121- تذكرة ببعض أحكام واو العطف(195) و واو المعِيَّة
جواز قولك: (تتناسب
المسافة مع السرعة)، وقولك: (يتحد
الكبريت مع الحديد).
أولاً:
· يُعطف
الاسم الظاهر على الظاهر، نحو: جاء زيدٌ وخالدٌ.
· ويعطف
الضمير على الضمير، نحو: أنا وأنت زميلان (ضميرا رفع).
أكرمتهم وإياكم
(ضميرا نصب).
· ويعطف
الضمير على الاسم الظاهر، نحو: جاءني زيدٌ وأنت
(ضمير رفع).
أكرمت سعيداً وإياك (ضمير نصب).
· ويعطف
الاسم الظاهر على الضمير، نحو: ما جاءني إلا أنت وزيدٌ
(ضمير رفع منفصل).
ما رأيتُ إلا إياك وزيداً (ضمير نصب منفصل).
)إنّا مُنَجُّوْكَ وأَهْلَكَ(. (ضمير
نصب متصل).
ولكن لا يَحْسُن العطف (وبعض النحاة يمنعه!) على الضمير المتصل
والضمير المستتر المرفوعَيْن إلا بعد توكيدهما بالضمير المنفصل:
فلا يحسُن أن تقول: جئتُ وزيدٌ، لأن
الوجه أن تقول: جئتُ أنا وزيدٌ.
ولا يحسُن أن تقول: زيدٌ جاء وسعيدٌ،
لأن الوجه أن تقول: زيدٌ جاء هو وسعيدٌ.
وفي التنْزيل العزيز: )فاذْهَبْ أنتَ وربُّك فقاتِلاْ إنّا هاهنا قاعدون(.
)اِذهبْ أنتَ وأخوك بآياتي ولا تَنِيا في ذِكْري(.
جاء في (نفح
الطِّيْب 1/412): «...كان يعمل هو
وأولادُه بأيديهم.»
وجاء فيه (1/635):
«وكان هو وصاحبُ الروض
المدفون بإزائه أَلِيْفَيْ صَبْوَة.»
· ويُعطف
على الضمير المجرور. والكثير الغالب إعادة الجارّ، نحو: مررتُ
به وبِهِم. أحسنتُ إليك وإلى وأخيك.
ثانياً:
إذا قلتَ: (جاء زيدٌ وخالدٌ) لا يلزم من مجيئهما هذا أن يتصاحبا
فيه.
فإذا أردت المصاحبة فعلاً قلت: (جاء زيدٌ مع
خالد) والمعنى أنهما جاءا معاً، في وقت واحد.
ويمكن أداء هذا المعنى بقولك: (جاء زيدٌ وخالداً)
بالنصب على المَعِيَّة (المفعول
معه).
هذه الواو التي بمعنى (مع) هي (واو
المعية).
ونرى أنه إذا جاز العطَف في
الكلام جاز الوجهان (مع
اختلاف المعنى!):
1.
العطف، نحو:
جاء زيدٌ وخالدٌ؛ جئتُ أنا
وزيدٌ؛ ثم دخلتُ أنا وهو.
[من خصوص العطف بالواو مُجرَّد إشراك الفاعلين في الحدث:
المجيء أو الدخول.]
2.
النصب على المعية (المفعول معه)، نحو:
جاء زيدٌ وخالداً؛ جئت أنا
وزيداً، ثم دخلت أنا وإيّاه. (التعبير الأخير شائع على ألسنة
الناس!)
[تفيد واو المعية المصاحَبة والإشراك
في الحدث أحياناً، إذا احتمل معنى الفعل المشاركة. فإذا
قلتُ: (مَشَيْتُ والبحرَ)
فليس بيني وبين البحر مشاركة، إذ البحر لا يمشي! والمعنى المقصود هو أني كنت
مصاحباً له في مَشْيي ومقارناً له.] أي:
جاء زيدٌ مع خالد؛ جئتُ مع
زيد، ثم دخلتُ معه.
وإذا لم يَجُزِ العطف [ذكرنا أنه لا يقال: جئتُ وزيدٌ]
تَعيَّن النصب على المعية، أي: جئتُ وزيداً ثم دخلتُ
وإيّاه.
· وإذا
قلتَ: (زيدٌ جاء) بتأخير الفعل، وأردت العطف
على ضمير الرفع المستتر (الفاعل)
فالأفصح - كما ذكرنا - أن تؤكده بضمير رفع منفصل
قبل العطف فتقول: زيدٌ جاء هو وخالد. فإذا قلتَ:
(زيدُ جاء وخالداً) كان المعنى أنهما جاءا معاً،
أي: زيد جاء مع خالد.
§ مما
سبق نلاحظ ما يلي:
1-
واو العطف لا
تَلِي مباشرة ضمير الرفع المتصل.
2-
واو العطف تلي
ضمير الرفع المنفصل.
3-
واو المعية
تلي ضميرَيْ الرفع: المتصل والمنفصل.
وعلى هذا لك أن تقول: أرجو أن تكون أنتَ والعزيزان زيدٌ وخالدٌ بخير.
هنا يكفي العطف، لأنه يفيد
التشريك (الإشراك) في الحُكم (كون الجميع بخير!)
وهو المراد بالكلام. ولكن لك أن تقول:
أرجو أن تزورنا أنت
والعزيزان... (تشريك): الزيارة ليست جماعية بالضرورة !
و أرجو أن
تزورنا أنت والعزيزين... / مع العزيزين ... (مصاحبة /
معيَّة).
تَفاعَلَ معه:
اشتهرت الأفعال وِزان (تَفَاعَلَ) في خمسة مَعَانٍ (دلالات): سنَعرِض أربعةً منها باختصار،
ثم نبحث الخامس بشيءٍ من التفصيل.
1-
التظاهر بالفعل دون
حقيقة، نحو: تَمارَضَ، تشاغَلَ، تغافَلَ، تجاهَلَ،
تناوَمَ، تغابَىَ، تحامَقَ، تعامى...
2-
حصول الشيء تدريجاً،
نحو: تزايد النِّيْلُ؛ توارَدَتِ الإبل...
3-
مطاوعة فاعَلَ، نحو: باعَدْتُه فتباعَدَ...
4-
مجرد وقوع الحدث،
نحو: تثاءَبَ؛ تفانى في العمل (أجهد نفسه فيه حتى كاد يفنى)...
5-
التشريك بين اثنين
فأكثر، أي يتعدد الفاعل، إذ لا يكتفي الفعل بفاعل فَرْد، نحو: تنازَعَ القومُ:
اختلفوا؛ تخاصَمَ القوم: اختصموا؛ تقاتَلَ القومُ: اقتتلوا؛ تفانى
القومُ: أفنىَ بعضُهم
بعضاً في الحرب.
تباريَاْ؛ تبارى الفتيان،
تبارى زيدٌ وخالدٌ.
تصافح الرجُلان:
صافح كلٌ منهما الآخر؛ تصافح زيد وخالد.
تخاصم الرجُلان
أو تخاصم زيد وعمرو. تنافَسَاْ؛
تسابَقَاْ؛ تجادَلاْ، الخ...
كما نرى يُعطف الفاعل الثاني على
الأول بالواو، لأن من خصوص العطف بالواو إشراك الفاعلين في الحدث.
فإذا أريد عطف الفاعل الثاني على ضمير
رفع مستتر، فالأفصح تأكيده بضمير رفع منفصل قبل العطف. تقول:
· سعيدٌ تبارى هو وزيد.
· اختِيرت المواد بحيث تتناسب هي وحاجةُ العمل.
·
...كلام المرء
يتناسب هو ومستوى المخاطَب.
-
هنا ينشأ سؤال مُهم:
إذا كان قولنا: (تبارى فلانٌ و فلان) صحيحاً
فصيحاً، فهل يصحّ أن نقول: (تبارى
فلان مع فلان)؟ بتعبير آخر، إذا كان معنى الفعل يفيد اشتراك الفاعلين في
الحدث ]والاشتراك في الحدث (في حالة أفعال المشاركة: التشريك)
يقتضي المصاحبة بطبيعة الحال[،
فهل ثمة محلّ لإحلال أداة المصاحبة (مع) محل العاطف (و)؟
الجواب: ذهب بعض النقّاد إلى
امتناع قول القائل (تفاعل
معه)، ورأى بعضهم الأخذ بما جاء في كلام الفصحاء والقياس عليه!
· قال
ابن جني في (الخصائص 1/453):
«...أما تزاحم الرباعي مع الخماسي فقليل.»
·
جاء في (خزانة الأدب 1/122) للبغدادي: «روى المرزباني... أن الوليد بن عبد الملك تشاجر مع أخيه مَسْلَمة.»
· جاء
في (المستَطْرَف)
للأبشيهي: «وتخاصم بدويّ مع
حاجٍّ عند منصَرَف الناس.»
· وقال
الجاحظ في بعض رسائله (كتاب
الحجاب): «يتلاقى مع المعارف والإخوان والجُلساء.»
وقال المرزوقي: «...طلباً للتلاحق معها.»
وعلى هذا لك أن تقول:
- تنافستُ أنا وسعيدٌ، أو تنافستُ
مع سعيدٍ.
- تخاصم خالدٌ وقيسٌ / تخاصم خالدٌ مع قيسٍ.
- خالدٌ
متخاصمٌ هو وقيس أو متخاصم معه.
- تسابق أحمدُ وأخوه / مع أخيه.
- الأجور تتناسب (لا تتناسب) هي ومقدارُ
العمل.
- الأجور تتناسب (لا تتناسب) مع مقدارِ
العمل.
- يتفاعل هذا الحمض و/ مع
المعدن (الحديد مثلاً).
- في الحركة المنتظمة تتناسب
المسافة المقطوعة و/ مع سُرعةُِ الحركة.
- في الحركة المنتظمة
المسافة المقطوعة تتناسب هي وسرعةُ الحركة / تتناسب مع سرعة الحركة.
- في الحركة المنتظمة تكون
المسافة المقطوعة متناسبة مع سرعة الحركة.
افتعل معه:
الأفعال زنة (اِفْتَعَلَ) اشتهرت في ستة معانٍ، منها التشارك (المشاركة /
التشريك)، نحو: اختصم زيدٌ وعمرو، بعطف الفاعل
الثاني بالواو على الأول.
جاء
في معاجم اللغة: اجتمع القومُ؛ اتحد الرجُلان؛ اتفق الشيئان. ولكن:
-
جاء أيضاً في (الصحاح) للجوهري: «اجتمع
معه.»
-
وجاء في (اللسان)
لابن منظور: «اجتمع معه، واتفق معه.»
-
وفي (الكليات 1/35) لأبي
البقاء الكفوي: «...اتحاد النفس مع العقل.»
-
وفي (سِرِّ الفصاحة)
للخفاجي: «...بانفرادها واشتراكها مع المعاني.»
-
وفي (زهر الآداب)
للحصري القيرواني: «...ما هُم مشتركون فيه مع سائر
الحيوان.»
-
وفي (النهاية)
لابن الأثير: «... أي أيدينا تلتقي مع يده وتجتمع.»
-
وفي (شرح الحماسة)
للمرزوقي: «... قالت هذه المرأة لما التقيت معها.»
وعلى هذا لنا أن نقول:
-
يتحد
الكبريت و/ مع الحديد.
-
زيدٌ
مختصم هو وقيس،
أو مختصم معه.
ملاحظة: للاستزادة انظر كتاب (مع النحاة /350-363) للأستاذ صلاح الدين
الزعبلاوي، علماً بأن الكثير من مادة هذه الفقرة وسابقتها مقتبس من هذا الكتاب.
122- منذ، قبْل
(منذ) ظرف للزمان مبني على الضم (وتكون حرفَ جرٍّ، وتكون اسماً مجرداً
من الظرفية).
و(قَبْل) ظرف للزمان السابق أو المكان
السابق؛ وهو مُبْهَم لا يفهم معناه إلا بالإضافة لفظاً أو تقديراً. وهو مبني على
الضم إذا قُطع عن الإضافة، وينصب إذا أُضيف. تقول:
جاء فلانٌ قبل فلانٍ؛ داري
قبلَ داره.
في هذين المثالين أضيف الظرف (قبل)
لفظاً.
ومثال إضافته تقديراً قوله تعالى: ﴿لله الأمرُ من قبْلُ ومن بَعْدُ﴾.
إنّ ما دعاني إلى الحديث عن هذين
الظرفين (منذ)
و(قبل) هو أن الخلط بينهما في الاستعمال
صار واسع الشيوع في أيامنا... وفي هذا إساءة جديدة إلى لغتنا الشريفة.
فمتى يصحّ استعمال (منذ)؟
أولاً: تُستعمل (منذ) حرفَ جرٍّ أصلياً، بشرط أن
يكون المجرور وقتاً، معيَّناً لا مُبْهماً، ماضياً أو حاضراً.
يقال في السؤال: منذ كم يوماً سافرت؟ منذ متى سافرت؟ منذ أيِّ وقتٍ سافرت؟
ويقال: ما
رأيته منذ قدومِ خالد (أي: ما رأيته منذ وقت قدوم خالد!)
وتكون بمعنى:
1-
(مِنْ)؛
نحو:
· ما رأيتُه منذ يومِ السبت الأخير (أي:
بدءاً من يوم السبت الأخير).
· أنت حربٌ على ابنك عمّار إذن منذ اليومِ (طه حسين، الوعد الحق /27)
· أنت ابنٌ لي منذ اليومِ (طه
حسين، الوعد الحق /93).
· إذن، أنت صديقي منذ الآن!
· قال
الجاحظ (البيان والتبيين): «وكان
عندنا منذ نحوِ خمسين سنة شاعر يَتَزَيّا بِِزِيِّ الماضين.»
2-
(مِن و إلى)
معاً، أي من بداية المدة المذكورة إلى نهايتها؛ بشرط أن يكون الزمان نكرة، معدوداً
لفظاً أو معنىً ليكون معيَّناً! نحو:
· ما رأيته منذ ثلاثة أيام (أي:
من بدايتها إلى نهايتها).
· ويجوز
أن تقول: منذ
شهرٍ / دَهْر،
لأنهما في حكم المعدود (الدهر
متعدد في المعنى!).
ويكون
الفعل قبلها:
· ماضياً
مَنفِيّاً يصحّ أن يتكرر معناه، نحو: ما رأيته
منذ يومِ الجمعة.
· ماضياً
مُثْبتاً، معناه ممتد متطاول [أي: في طبيعة الحدث معنى الاستمرار،
كالسَّيْر والنوم والكلام...] نحو:
-
سِرْتُ منذ طلوعِ الشمس.
-
سجنوه منذ سنتين (وهو
لا يزال سجيناً). ولكن: سجنوه
شهراً قبلَ سنتين!.
- عُقِد منذ وقتٍ قريب
مؤتمر في دمشق. (انعقاد المؤتمر فيه استمرار). والوصف
(قريب) فيه نوع من تعيين الوقت (والتعيين شرط كما ذكر آنفاً).
ملاحظة(1): لا يصح استعمال (منذ) إذا كان الفعل قبلها مُثْبتاً،
معناه غير ممتدٍ ومتطاولٍ (ليس
في طبيعته معنى الاستمرار؛ نحو: كَسَرَ، قَتَلَ، اِنهارَ، وَقَعَ، وصل، جاء...).
فلا يقال: والوجه
أن يقال:
·
انكسر الصحن منذ
يومين
|
·
انكسر الصحن قبل يومين
|
·
اِنهار الجسر منذ
شهر
|
·
اِنهار الجسر قبل شهر
|
·
حدثت الجريمة منذ
أسبوع
|
·
وقعت الجريمة قبل أسبوع
|
·
بدأت ثورة
المعلومات منذ عشر سنوات
|
·
... المعلومات قبل عشر سنوات
|
ملاحظة(2): يمكن أن يكون الفعل
قبل (منذ) مضارعاً
بمعنى الماضي (انظر
الفقرة 102)؛
نحو: «...ويصبح عمّارٌ منذ ذلك اليوم
زعيماً من زعماء المعارضة.»
(الوعد الحق /152).
ويمكن أن يكون بصيغة الأمر؛ نحو:
«..فكُنْ لها زوجاً منذ الآن.» (الوعد الحق/56).
وفيما يلي نماذج من استعمال (منذ)- وردت في مجلة شهيرة واسعة
الانتشار- بعضها سليم وبعضها غير صائب:
-
هذه
السيدة نذرت نفسها منذ عشراتِ السنين للذود عن التراث العربي الإسلامي.
-
هذه
المشكلة ليست وليدة أيامنا هذه، فهي مطروحة لدى الدوائر الحكومية المختصة منذ ربعِ
قرن أو يزيد.
في هذين المثالين استعمال (منذ) سليم. لننظر الآن في هاتين العبارتين:
·
أُنشئت مدينة ڤينيسيا
منذ ألف سنة تقريباً. والوجه أن يقال: ...قبل ألف سنة...، لأن الإنشاء لم يمتد ألف سنة!
·
سبق أن أصدر هذا
الكاتب منذ بضع سنوات كتاباً بعنوان (شخصيات في تاريخ). والوجه أن يقال: ...قبل بضع سنوات...، لأن الإصدار ليس له صفة
الامتداد والتطاول.
ويمكن القول:
·
سكن
الناسُ دمشقَ منذ خمسة آلاف سنة (ولا يزالون!).
وصادفتُ في مقالة علمية النماذج الآتية:
-
زار فلانٌ المكان
المذكور منذ عِقْدٍ مضى! الصواب: قَبْل عقد،
لأن الزيارة لم تمتد عشر سنين!
-
رأى العالم الإنكليزيRobert
Hooke الحقيقة الجديدة عبر عدسات
مجهر (مكروسكوب) منذ! 300
سنة.
-
رأى عالم الفلك
الأمريكي Edwin Hubble
الحقيقة عبر مِقْراب (تلسكوب)
منذ! 80
عاماً.
-
لقد قمتُ منذ! سنتين
تقريباً بأول محاولة لي للتنبؤ بـ...
والصواب في هذه النماذج
استعمال (قَبْلَ) مكان (منذ).
ثانياً: تُستعمل (منذ) اسماً ظرفاً، وتدخل على:
· جملة
اسمية: ما سافرتُ منذ الجوُّ مضطربٌ.
· جملة
فعلية ماضوِية: أسرعتُ إليك منذ دعوتني؛ ركب أخي منذ
حَضَرَت السيارة.
ثالثاً: تستعمل (منذ) اسماً مجرداً من الظرفية
إذا وقع بعدها اسمٌ مرفوع (لا
جملة!)؛ نحو:
· ما سافرتُ منذ الشهرُ الماضي (منذ:
مبتدأ؛ الشهر: خبر).
· ما رأيته منذ يومان.
· قال
دِعْبِل الخُزاعي:
ألم تَرَ أني مُذْ ثلاثون
حِجَّةً أَرُوْحُ وأغْدو دائم
الحَسَراتِ
ملاحظة: (مُذْ)
و(مُنْذُ)
تتماثلان في كل شيء إلا اللفظ، ولا يمتنع بعدهما إلا مجيء الاسم منصوباً.
مراجع في البحث:
· (النحو الوافي 2/518)
لعباس حسن.
·
(جامع
الدروس العربية 3/68، 187، 219) للشيخ مصطفى
الغلاييني.
·
(الكفاف /588)
ليوسف الصيداوي.
123- خطأ آخر في استعمال اسم التفضيل(7)
سبق في الفقرة (47)
ذكر الأخطاء التي ينبغي تجنُّبها، وفيما يلي خطأ آخر!
· جاء
في إحدى المجلات: «مدينة مومباسا ثاني أكبر مدينة في كينيا.»
وفي هذا التركيب نظر (ثاني أكبر!)، وهو من جنايات الترجمة
الحرفية!second largest
إن الصيغة (أكبر)
تعني -حين تُضاف- أن ما يتصف بها يحتل المرتبة الأولى من حيث الكِبَر؛ وهذا
يقتضي ألاّ يشاركه في هذه المرتبة شيءٌ آخر، فهو وحيد مُتفرِّد بهذه الصفة (أكبر).
بعبارة أخرى، ليس هناك أول أكبر، وثاني أكبر،
وثالث أكبر...! خلافاً لما يقال في الإنكليزية...
لذا فالوجه أن يقال: مدينة مومباسا هي الثانية بعد أكبر مدينة في كينيا.
أو: مدينة
مومباسا هي الثانية كِبَراً في كينيا.
· وجاء
في المجلة نفسها: «وإفريقيا هي موطن (!)
ثاني أكبر بحيرة للماء العذب (بحيرة ڤكتوريا).»
والوجه أن يقال: «وفي إفريقيَّة توجد البحيرة العذبة الثانية كِبَراً (بحيرة ڤكتوريا).»
أو: «وتقع في
إفريقية بحيرة ڤكتوريا، وهي الثانية كِبَراً بين بحيرات العالَم العذبة المياه.»
· وجاء
في مجلة أخرى: «القهوة هي ثاني أكبر سلعة متداولة في العالَم.»
والوجه أن يقال: «القهوة هي الثانية بعد أوسع (لا
أكبر!) السلع تداولاً في العالم.»
ذلك بأن (أوسع
السلع تداولاً) هي سلعة وحيدة متفردة بهذه الصفة، وليس لها ثانية وثالثة..
ويمكن القول: «القهوة
هي السلعة الثانية سَعَةَ تداولٍ في العالم.»
· وجاء
في أحد الكتب: «الزُّهَرَةُ هي ثاني أقرب كوكب إلى الشمس.»
(الأقرب هو عُطارد).
والوجه أن يقال: «الزُّهَرَة هي الكوكب الثاني قُرْباً من الشمس.»
وفي اللغة الإنكليزية يقولون:
Jupiter
is the largest planet of the solar system, fifth in order from
the sun.
(المشتري)
هو أضخم كواكب المنظومة الشمسية، وهو الخامس من حيث البُعد من
الشمس (عن الشمس).
[ من الواضح أن (بَعد
الأضخم) يأتي ما هو أقل ضخامةً، وأن (بعد
الأقرب) يأتي منطقياً ما هو أبعد.]
لذا يمكن أن نقول عن المشتري: ... هو الخامس بعد أقرب الكواكب إلى الشمس (من الشمس).
Venus is the sixth largest
planet of the solar system and second in order from the sun.
(الزُّهَرَة) هي الكوكب السادس بعد أضخم
كواكب المنظومة الشمسية، وهي الكوكب الثاني بعد أقرب الكواكب من / إلى
الشمس.
جاء في (المعجم الوسيط): «الزُّهَرَة: أحد كواكب المجموعة الشمسية التسعة، ثاني كوكبٍ
في البُعد عن الشمس، يقع بين عطارد والأرض. وهو ألمع جرم سماوي باستثناء
الشمس والقمر.»
124- تراكيب (استثنائية)...
هذه الفقرة تكمل الفقرة 88.
يقال:
· اتفق فلانٌ وفلانٌ في كل شيء عدا كذا / ما عدا كذا؛
[(ما) هنا مصدرية].
· اختلفا في كذا وكذا، واتفقا فيما عدا ذلك.
[(ما) هنا موصولية].
· نجح جميع الطلاب عدا خالدٍ / ما عدا خالداً.
· أورد المؤلف أخبار جميع الفِرق، ولم يَسْتَثْنِ إلا الرابعة.
· جاء
في (نَفْح الطِّيْب 1/564)
للمقَّرِيّ: «وطُولُه (أي جامع الزهراء) من القبلة إلى الجوف- حاشا المقصورةِ- ثلاثون ذراعاً.»
وفي ص 1/564:
«فطول هذا المسجد أجمع من القبلة إلى الجوف- سوى
المحرابِ- سبعة وتسعون ذراعاً.»
· جاء
في (المعجم الكبير) - إصدار
مَجْمع القاهرة:
«الثَّنِيَّة: الاستثناء. يقال: حَلَفَ يميناً ليس فيها ثَنِيَّة.»
· وجاء
في (نفح الطيب 1/116):
«... و وَصِيَّته لهم...
المشتملة على النصائح الكافية، والحِكَم الشافية من كل مَرَضٍ بلا ثُنْيَا...»
· لم ينجح من أولئك الطلاب أحد، باستثناء سعيد.
[من
المعلوم أن من معاني (الباء): "المصاحَبَة"، فَقَوُلك: (باستثناء
كذا)، يكافئ قولك: (مع
استثناء كذا).]
· أورد المؤلف أخبار جميع الغَزَوات بلا استثناء / بغير
استثناء / بدون استثناء / ولم يَسْتَثْن منها واحدة.
[يقال: (جاء بلا زادٍ)؛ و(غضب بلا سبب)
أي: غضب من لا شيء. (مُغْني اللبيب /322). (لا) في العبارتين الأولى والثانية نافية معترضة بين
الخافض والمخفوض.
يقول الكوفيون:
إن (لا) اسم مجرور بالباء، و(زادٍ) مضاف إليه (هذا الاسم).
ويقول غيرهم:
إن (لا) حرف (زائد)، و(زادٍ) مجرور بالباء.
وثمة تراكيب
كثيرة شائعة تٌُستعمل فيها (بلا). يقال: لا دخانَ بلا
نارٍ؛ عاقبهم بلا شفقةٍ أو رحمة؛ حرب بلا هوادة أدَّت إلى استسلامٍ بلا قيدٍ أو
شرط، الخ...
وجاء في معجم
(متن اللغة): «(غير) تكون بمعنى (لا): ﴿فمن اضطُرَّ غيرَ
باغٍ ولا عادٍ﴾؛ (غير) في الآية منصوبة على الحالية. وعلى هذا تقول: بغير استثناء / بلا استثناء.]
· جاء
عنوان أحد قرارات مجمع اللغة العربية في القاهرة كما يلي:
« إباحة جَمْعِ (فَعْلٍ) على أفعالٍ بغير
استثناء.»
· جاء
في (المعجم الوسيط):
« الزُّهَرَة: أحد كواكب المجموعة الشمسية التسعة، ثاني
كوكب في البعد عن الشمس، يقع بين عُطارد والأرض. وهو ألمع جرم سماوي باستثناء
الشمس والقمر.»
125- عائدية نعت (صفة) المركَّب الإضافي
صادفتُ في مقالة علمية العناوين الفرعية
الآتية:
جاء في المقال:
|
والوجه أن يقال:
|
·
الأسطورةُ الخاطئة
للتاريخ
|
·
أسطورةُ
التاريخ الخاطئة
|
·
الأسطورةُ الخاطئة
للحجم
|
·
أسطورةُ
الحجم الخاطئة
|
·
الأسطورةُ الخاطئة
للالتزام
|
·
أسطورةُ
الالتزام الخاطئة
|
·
الأسطورةُ الخاطئة
للدِّقة
|
·
أسطورةُ
الدقةِ الخاطئةُ
|
وقد وردتْ شبيهات هذه العبارات في
مقالات أخرى.
من الواضح أن عبارات المقال ركيكة...
أما العبارات المقابلة لها فهي الصحيحة!
قد يقول قائل: في العبارة الصحيحة
الأخيرة، إذا لم تُضبط كلمة (الخاطئةُ)
بضمةٍ فوق التاء المربوطة، فقد ينصرف ذهن القارئ إلى أنها صفة للدقة.
وفي الجواب أقول: إن هذا الكلام يخالف
القاعدة (التي سأوردها بعد قليل)، ثم إن السياق
يبين أن (الخاطئة) صفة للأسطورة، لأن الدقة توصف بأنها عالية أو منخفضة، لكنها لا
توصف بأنها خاطئة!! أما في بقية العبارات الصحيحة فالنعت المؤنث لا يمكن أن يكون
للمضاف إليه المذكَّر، فهو حتماً للمضاف المؤنث!
وأما القاعدة التي أوردها صاحب (النحو الوافي 3/167)
فتنص على أنه:
«إذا وقع بعد المركَّب الإضافي نعتٌ،
فهو للمضاف؛ لأن المضاف هو المقصود الأساسي بالحُكم. أما المضاف إليه فهو قَيْدٌ.»
نحو:
· جاء تلميذُ عليٍّ المجتهدُ. [المضاف (تلميذ) هو المقصود بالحكم، بالاجتهاد، لا
مُعَلِّمُه!]
يُستثنى من القاعدة السابقة حالتان:
1-
أن يقوم دليل على أن
المقصود بالنعت هو المضاف إليه؛ نحو:
معاوَنةُ الفتاةِ الملهوفةِ واجب؛ وبَذْلُ الجهدِ
الصادقِ لإنقاذها واجب. [الملهوف:
المظلوم المضطر يستغيث ويتحسِّر (المعجم
الوسيط)]
من الواضح أن الملهوفة هي الفتاة (لا المعاونة!)، وأن الصادق هو الجهد
(لا البذل!).
2-
أن يكون المضاف هو
لفظة (كُلّ).
فالأحسن في هذه الحالة مراعاة المضاف إليه، لأنه
المقصود الأساسي.
أما المضاف (كل) فجيء به لإفادة الشمول والتعميم؛
نحو:
· كلُّ حكومةٍ رشيدة هي دعامة لرقيّ وطنها. (مراعاة المضاف
(كل) ضعيفة هنا!).
ونحو:
· كلُّ فتىً مجتهدٍ فائزٌ. فالنعت (مجتهد)
هو للمضاف إليه (فتى)، لأن المضاف جاء لإفادة التعميم لا للحكم عليه.
· وأما
نحو: جاءني رسولُ عليٍّ الظريف... فالنعت للمضاف،
ولا يكون للمضاف إليه إلا بدليل، لأن المضاف إليه جاء لغرض التخصيص، ولم يجئ
لذاته.
وفي
التنْزيل العزيز:
· ﴿ويبقى وجهُ ربِّك ذو الجلال والإكرام ﴾ (الرحمن /27).
·
﴿وهو الغَفُور الوَدُود ذو
العَرْشِ المجيدُ﴾ (البروج /14 و 15).
·
﴿تَباركَ اسمُ ربِّك
ذي الجلال والإكرام﴾ (الرحمن /78).
126- طريق، طريقة، طريقة من الطُّرُق،
خاصّة من الخصائص
جاء في معاجم اللغة (الوسيط،
ومتن اللغة، وغيرهما) أن من معاني:
الطريق:
1- السبيل
المَسْلوكة؛ السبيل يطرقها الناس وغيرهم.
2- الممر
الواسع الممتد، أوسع من الشارع.
3- مسلك
الطائفة من المُتَصَوِّفة. وهذه اللفظة تذكَّر وتؤنث وتجمع على (طُرُق).
طُرُق الطعن (في قانون المرافعات): الوسائل
القضائية التي يلجأ إليها المحكوم عليه ابتغاء إلغاء الحكم أو تعديله (مجمع القاهرة).
وفي التنْزيل العزيز: ﴿إن الذين كفروا وظلموا لم يكنِ اللهُ ليغفرَ لهم ولا
لِيَهْديَهُم طريقاً إلا طريقَ جهنّم خالدين فيها أبداً...﴾
﴿...فاضرِبْ
لهم طريقاً في البحر يبساً...﴾.
﴿...يَهدي
إلى الحق وإلى طريقٍ مستقيم...﴾.
الطريقة:
1-
الطريق؛ 2-
السيرة؛ 3-
المذهب والأسلوب (مجاز)؛
4
- الطبقة.
وتجمع (الطريقة)
على
(طرائق).
وفي التنْزيل العزيز:
﴿...
ويَذْهَبَاْ بطريقتكم المُثْلى﴾ أي بمذهبكم وشريعتكم الفُضْلى.
﴿...إذ
يقول أمثلهم طريقةً إنْ لبِثْتم إلا يوماً﴾: أعدلهم رأياً
ومذهباً.
﴿وأن لو
استقاموا على الطريقة لأسْقيناهم ماءً غدقاً﴾ الطريقة: مِلة
الإسلام.
﴿... كُنّا
طرائقَ قِدداً﴾: مذاهبَ وأحوالاً مختلفة الأهواء.
﴿ولقد
خلقنا فوقكم سبع طرائق وما كُنّا عن الخَلْق غافلين﴾:
سبع سماوات طباقاً: سبع طبقات بعضها فوق بعض.
· قال
الشيخ محمد الخضر حسين (محاضرات
إسلامية /225):
«...وجدتْ نفوساً لم
تتلقّن تعاليم الدين على طريقة الاستدلال الصحيح.»
نلاحظ أن الطريقة لا
تختلف عن الطريق في المبنى إلا بالهاء (التاء
المربوطة)، أما في المعنى فمن معانيها (الطريق)
أيضاً! وليس هذا شأن كل كلمتين زادت إحداهما على الأخرى بالهاء: فثمة فرق كبير بين
اللمْحة واللمْح، وكذلك بين المُهلة والمُهْل، والمُدَّة والمُدّ، الخ...
[اللمحة: النظرة العَجْلى؛ اللمْح: يقال
لأُرِينَّك لمحاً باصراً: أمراً واضحاً! وأكثر استعماله في الوعيد!]
الذي يهمّنا هنا هو
أنه إذا استُعملت (الطريقة)
مجازاً بمعنى: السبيل /
النهج / الأسلوب، لم يكن غريباً أن يقال: (طريقة من الطرق) مثلما يقال: (طريق من
الطرق).
قال الرافعي في كتابه (تحت راية القرآن /61):
· «ولا أمضَوا فيه بإجماعٍ معروف ينتهي إليه عِلم أو يقف عليه طريق
من طرق الرواية.»
· وقال (ص 131):
«وهذه الطريقة التي تسمى علمية هي في التاريخ
أجهلُ الطرق»: الطريقة: الأسلوب هنا.
· وقال (ص 131):
«...ثم تلك الطريقة هي أيسر الطرق، وخاصة
على مَن كان قليل الاطلاع»: الطريقة:
النهج...
· وقال
الشيخ محمد الخضر حسين (محاضرات
إسلامية /169):
«...وأرشد إليها على طريقة أقرب إلى العقول،
وأدعى إلى العمل عليها من الطرق التي سلكها الفلاسفة.»
· عند
الحديث عن التصوُّف والمُتَصوِّفين، يتحدثون عن الطرُّق المنتمية إلى
الصوفيَّة. فيذكرون الطريقة الصوفية الشاذلية، والطريقة النقشبندية،
الخ... ويترجمون لـِ «شيخ
الطريقة.»
جاء في (المعجم الوسيط):
«الصوفي: من يتبع طريقة التصوُّف.» وجاء: «الصوفيَّة: التصوُّف.»
وعَقَدَ الشيخ محمد الخضر
حسين في كتابه (محاضرات إسلامية /91)
فصلاً عنوانه: (الطُّرق الصوفية في الوقت الحاضر)
ونلاحظ أنهم يقولون (الطريقة) و(الطُّرق) لا (الطرائق)!
· جاء
في كتاب (مباهج اللغة والأدب /339)
للدكتور عبد الكريم اليافي:
«فالعِشْق منقبة من مناقب
الإنسان عندهم، وخاصة من خصائصه.»
نلاحظ أنه لم يقل:
وخاصّة من خواصّه، أو خصيصة من خصائصه!
127- من طريق كذا؛
على طريق كذا؛ عن طريق كذا
أولاً:
· قال
أبو هلال العسكري (الفروق
في اللغة /45):
«وكذلك يكون المخطئ من
طريق الاجتهاد مطيعاً، لأنه قصد الحقَّ واجتهد في إصابته.»
· وقال
الإمام الغُماري في كتابه (الإقناع):
«... لقوله صلى الله عليه
وسلم، في الحديث الصحيح المتفق عليه، والمرْوِيِّ عنه من طريق أَزْيَدَ من
عشرة من الصحابة...»
· وقال
الشيخ محمد الخضر حسين (دراسات
في اللغة /13):
«... والناظر في العلوم
و... من الألفاظ التي دخلت في اللغة من هذا الطريق فاتسع به نطاقها.»
· وقال
الرافعي (تحت راية القرآن /157):
«وهل جاء هذا
الشِّعر إلا من الطريق التي جاءت منها الأساطير والتاريخ...»
· وقال
في المرجع السابق (ص 40):
«...و(هذه الفئة) تأتي
ذلك (أي نَقْضَ قواعد القرآن) من طريق نبذ القديم والبالي والأخذ بالجديد والحالي.»
· وجاء
في (المعجم الوسيط /نقل):
« المنقول: ما عُلم
من طريق الرواية أو السماع، كعلم اللغة أو الحديث ونحوهما، وهو يقابل المعقول.»
· وقال
الرافعي (وحي القلم 3/288):
«... بل هم (العرب) يَمُرُّون في
بعض بيانهم من طريق هذه الكلمة: بيضة الخدر.»
· وقال
الشيخ محمد الخضر حسين (محاضرات
إسلامية /138):
«... ولم يكن بينهما اتصال
إلا من طريق المراسلة.»
· وقال
الشيخ محمد الخضر حسين (محاضرات
إسلامية /175):
«... في أن يصل
إليها ولو من طريق غير مشروعة.»
ثانياً:
· قال
في (اللسان /فجر):
« قال ابن جني: وقول
سيبويه إن فَجارِ معدولةٌ عن الفَجْرَة تفسيرٌ على طريق المعنى لا على
طريق اللفظ.»
· وقال
الرافعي (تحت راية القرآن /200):
«... على أن ما قاله... هو
كاستنتاج الرافضة وعلى طريقهم في الرأي والفكر.»
· وقال
اللغوي المعاصر صبحي البصّام (مجلة
مجمع اللغة العربية بدمشق 58/4/829):
«... دخلت العلوم
الأجنبية في الحضارة الإسلامية قديماً على طريق النقل...»
· وجاء
في (الكليّات 3/153) للكفوي:
«والطلبُ إن كان بطريق
العُلْو، سواء كان عالياً حقيقة أوْ لا، فهو أمْر؛ وإن كان على طريق
السُّفْل، سواء كان سافلاً في الواقع أم لا، فدعاء.»
· وجاء
في (نَفْح الطيب 1/93): «فقال على طريق
التضمين، وقد غلب عليه الشوق والحنين...»
· وقال
الشيخ محمد الخضر حسين (محاضرات
إسلامية /224):
«...تقتحمها أقلام تسعى
للتنفير من الدين على طريق الحطّ من شأن علماء الدين.»
ثالثاً:
· جاء
في (الكليّات 5/104)
للكفوي:
«ويثبت الوجود له تعالى بطريق
البرهان لاستلزام الوجود.»
· وجاء
فيها (5/64):
«وقد يُراد بالهاء الحرف
الدّالّ على التأنيث غير الألف بطريق عموم المجاز...»
· وجاء
في (المعجم الوسيط /ضمن):
«تضمّنت العبارةُ معنىً:
أفادتْه بطريق الإشارة أو الاستنباط.»
· وقال
الشيخ محمد علي النجّار (لغويات /27):
«... هو استعمال جاء بطريق
التوسّع والتجوُّز.»
· وقال
الشيخ محمد الخضر حسين (محاضرات
إسلامية /88):
«... وأَنكر أن تكون هذه
المعاني مأخوذة من القرآن ولو بطريق الإشارة.»
رابعاً:
· جاء
في (المعجم الوسيط /الإذاعة):
«الإذاعة: نقل الكلام
والموسيقى وغيرهما عن طريق الجهاز اللاسلكي.»
نلاحظ أن الأقدمين ومن تابعهم على
أساليبهم لم يستعملوا (عن
طريق). ولكن قال عليّ ابن محمد الهَرَوِيّ (415
هـ) صاحب كتاب (الأُزهِيّة
في علم الحروف /278): «تكون (عن) مكان (من) و(على) و(الباء)»؛
وأورد على هذا شواهد من أفصح الكلام. وربما كان ذلك وراء الاستعمال الحديث الشائع:
(عن طريق)، كما ورد آنفاً في المعجم الوسيط الذي أصدر مَجْمعُ اللغة العربية في
القاهرة طبعته الأولى سنة 1960
والثالثة سنة 1985.
▪▪ تُبين
النماذج المذكورة آنفاً استعمال كلمة (طريق) في التراكيب (من
طريق، على طريق، بطريق، عن طريق) استعمالاً مجازياً مقبولاً.
وقد شاع في أيامنا استعمال بعض هذه
التراكيب استعمالاً يُجانِِبُهُ التوفيق غالباً.
وفيما يلي نماذج مأخوذة من بعض
المَجلاّت.
· ...
الطريقة الوحيدة لهزيمة (الإرهابيين) هي أَخْذُ الحرب إليهم عن طريق
ملاحقتهم أينما كانوا.
(الأحسن: ... بملاحقتهم
أينما كانوا!).
·
... يحاول الكاتب أن يُقنع القارئ بنظريته عن
طريق حُججٍ قوية وموضوعية.
(الأحسن: ... وذلك
بإيراد حججٍ...)
·
... لأنه يُبين التطورات التي لا يحصل
المُشاهد الغربي عليها عادةً عن طريق التقارير الإخبارية المحدودة.
(الأحسن: عادةً من التقارير...).
·
... محاولة مكافحة انتشار أسلحة الدمار
الشامل عن طريق وضع قواعد وضوابط جماعية.
(الأحسن: ... الشامل
بوضْع قواعد و...)
·
... العمل على رفع مستوى كفاية خريجي مدارسنا
عن طريق تطوير أساليب التعليم و...
(الأحسن: ... مدارسنا،
وذلك بتطوير أساليب...)
·
... قد يحدث الانتقال عن طريق
الصُّدْفة أو عمداً.
(الأحسن: ...الانتقال
مصادفةًً أو عمداً)
· سافر
فلانٌ بطريق البَرِّ /
بطريق البحر / بطريق الجوّ.
(الأحسن: سافر
فلانٌ بَرّاً / بحراً / جواً)
128- بالنظر إلى كذا؛ نظراً إلى كذا؛
نظراً لكذا
مما جاء في (المعجم
الوسيط):
1- نَظَرَ الشيءَ: أبصره. 3- نَظَرَ فيه: تَدَبَّره
وتَفَكَّر فيه.
2- نظر إلى الشيءِ: أبصره وتأمله
بعينه. 4- نَظَرَ لفلان: رَثى له
وأعانه.
قال في (القاموس
المحيط): «النَّظَرُ: الفكر في الشيء تُقَدِّره
وتقيسه.»
وجاء في (محيط
المحيط): «نظراً إلى كذا، وبالنظر
إليه: ملاحظةً واعتباراً له.»
ويعزِّز هذا التفسيرَ عبارةٌ وردت في
كتاب الشيخ محمد الخضر حسين (محاضرات
إسلامية /8):
«... وَضْعُ آثار النفوس العالية على مِحَكِّ النظر
والاعتبار.»
·
جاء في (الكليّات 5/250)
للكفوي: «(السيْن) فرع (سوف): فمن استعمل (سوف) نَظَرَ إلى
الأصل، ومن استعمل (السين) نظر إلى الإيجاز والاختصار.» [أي: اعتبر الأصل]،
[أي: اعتبر الإيجاز والاختصار].
وقال الشيخ محمد الخضر حسين في كتابه (محاضرات إسلامية /22):
«ونظراً إلى قاعدة
المساواة قال علماء الأصول...» [أي: واعتباراً لقاعدة المساواة..]
· وقال
الشيخ نفسه في كتابه (دراسات
في العربية وتاريخها /46): «وهذا المذهب- بالنظر إلى ما يحتمله التركيب من الوجوه
المقبولة في القياس- مذهب وجيه.» [أي: باعتبار ما يحتمله التركيب...].
وفي (ص 49): «وقد
يختلفون في القياس نظراً إلى ما يقف لهم من الأحوال التي تعارض السماع.»
[أي: اعتباراً لما يقف لهم...].
وفي (ص 178): «أما الحديث
الوارد على وجهٍ واحد، فالظاهر صحة الاحتجاج به، نظراً إلى أن الأصل
الرواية باللفظ، وإلى تشديدهم في الرواية بالمعنى.» [أي: على اعتبار أن
الأصل... وباعتبار تشديدهم...].
· وقال
الشيخ محمد علي النجار في كتابه (لغويات /139):
«المَصْدر الذي يوصَف به
لا يتغير في العدد، وذلك نظراً إلى أصله: فإن المصدر يقع على
الحَدَث قَلَّ أو كثُر.» [أي: اعتباراً لأصله...، يُريد: المصدر
لا يتغير إذا وُصف به مفرد أو مثنى أو جمع ].
ورد في بداية هذه الفقرة معنى (نَظَرَ لفلان).
· قال
مصطفى صادق الرافعي (تحت
راية القرآن /294):
«...كان يُبطن الكفر ويُظهر
الإسلام. فَتَعالَمَ الناسُ ذلك منه، فَوسِعُوه إشفاقاً عليه ونظراً له.»
أما (نظراً لكذا) فقد استُعمل هذا التركيب أحياناً بمعنى (نظراً إلى كذا)، كما استُعمل بمعنى (بسبب كذا).
· جاء
في (نفح الطيب 1/276):
«وأَقَرَّه بمدينة إشبيلية لاتصالها بالبحر نظراً
لقربه من مكان المجاز.»
· وجاء
فيه (1/516):
«...انصرفنا من منازلة قرطبة نظراً للحشود التي
نَفِدَتْ مُعِدّات أَزْوادها.»
· وقال
الدكتور عبد الكريم اليافي (مجلة
مجمع اللغة العربية بدمشق، المجلد 74،
الجزء الأول، سنة 1999):
§
«... وإذا ظهرت (الزُهرة) في الصباح قيل لها
نجم الصباح نظراً لوضاءتها.» (ص 165).
§
قال الأستاذ الأجنبي
الجليل: « إننا نتحدث دائماً بالعربية حين نتكلم في
الفلك، وذلك نظراً لكثرة أسماء النجوم بالعربية.» (صفحة171).
§
«وعالجه علماء البلاغة
العربية في قسم المعاني، أولِ أقسام البلاغة نظراً لمكانته.» (صفحة
175).
§
وجاء في كتاب (قواعد
اللغة العربية) لمؤلِفِيْه: حفني ناصف ورفاقه، في مبحث
اسم الإشارة:
«تقول: ذلِكَ وذلِكِ
وذلكما وذلكم
وذلكنّ نظراً للمخاطب.» [أي:
اعتباراً للمخاطب /
على حَسَب المخاطب /
وفقاً للمخاطب.]
129- بُعْدٌ، أبعاد
كثيراً ما تُستعمل في الكتابات المعاصرة
كَلِمَتا (بُعْد)
و(أبعاد)
استعمالاً لا هو على الحقيقة، ولا على المجاز.
· جاء
في (المعجم الوسيط):
«البُعد: اتساع المدى. ويقولون في الدعاء عليه: بُعداً
له: أي هلاكاً. وقالوا: إنه لذو بُعد: ذو
رأي عميق وحزم. ويقال (بُعْدَك):
يُحذِّره شيئاً من خَلْفِه.»
وجاء فيه: «المدى: المسافة. والمدى:
الغاية«.
هذه معاني كلمة (بُعْد)
العربية.
· أما
كلمة dimension
الإنكليزية فقد شرحها معجم أكسفورد على النحو الآتي:
أولاً: في حالة إفرادها:
1-
قياس، بُعد (من
أي صنف: طول، عرض، ارتفاع، ثخانة، الخ…)؛ مدى.
يقال: ما هي أبعاد الغرفة؟
2- مجازاً:
مَظهر، جانب، نحو: للمسألة جانب لم نناقشه.
ثانياً: في حال جَمْعها بحرف s:
1- حجم؛ مقدار؛ قَدْر؛ شأن،
نحو: مخلوق عظيم الحجم (لا الأبعاد).
2- حجم بالمعنى المجازي؛ نحو: لم أدرك
حجم المشكلة!
ويعطي معجم وبستر شروحاً مماثلة.
ويلاحظ القارئ المدقق فيما يُنشر في
مجلات ومطبوعات هذه الأيام استعمال كلمتي (بُعْد وأبعاد) استعمالاً
يجانبه التوفيق، ويجعل الجملة في غاية الركاكة.
فقد جاء في عدة أعداد من مجلة راقية و واسعة
الانتشار العبارات الآتية:
1- «…بيد أن المصطلح (التسامح) اتخذ أبعاداً غير الأبعاد اللغوية، وصار يعبّر عن موقف ثقافي- اجتماعي.»
والوجه أن يقال: …اتخذ دلالاتٍ غير الدلالة اللغوية…
2- «…ويقود إلى التفكير في أصول هذا المصطلح ومنابِعِهِ وأبعاده الثقافية والاجتماعية والنفسية…»
والوجه أن يقال: …ومنابِعِهِ وآثاره الثقافية و…
3- عنوان المقال: (البرمجيات: البُعد الثقافي)!
والوجه أن يقال: البرمجيات: الوجه / الجانب الثقافي.
4- «… وتُلقي الضوء على الأبعاد الجديدة
للمعلوماتية…»
والوجه أن يقال: … على الجوانب / المظاهر الجديدة للمعلوماتية…
وإضافة إلى ما ذكر، يمكن الكاتبَ (للكاتب) الحريص على سلامة اللغة، أن
يستعمل بدلاً من (بُعد) و(أبعاد)
ما يقتضيه السياق من الكلمات الآتية:
مَعنى / مَعانٍ؛ مغزى؛ صعيد؛ عواقب؛ حجم،
إلخ…
130- اللام المُوْصِلة إلى المفعول
· قال
صاحب (جامع الدروس العربية 3/14): «فإذا
كان الفعل ناصباً لمفعولَيْن، فالأصلُ تقديم المفعول الأول، لأن أصلَه المبتدأُ،
في باب (ظَنَّ)، ولأنه فاعلٌ في المعنى في باب (أعطى)، نحو: (ظَنَنْتُ
البَدْرَ طالعاً) [الأصل: البَدْرُ طالعٌ]، ونحو: (أعطيتُ
سعيداً الكتابَ) [(سعيد) و(الكتاب) ليس أصلهما مبتدأ وخبر]. ويجوز
العكس إنْ أُمِنَ اللَّبْس، نحو: (ظننتُ
طالعاً البدرَ)، ونحو: (أعطيتُ
الكتابَ سعيداً).»
· جاء
في كتاب (اللامات /161)
للزَّجّاجيّ بتحقيق د. مازن المبارك، بابٌ عنوانه: (باب
اللام التي تكون موصِلةً لبعض الأفعال إلى مفعولِيْها وقد يجوز حذفها): «وذلك قولُك: نصحتُ زيداً، ونصحتُ
لزيد، والمعنى واحد.
وكذلك تقول: شكرتُ لزيدٍ وشكرتُهُ…
وكذلك تقول: كِلْتُ لزيدٍ الطعامَ وكِلْتُهُ الطعامَ.» وعلى هذا: كِلْتُ زيداً
الطعامَ = كلتُ لزيدٍ الطعامَ!
ثم يستدرك الزجّاجي فيقول: «وهذا ليس بِمَقِيْس، أعني إدخال هذه
اللام بين المفعول والفعل… ألا ترى أنه غير جائزٍ أن يقال: ضربتُ لزيدٍ وأكرمتُ
لعَمْرٍو، وأنت تريد: ضربتُ زيداً وأكرمتُ عَمْراً.»
]لا حاجة إلى زيادة واو (عمرو) عند تنوين النصب، لأن (عُمَر) لا يُنوَّن! ممنوع من التنوين (الصَّرْف)[.
· وقولُه (وهذا ليس بمقيس، إلخ…) معناه أن عِلَّة
عدم جواز القياس هي فساد المعنى.
فإذا لم يتغير المعنى أمكن القياس؛ أي
في وسعنا استعمال هذه اللام مع بعض الأفعال المتعدية بنفسها إلى مفعولَيْن
ليس أصلهما مبتدأ وخبر، على غرار (كالَ
زيداً الطعامَ).
ألا ترى أن قولَك: (أعطيتُ لسعيدٍ الكتابَ) أو (أعطيتُ الكتابَ لسعيدٍ) يؤدي معنى
(أعطيتُ سعيداً الكتابَ)؟
· يقال
في اللغة: أَوْلَى فلاناً معروفاً: أي صَنَعَهُ إليه.
أولى فلاناً ثِقَتَهُ: أي مَنَحَهُ
إيّاها.
قلت: ألا يبقى المعنى على حاله إذا قيل:
أولى لفلانٍ معروفاً /
أولى معروفاً لفلان. أولى لفلانٍ ثِقَتَه /
أولى ثقتَه لفلان؟
ملاحظة مهمة:
إن جواز تقديم المفعول الثاني على
المفعول الأول لا يعنى أن المعنى لا يتغير البتة. وتبحث
كتب البلاغة دواعي التقديم والتأخير ودلالاتهما.
· استناداً
إلى ما سبق أرى أنه لم يخطئ الذي قال:
«…مع إيلاءِ عنايةٍ خاصةٍ
للطرفين»
والأصل أن يقول: «…مع إيلاء الطرفين عنايةً
خاصةً…»
· وليس
هذا شأن الذي قال: «…تُوْلى
عنايةٌ خاصة بالفروق بين الألفاظ…»
والوجه أن يقول: «…تُوْلى عناية خاصة للفروق…»
والأصل: «…تُولى الفروق عنايةً خاصة…»
· يقال: «…مَنَحَ فلاناً ثِقَتَهُ.»
ويمكن القول: «منح لفلانٍ ثِقتَه / منح ثِقتَه لفلان.»
· يقال:
«أعار فلاناً الشيءَ: أعطاه إيّاه عاريَّةً»،
(كأنه قيل: أعطاه إياه وقتياً (موقتاً)، لأن العارِيَّة = العارَة: ما تعطيه غيرَك على أن يُعيده
إليك. يقال: كلُّ عارةٍ مُسْتَرَدّة).
ومن المجاز ما قاله كاتبٌ: «ونُعِيْر اهتماماً أعظمَ
لِسَدَّ هذا النقص الكبير في المعاجم.»
الأصل: نُعير
سدَّ النقص اهتماماً.
أو: نعير
اهتماماً لسدِّ النقص.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق