كتب محمود الحامد:
قال عمر أبو ريشة:
وثبتْ تستقرب النجم مجالا .. وتهادتْ تسحب الذيل اختيالا
وحيالي غادةٌ تلعب في .. شعرها المائجِ غنجاً ودلالا
طلعةٌ ريَّا ، وشيءٌ باهرٌ ..أجمالُ ؟ جلَّ أن يُسمى جمالا
فتبسمتُ لها ، فابتسمت .. وأجالت فيَّ ألحاظاً كسالى
وتجاذبنا الأحاديث فما .. انخفضت حساً ولا سفتْ خيالا
كل حرفٍ زلَّ عن مرشفها .. نثر الطيب يمينا وشمالا !
قلت يا حسناء ، من أنتِ ومِن .. أي دوحٍ أفرع الغصن وطالا
فرنتْ شامخةً أحسبها .. فوق أنساب البريا تتعالى
وأجابت أنا من أندلسٍ .. جنة الدنيا سهولاً وجبالا
وجدودي ، ألمح الدهر على ..ذكرهم يطوي جناحيه جلالا
بوركتْ صحراؤهم كم زخرتْ .. بالمروءات رياحاً ورمالا
حملوا الشرقَ سناء وسنىً .. وتخطوا ملعبَ الغرب نضالا
فنما المجد على آثارهم .. وتحدى ، بعد ما زالوا ، الزوالا
هؤلاء الصِّيد قومي فانتسبْ ..إن تجد أكرمَ من قومي رجالا
أطرق القلبُ ، وغامت أعيني.. برؤاها وتجاهلتُ السؤالا
قال نزار قباني:
في مدخل " الحمراء " كان لقاؤنا .. ما أطيب اللقيا بلاميعاد!!
عينان سوداوان.. في حجريهما .. تتوالدُ الأبعادُ من أبعادِ
هل أنتِ إسبانية؟ .. ساءلتها .. قالت: وفي غرناطة ميلادي
غرناطة! وصحتْ قرونٌ سبعةٌ .. في تينك العينين.. بعد رقادِ
وأميةٌ .. راياتُها مرفوعةٌ .. وجيادُها موصولةٌ بجيادِ
ماأغربَ التاريخ..! كيف أعادني .. لحفيدة سمراء.. من أحفادي!
وجهٌ دمشقيٌّ .. رأيت خلالهُ .. أجفانَ بلقيسٍ .. وجِيدَ سُعادِ
ورأيتُ منزلَنا القديمَ .. وحجرةً .. كانت بهاأمي تمدّ وسادي
والياسمينة، رُصِّعتْ بنجومها .. والبركة الذهبية الإنشاد
ودمشق .. أين تكون؟" قلتُ: ترينَها .. في شعركِ المنسابِ نهرَ سوادِ
في وجهك العربي، في الثغر الذي .. ما زال مختزنا شموسَ بلادي
في طيب " جنات العريف " ومائها .. في الفل ، في الريحان، في الكبّادِ
سارت معي .. والشَّعرُ يلهثُ خلفَها .. كسنابلٍ تُرِكتْ بغير حصادِ
يتألق القرط الطويل بجيدها .. مثل الشموع بِليلةِ الميلادِ
ومشيت مثل الطفل خلف دليلتي .. وورائي التاريخُ كومَ رمادِ
الزخرفات أكاد أسمع نبضها .. والزركشات على السقوف تنادي
قالت : هنا الحمراء زهو جدودنا .. فأقرأ على جدرانها أمجادي
أمجادها؟!! ومسحتُ جرحا نازفاً .. ومسحتُ جرحاً ثانياً بفؤادي
يا ليت وارثتي الجميلة أدركتْ .. أن الذين عنتهمُ أجدادي
عانقتُ فيها عندما ودَّعتُها .. رجلاً يُسمّى " طارق بن زيادِ"
- عمر أبو ريشة نظم قصديته عام ١٩٥٣م، بينما نزار ١٩٦٥م. والفرق بينهما 12 سنة.
- كلاهما عمل بالسلك الدبلوماسي وسفرهما إلى الأندلس وارد جداً. بل نزار أقام فترة من الزمن هناك.
- من المؤكد أن نزار قرأ قصيدة عمر أبو ريشة وتؤكد الأبحاث أن نزار كتب قصيدته في بيروت.
- عمر يقول التقى بالأندلسية في طائرة بينما نزار التقاها في مدخل قصر الحمراء بالأندلس.
- عمر سرد حديث الأندلسية والذي يثير في النفس الحزن والشجن، ونزار سرد جوانب من أمجاد قومه في التاريخ.
- تطابقت خاتمة القصيدتين عند أبو ريشة والقباني إذ يتجاهل عمر السؤال عن أصله ونزار تحسر بأن من تتحدث عنهما تلك الفتاة هم أجداه أيضاً.
بقي أن نقول: من المؤكد أن أبو ريشة لم يسرق لاعتبارات أهمها الزمن أما نزار فهو بريء إذ كلاهما لديه نزعة قومية فمن الطبيعي الكتابة بأسلوب متقارب.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق