية.
الأساس:
-
قاعدة البناء التي
يُقام عليها.
-
أصل كل
شيء ومبدؤه؛ ومنه: أساس الفكرة، وأساس البحث.
-
التعليم
الأساسيّ:
الخبرة العلمية والعملية التي لا غنى عنها للناشئ.
لذا فالوجه أن يقال: الحِوار والتسامح هما أساس العلاقات بين البشر.
أما (المبدأ الأساسيّ) فمعناه: القاعدة الأصلية. فالمبدأ
الأساسيّ في التعامل بين الدُّوَل مثلاً، هو الاحترام المتبادل وعدم التدخل في
الشؤون الداخلية للآخرين.
و (الفكرة الأساسية) لروايةٍ تمثيلية، هي الفكرة الأصلية
التي انطلقت منها الرواية.
وأما التركيب (العامل الأساسيّ) الذي جاء في المقال، فهو تركيب سليم يُفهم
منه نسبة صفات الأساس إلى أحد عوامل رفع الدراما السورية...
ولكن يمكن استعمال (العامل الأساسيّ) في
سِياقٍ آخر بمعنى (العامل الذي لا غنى عنه): نحو: العامل الأساسي في النمو
الاقتصادي لدولةٍ ما هو التخطيط السليم ومتابعة تنفيذه.
ويستعمل الوصف (أساسيّ) أيضاً بمعنى
(جوهريّ)، أي بخلاف (الثانوي)...
يقال: أساسيّات
الموضوع: مبادئه أو أصوله الجوهرية.
العامل الأساسي:
العامل الجوهري؛ العامل الذي لا غنى عنه...
140- بَلْ(123)
(بل): أداةٌ تكون:
أ- حرف عطف إذا دخلت على المُفْرد
(أي ما ليس جملة):
1-
فإذا سبقها كلام مُثْبَتٌ أو أمرٌ، كانت للعُدول عنه إلى شيءٍ آخَرَ، نحو: (قال زهيرٌ نثراً، بل شِعراً)، (جاء سعيد، بل خالد)، (قل
شِعراً، بل نثراً)، (اِشربْ ماءً، بل حليباً).
2-
وإذا سبقها نَفْيٌ أو نَهْيٌ كانت للاستدراك بمعنى (لكْن): تُقَرِّرُ ما
قَبْلها وتُثْبِت خِلافه لما بعدها، نحو: (ما زرعتُ
قمحاً، بل قُطْناً)، (ما زهيرُ خطيبٌ بل شاعرٌ). (لا نَزُوْرُ العدوَّ، بل
الصديقَ)، (لا تُصاحبْ جاهلاً، بل عالِماً)، (لا تُصادقِ الأحمق، بل العاقلَ).
3- وإذا كان الكلام قبلها منفياً بـ (ليس(178))
أو (ما(179)) الحجازية العاملةِ عمل (ليس)، وجب
رَفْعُ ما بعدها، نحو: (ليس خالدٌ شاعراً، بل كاتبٌ)،
كاتب: خبر لمبتدأ محذوف تقديره (هو). (ما سعيدٌ كسولاً،
بل مجتهد). (ما هذا بَشَراً، بل مَلاك).
ب - حرف ابتداء، إذا دخلت على الجملة
(لا المُفرد):
1- فتُفيد
حيناً إبطال المعنى الذي قبلها والردَّ عليه بما بعدها، نحو: )أم يقولون به جِنَّةٌ، بل جاءهم بالحقّ(
(المؤمنون 70).
(قيل: زيدٌ شجاع، بل هو جبان)، فتكون هنا (للإضراب الإبطالي).
)ولا تحسبنَّ الذين قتلوا في سبيل الله أمواتاً، بل أحياءٌ عند ربهم
يرزقون( (آل عمران 169).
)ولا تقولوا لمن يُقتل في سبيل الله أمواتٌ، بل أحياءٌ ولكن لا تشعرون( (البقرة 154).
)لا تَحْسَبوه شَرّاً لكم، بل هو خَيْرٌ لكم( (النور 11).
قال عمر بن شأس:
لَسْنا نموت على
مضاجعنا بالليل، بل أدواؤُنا
القتلُ
2- وتفيد حيناً الانتقال من
معنىً إلى معنىً آخر، فلا يُنْقَضُ الأول ولا يُبْطَل، نحو:
)قد أفلح مَن تَزَكّى وذكر اسمَ رَبِّه فَصَلَّى* بل تُؤْثرون الحياة الدنيا( (الأعلى 14-16)،
فتكون هنا (للإضراب الانتقالي).
قال ابن قَيِّم الجَوزيّة: «وهذا يشهد بأنَّ القرآنَ، بل هاتان السورتان من أعظم أعلام
النُّبُوَّة.»
· قد
تُزاد (لا) قبل (بل) للتوكيد، نحو: (خالدٌ متعلمٌ، لا بل
عالمٌ). بل: حرف عطف. (ما ودَّعتُ زهيراً يومَ
سفره، لا بل ودَّعْتُ الأُنسَ والطمأنينة). بل: حرف ابتداء.
· قد
تُزاد (الواو) بعد (بل) فتفيد هذه الأداة الجديدة (بل و) الاستدراك مع الإضافة.
وقد استعملها الأقدمون منذ القرن الثاني الهجري، وتتابع استعمالها في كل القرون
اللاحقة حتى أيامنا هذه. فهي- خلافاً لما جاء في المعجم الوسيط- ليست من
كلام المُحْدَثين! جاء في ديوان أبي نُواس (توفي سنة 195
هـ تقريباً):
ما حُجّتي فيما أتيتُ
وما قَوْلي لربيّ، بل وما
عُذْري؟
واستعملها ابن الرومي، وابن سينا،
وابن رشد، والآمدي،
وابن خَلدون، وابن الجزري، وكثير غيرهم.
· تجيء
(كلاّ) قبل (بل) فتفيد الردْعَ والزَّجْر الموجَّه إلى ما قبلها، مثل:
)بل يُريد كلُّ امْرِىءٍ منهم أن يُؤتَى صُحُفاً مُنَشَّرة * كلاّ بل لا يخافون الآخرة(
(المدّثر 53). ردعٌ لهم عما أرادوه.
(1) استفدت عند إعداد هذا البحث من مناقشات أعضاء مجمع
اللغة العربية بالقاهرة، الواردة في (كتاب الألفاظ والأساليب) الجزء الأول الصادر
سنة 1977؛ غير أني عالجتُ
المسألة من زاوية مختلفة جداً.
هذا قاضٍ عَدْلٌ (أي عادل). هذه قاضيةٌ عَدْلٌ (أي عادلة).
هذان قاضيان عدل (أو عَدْلان). هاتان قاضيتان عدل (أو عَدْلان).
هؤلاء قُضاة عدل (أو عُدول). هؤلاء قاضيات عدل (أو عدول).
فلانٌ رجلٌ ثِقةٌ، أي موثوقٌ (به). فلانةُ امرأةٌ ثِقةٌ. (فلانة لا تُنَوَّن!).
هذا طبيبٌ رَحْمةٌ، أي رحيمٌ.
فلانٌ حُجَّةٌ، أي عالِمٌ ثَبَتٌ.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق