111- هذا رجُلٌ
ناهيك من رجل! هذا رجلٌ حسْبُك/ هَمُّك/جازيك من رجل!
· جاء في (القاموس المحيط): «هذا رجلٌ حَسْبكَ من رجل:
أي كافٍ لك من غيره.»
يقال:
- حسْبُك من شرٍّ سماعُه: يكفيك أن تسمعه لتشمئزّ منه.
- حسْبُه فخراً نجاحُه!
- حسْبُك (بحَسْبِك)
درهمٌ: اِكْتفِ به؛ يكفيك!
- قرأتُ ثلاثة كتب وحسْبُ (حسْبُ): وهذا كافٍ!
- قرأتُ ثلاثة كتب فحسْبُ: أي لا غير (فقط)!
· قال في (لسان العرب /همّ): «هذا رجلٌ
همُّك من رجل، وهِمَّتُكَ من رجل: أي حسْبُك.»
وقال (نهى): «رجلٌ نَهْيُك من رجل، وناهيك من رجل، ونهاك من رجل:
أي كافيك من رجل، كله بمعنى حسْبُ. وتأويله أنه بِجِدِّه وغَنائه ينهاك عن تطلب
غيره.»
وقال: «وهذه امرأة ٌ ناهيتُك من امرأة! »
· جاء في معجم (متن اللغة): «أغنى عنه غَناء فلان: ناب عنه وأجْزأ مُجْزَأَه:
كفاه.»
وجاء فيه: «ناهيك منه: كلمة تعجُّبٍ واستعظامٍ، أي كافيك من رجل.»
· وقال بشار: ...وحَبَّروا
خُطَباً ناهيك من خُطَب!
· وجاء في نفح الطِّيْب (1/110):
ناهيك
من فرْدٍ أَغَرَّ مُمَدَّحٍ
رَحْب الذَّرا حُرِّ الكلام مُحَسَّدِ
(يقال: هو كريم
الذَّرا: كريم الطبيعة. والذَّرا: الملجأ.)
وجاء فيه (1/176): «… وناهيك بهما (أي بِتَيْنِك الشاعرتين) في
الظَّرف والأدب.»
· وجاء في الكليات (4/360): «ناهيك منه /
به: صيغة مدحٍ مع تأكيد طلب، أي حسْبُك وكافيك.»
· وجاء في (البصائر والذخائر) لأبي حيان التوحيدي: «ناهيك
بأبي القاسم عالماً وراوياً وثقة.»
· قال الفرّاء: ناهيك بأخينا (الباء للمبالغة
في المدح).
يقال: حسْبُنا بفلانٍ أديباً نابغاً.
ويقال: ناهيك بالإيجاز هدفاً.
هذه نماذجُ
فصيحةٌ تبين الاستعمال الصحيح لكلمة (ناهيك) التي لا يندر في هذه الأيام أن تُستعمل
استعمالاً غير سليم.
- فقد قال كاتب
معروف (في مجلة واسعة
الانتشار جداً!): (... إضافة لبرامج الألعاب الإلكترونية التي يدمن عليها ملايين
الأطفال على كوكب أرضنا، ناهيك عن مغامرات الإبحار عبر شبكة الإنترنيت.)
والوجه أن
يقال: ... بَلْهَ مغامرات...؛ أو: دَعْ عنك مغامرات...
- وجاء في مجلة أخرى راقية: «... فالمعروف أن ما يبدو
حياةً رخيّة، يمكن أن يُورِثَ أيَّ إنسانٍ تآكلاً (كذا) روحياً، ناهيك عن المرض.»
والوجه أن يقال
هنا: ... إنْ لم
يُسبِّب المرض / فضلاً على المرض /
دَعْ عنك المرض؛ وذلك بحسب المعنى الذي يريده الكاتب. والوجه أن يقال: تَأَكُّلاً لا تآكلاً.
- وجاء في
تقديم أحد المعاجم: «تَوجَّه اهتمام المؤلف إلى الشواهد بحيث (كذا) استقى من
القرآن الكريم، والحديث النبوي الشريف، والشعر العربي القديم، ناهيك بلفتاته الصرفية المتعلقة
بالإفراد والتثنية والجمع و...»
والوجه أن
يقال: ... إلى الشواهد، فاستقى من... القديم، إضافة إلى
لفتاته...
112- أرجو أن يُوافِيَني
كتابُكم
من الخطأ
الشائع قولهم مثلاً: أرجو أن توافوني بكتابكم قبل نهاية الشهر الحالي.
أو: أرجو أن
توافوني بمعلوماتكم حول الموضوع الفلاني.
والصواب: أرجو أن يوافيَني كتابُكم...؛
أرجو
أن توافيَني معلوماتُكم عن الموضوع ...
فقد جاء في
معاجم اللغة: «وافى القومَ يُوافيهم موافاةً: أَتاهم. وافى
الموتُ أو الكتابُ فلاناً: أدركه.»
113- أدَّى
العملَ الموكولَ إليه / المُوْكَلَ عليه
من الخطأ
الشائع قولهم مثلاً: نجح فلانٌ في أداء العمل الموكل إليه!
والصواب: نجح فلان في أداء العمل الموكول إليه /
الموكل عليه.
فقد جاء في
معاجم اللغة:
وَكَلَ الأمر إلى
فلانٍ يَكِلُهُ وَكْلاً و وُكولاً: سَلَّمه إليه؛ فَوَّضَه إليه واكتفى به.
فالأمر
موكول إليه.
وفي التنْزيل
العزيز: )وأُفَوِّضُ أمري إلى الله(.
وجاء أيضاً:
أَوْكَلَ العملَ على فلانٍ يُوْكِلُهُ إيكالاً: خَلاَّه كلَّه عليه.
فالعمل
مُوْكَلُ عليه.
114- (أحد) و(إحدى)
(أحد)
و(إحدى) من أسماء العدد. وكلٌّ منها في المثالين السابقين يصف ما قبله، ويضاف إلى
ما بعده. والمضاف إليه: إما جمعٌ لمذكَّر (نحو: مختَرَع مخترعات) أو لمؤنث (نحو: أداة أدوات).
والأصل أن
تُراعي كلمة (أحد / إحدى) المضافة
مُفْردَ المضاف إليه في التذكير والتأنيث، كما جاء في المثالين المذكورين. فهل
يَصحُّ مراعاة المُحَدَّث عنه (الموصوف بأحد أو بإحدى)؟ أي هل يقال:
التلفزة
إحدى المخترعات العجيبة؛ الهاتف الخلوي أحد الأدوات المدهشة.
الجواب: لا ضَيْرَ في ذلك، قياساً على الضمير واسم الإشارة إذا
اختلف مرجعهما مع ما بعدهما، إذ يقال:
1)- في حالة
الضمير: المطالعة نافعة، وهي أمرٌ محمود /
وهو أمر محمود.
2)- في حالة
اسم الإشارة: الفاكهة مفيدة، وهذه غذاء جيد /
وهذا غذاء جيد.
وقد بحث هذه
المسألة كلٌ من الزمخشري (538 هـ) والسُّهيلي (581 هـ) وابن خروف (616 هـ). ويجد القارئ مزيداً من الشرح والتفصيل في كتاب
(لُغويات 1/130) لمحمد علي
النجار.
ولكن لا يصحُّ
أن يقال: (دار النقاش حول صُنع إحدى المعجمات)، إذ ليس في هذه العبارة مُتحَّدثٌ
عنه يسبق (إحدى)! ولا بد
إذن من مراعاة مفرد المضاف إليه المذكر (معجم)، أي: دار
النقاش حول صنع أحد المعجمات / المعاجم.
115- أَشْيَعُ
معاني (دُوْنَ)
لهذه الكلمة
مَعانٍ كثيرة... فهي تأتي:
1- بمعنى (تحت)؛ 2-
بمعنى (فوق)؛ 3-
بمعنى (أمام). يقال: مَشَى دونَهُ: أي أمامه.
قال النابغة:
«... ولا يَحُولُ عطاءُ اليومِ دونَ غدِ»
أي: لا يقف عطاء
اليوم حاجزاً أمام عطاء الغد. وقال حسان بن ثابت:
تَرَكَ
الأحبَّةَ لم يقاتل دونَهم ونَجَا برأس طِمِرَّةٍ و لِجامِ
4- بمعنى (وراء). يقال: جَلَسَ دون َالأمير: أي خَلْفَهُ.
ويقال: هذا أميرٌ على ما دونَ جيحون، أي على ما وراءه.
5- بمعنى (قَبْل). يقال:
دونَ النصر
أهوال؛ دونَ النهرِ قتال، أي قبل أن تصل إلى ذلك.
وفي المَثَل:
«دونَ ذلك خَرْطُ
القتادَ» يُضرب للشيء لا يُنال إلا بمشقة عظيمة.
6- بمعنى
استبعاد ما تُضاف إليه، نحو:
· ... فَصَوَّبَ الاستعمال الأول دونَ
الثاني.
·
...
واقتصر على الفَتْح دونَ الكسْر.
·
...
المقصود بالحديث هو الحديد دونَ المواد الأخرى.
· قال الرافعي في (إعجاز القرآن /323): «فنأخذ
بالجملة دون تفصيلها.»
7- بمعنى (أَقَلَّ من)،
نحو: )ويَغْفر ما دونَ ذلك لمن يشاء(؛ هُم دونَنا عدداً !
8- بمعنى (غير / سوى)، نحو: )إنْ يَدْعون من دونه إلا إناثاً(.
ونحو: قام من فَوْرِهِ دون إبطاء، أي من غير إبطاء.
9- بمعنى
التقصير عن الغاية. قال المرزوقي: «وقد يَحْبِسُ قِلَّةُ المال صاحبَهُ دونَ ما يهتم له أو
يهتم به.» أي قد تجعل
قلة المال صاحبَه يُقصِّر عن غايته في تحقيق ما يهتم له.
10- بمعنى يفيد
الاختصاص ونفْيَ الشركة، نحو:
· ... ولقد كان من فضله عليَّ دونَ
كثيرٍ من الآخرين أنْ...
·
...
وليس هذا أمراً خاصاً بالإنسان وحدَه دونَ الكائنات الحية الأخرى.
· جاء في (كتاب أسرار الحكماء /149) للمستعصِمي
البغدادي: «قالت
أعرابية للأمير خالد القسْري: ونصيحتي للأمير أن يأمر لي بخادمٍ وما يُصْلحني
وإياها. قال خالد: هذه نصيحة لكِ دوننا! قالت: ما هي لي دونَك! لكَ
أجرُها وذكْرها وثناؤها وعلاؤها، ولي نفعُها.»
11- اسم
فِعْل أمْر بمعنى (خُذْ): دونَكَ الدرهمَ / الكتابَ:
خُذْهُ!
هذا، وقد جاءت
كلمة (دون) في
القرآن الكريم بمَعان ٍأخرى أوردها (معجم ألفاظ القرآن الكريم) الذي أصدره مَجمع القاهرة،
منها: التجاوز:
)أَفَتتَّخذونه وذُرِّيته أولياءَ من دوني( (الكهف /50).
ومنها: من
جهتها: )... لم نجعلْ لهم من دونها ستراً( (الكهف /90).
116- بِدُوْن
· جاء في كتاب مصطفى صادق الرافعي (تحت راية القرآن /40) نقلاً عن
الأمير شكيب أرسلان، الذي وَصَفَه الرافعي بأنه: حُجة الأدب، وسيدِّ كُتَّاب العصر:
«... فَرَجَّحوا كلَّ جديد كيف كان، وبدون
محاكمة، وذلك ليقال إنهم رُقاةٌ عصريون.»
وجاء في الصفحة 41 على لسان الأمير نفسه: «... فليس صواب الشيء وعدمه هو الحاكم عند هذه الفئة، بل هو
مصدر الشيء بدون نظرٍ إلي أيّ اعتبار آخر.»
·
أجاز ابن جنّي والبَطَلْيَوْسي وضع (الباء) مكان (من) قبْل (دون) مادام المعنى لا يتغير ! انظر (معجم الأغلاط
اللغوية المعاصرة /235).
· قال الرافعي في كتابه (إعجاز القرآن /103): «...
استقلال الإدارة وقوتها، وهذا هو الذي يكون عنه الأمر بالمعروف،
ولا يكون بدونه البتة...»
·
«... استقلال النفس من أَسْر العادات والأوهام، ولا يكون
الإيمان على الحقيقة بدونه.»
· وقال طه حسين في كتابه (الأيام) الجزء 3:
«وجعل
الفتى يبحث عن كاتب هذين البيتين بدون أن يصل من بحثه إلى شيء.»
وقال: «... وامتداد حياته على هذا النحو بدون أن يتغير قليلاً
أو كثيراً.»
· وجاء في (المعجم الوسيط /القَرْض):
«القَرْض
الحسن: قرضٌ بدون ربحٍ أو فائدة تجارية (مو).»
117- لامُ التقوية(163)
· من المعلوم أن المفعول به قد يتقدم على فاعله، أو على
فاعله وفِعْله أيضاً؛ تقول: قرأ خالد كتابين؛ قرأ كتابين
خالد؛ كتابين قرأ خالد.
· وقد تدخل اللام على المفعول به إذا تقدَّمَ فِعلَه، نحو
قوله تعالى:
)الذين هم لِربِّهم يَرْهبون(، و)إنْ كنتم لِلرؤيا تَعْبُرون(
· وقد تدخل عليه إذا تأخر عما يعمل عمل الفعل، كالمصدر
والصفات (أي: اسم
الفاعل وصيغ المبالغة)، نحو قوله تعالى: )مُصدِّقاً لِما معهم(، و)فعّالٌ لِما يريد(.
ونحو قول علىّ
كرّم الله وجهه (النحو الوافي 2/475): «لعن الله الآمرين بالمعروف
التاركين له، والناهين عن المنكر العاملين به.» وأصل الكلام: «... التاركينه...»
· قال الزَّجّاجيّ (كتاب اللامات /23): «لِطول معاناتهم له وكدِّهم فيه وتَأْميلهم إياه.»
فالمعاناة مصدر فعل (عانى) المتعدي بنفسه. يقال عانى الشيءَ. وكان في وسع
الزجاجي أن يقول (لطول معاناتهم إياه) كما فَعَل مع المصدر الثاني (تأميلهم).
[جاء في (مغني اللبيب /287): ضَرْبي لزيدٍ حسن].
· وعلى هذا:
1- تقول: أستحسِن مساعدتَك الضعيفَ / لِلضعيفِ.
2- وتقول: أنا فاعلٌ الشيءَ / لِلشيءِ.
كلُّه عربي
جيد. ومجيء لام التقوية مع الصفات أكثر ما يكون. ففي التنْزيل العزيز: )فمنهم ظالم لنفسه(، و )حافظات للغيب(،
و )نَزَّاعةً للشَّوَى(، و )لَوَّاحةٌ للبَشَر(، و)سمّاعون للكذب، أكّالون للسُّحْت(.
3- وتقول: أفعلُ ما تشاء؛ وما
تشاء أفعل؛ ولما تشاء أفعل.
[قال الأب
أنستاس ماري الكرملي (النحو الوافي، 2/476، الحاشية): «زعموا أنه لا يقال: (يمكن لأحدكم...)،
وعندي أنه يجوز. والنحاة تسمي هذه اللام (اللام المعترضة بين الفعل المتعدي
ومفعوله)، وهي كثيرة الورود في كلامهم.» وهذه اللام للتوكيد (مغني اللبيب /284).]
· وفي التنْزيل العزيز: )وأُمِرْتُ لأنْ أكون أولَ المسلمين(.
قال كُثيِّرُ
عَزَّة:
أريد
لأنسى ذكْرها، فكأنما تَمَثَّلُ لي ليلى بكل سبيل.
· قلت: جاء في (المصباح المنير): «أمكنني الأمرُ: سَهُلَ وتيسَّر»، فالفعل (أمكن) مُتعدٍّ كما نرى. وقولك: (لا يمكن أحداً أن يفعل هذا)، صحيحٌ فصيح.
وقال ابن
القوطيَّة: «تقول أمكن الشيءُ إذا تيسَّر» فالفعل لازم. وقولك: (لا يمكن لأحدٍ أن يفعل هذا)، صحيح فصيح
كذلك.
ومثله: حَقَّ الأمرُ؛ (الفعل لازم). يقال: لا يحِقُّ لأحدٍ أن...
ومثله: صَحَّ قولُه؛ (الفعل لازم). يقال: صحَّ لي على فلان كذا = ثبت لي عليه كذا.
قال التوحيدي
في مقابساته: «لا يمكن للإنسان أن يثقّف ما يقول ويقوِّم
ما يعمل»!
·
تقول: يمكن الإنسان أنْ... /
يمكن للإنسان أنْ...
118- تحريك
الواو والياء بالفتحة بعد الناصب
إذا وقع الاسم
أو الفعل المختوم بواوٍ أو ياءٍ في محل نصب، وجب إظهار الفتحة على الواو أو الياء.
تستبين صحة هذه القاعدة بالنظر في أفصح الكلام، وهو التنْزيل العزيز؛ قال تعالى:
- )وجاءت سيّارةٌ فأرسلوا واردَهم فأدْلى دَلْوَه(
(يوسف /19).
يقال: إن السّهوَ من طبيعة الإنسان. وإن الحَشْوَ من
الكلام لا خير فيه. وإن اللَّغْوَ من الكلام لا يُعْتَدُّ به.
)... وألقى في الأرض رواسيَ أن تَمِيْدَ
بكم...( (لقمان /10).
قال الحطيئة:
من
يَفْعلِ الخيرَ لا يَعْدَمْ جَوَازيَه
لا
يذهبُ العُرْف بين اللهِ والناسِ
تقول: تَضَمَّنَت القصيدة مبانيَ متينةً ومعانيَ رائعةً.
وتقول: كتب المُراجع حواشيَ مفيدة.
- )يا قَوْمَنا أجيبوا داعيَ الله...( (الأحقاف /31).
- )كَلاّ إذا بَلَغَتِ التراقيَ وقِيْلَ مَنْ
راقٍ( (القيامة /26 و27).
- )...وكَفَّ أيْدِيَ الناس عنكم...( (الفتح /20).
- )وهو الذي كفَّ أيْدِيَهم عنكم وأيْدِيَكم
عنهم ببطْن مكّة...( (الفتح /24).
- )فأولئك عسى اللهُ أن يعفُوَ عنهم...( (النساء /99).
- ) لن نَدْعُوَ من دونه إلاهاً...( (الكهف /14).
- )وقُلْ عسى أن يَهْديَنِ رَبّي لأقْربَ مِن
هذا رَشَداً( (الكهف /24).
- )فعسى رَبّي أن يُؤْتِيَنِ خيراً من
جَنَّتِك...( (الكهف /40).
- )...حتى أَبْلُغَ مَجْمعَ الَبحْرين أو أمضيَ
حُقُباً( (الكهف /60).
- )قال هذا من فضل ربي لِيبلُوَني أأشكرُ أم
أكْفُرُ( (النمل /40).
- )... لن يُؤْتِيَهم الله خيراً...( (هود /31).
- )... يُريدُ أنْ يُغْوِيَكم...( (هود /34).
- )... لِتَجْريَ الفُلْك فيه بأمْره...( (الجاثية /12).
- )...بقادرٍ على أنْ يُحْيِيَ الموتى( (الأحقاف /33).
- )... حتى يأتيَنا بُقْربان...( (آل عمران /183).
- )... لِيُرِيَكم من آياته...( (لقمان /31).
- )... لِيَجْزِيَهم اللهُ أحسنَ ما كانوا
يعملون( (التوبة /121).
- )ولَنَبْلُوَنَّكُم حتى نعلمَ المجاهدين منكم
والصابرين ونَبْلُوَ أخباركم( (محمد /31).
· ومع كل هذا، نرى أن (الضرورة الشعرية) التي أجازها بعض النحاة، وعابها آخرون بشدة، ألجأت بعض
الشعراء - وبينهم علماء
كبار كالمتنبّي والمعرّي - إلى مخالفة القاعدة المذكورة آنفاً. انظر على سبيل
المثال نقد أبي هلال العسكري لهذه الضرورات في كتاب (اللُّباب في النحو /355)، تأليف عبد
الوهاب الصابوني.
119- خَصَّ؛
خاصّ بكذا / لكذا؛ خَصَّهُ كذا / بكذا؛ مخصوص
جاء في معاجم
اللغة:
1- «خصَّ
الشيءُ يَخُصُّ خصوصاً: نقيض عَمَّ، تَعلَّق بجهة معيَّنة»؛ فالخاصُّ نقيض العامّ
/ الشامل.
تقول: حالة / سيارة /
مدرسة /
مؤسسة /
ظاهرة خاصّة! قطاع خاص.
خاصٌّ بكذا/
لكذا: مقصورٌ عليه/ له فقط.
تقول: موقف خاص بالوزارة /
بالسفارة /
للشركة...
قال الفّراء: هذا وصفٌ لا حظَّ فيه للمذكَّر، وإنما هو خاص للمؤنث
(اللام للاختصاص!).
وقال ابن
خالويه: «...لأن
الرحمن خاصٌّ للّه!»
وقال مصطفى
صادق الرافعي (تاريخ آداب
العرب 3/36): «وقد اخترعوا في تلك الدولة
أثواب المنادمة، وهي خاصة بالشعراء والأدباء.»
2- خَصَّه الشيءُ: تعلَّق به.
تقول: هذا أمرٌ يخصُّني وحدي: يتعلق بي وحدي.
وتقول: وهذا
أمر لا يخصّني: ليس من شأني / لا يهمني.
فيما
يخص كذا... = فيما يتعلق بكذا...
3- خصَّ فلاناً بكذا خصّاً وخصوصاً وخصوصية...: آثره به
على نفسه (أَفْرده به
دون غيره، كما جاء في اللسان)، فهو خاصّ (اسم الفاعل) وذاك مخصوص (اسم المفعول).
تقول: خصَّه بالُودِّ /
بعنايته...
وباستقراء
مجموعة من التعابير المتضمنة كلمة (مخصوص) تبيَّن لي ما يلي:
أ- فلانٌ مخصوصٌ بكذا: مفرَدٌ بكذا، متميز بكذا / كذا مقصور
عليه.
· قال ابن منظور في مقدمة (اللسان): ...سيدنا
محمد المُشَرَّف بالشفاعة، المخصوص ببقاء شَريعته إلى يوم الساعة.
·
وقال محمد بن أحمد بن جبير الكناني (614 هـ) الأندلسي حين كان في بغداد وحضر مجلس عبد الرحمن
ابن علي الجوزي: «فشاهدنا مجلس رجل ليس من عمرو ولا زيد، وفي
جوف الفرا كلّ الصيد، آية الزمان، وقُرَّة عين الإيمان، رئيس الحنبلية والمخصوص
في العلوم بالرتب العليّة، إمام الجماعة...»
ب- الشيء الفُلاني مخصوص بكذا:
أولاً: متفرِّد
بكذا / متميز بكذا.
· جاء في (نفح الطيب 1/130): «وأما الثغر وَجهاته والجبال المخصوصة ببرْد الهواء
فيتأخر بالكثير من ثمره.»
وجاء في (نفح الطيب 1/130): «وله خواص في كرم النبات،
يوافق بعضها أرض الهند المخصوصة بجواهر الإنبات.»
·
وجاء في (تاريخ آداب العرب 3/26) للرافعي: «فإنك ترى كلَّ بحر من البحور (الشِّعرية)
مخصوصاً بنوع من المعاني.»
ثانياً: مقصور على كذا:
· قال أبو البقاء الكفوي (1094 هـ) صاحب (الكليات 3/153):
«الدعاء
مخصوص بالطلب من الله تعالى.»
· وقال ابن قتيبة:
«القافلة مخصوصة بالجماعة الراجعين إلى وطنهم.»
(قَفَلَ يَقْفل قُفُولاً: رجع من السَّفَر.)
· الغَرْسُ مخصوص بالشجر؛ والزرع مخصوص
بالحب والبذر.
· وقال ابن قيّم الجوزية في (بدائع الفوائد 2/280): «لم تكن فيه التاء (المربوطة)
المخصوصة بالتحديد والنهاية.»
ج- لفلانٍ أشياءُ مخصوصة به: مقصورة عليه.
· قال ابن خلدون في (مقدمته) عن أهل التصوف: «...ثم لهم مع
ذلك آدابٌ مخصوصة بهم.»
د- كذا مخصوص بفلان /
لفلان: مقصور عليه.
· جاء في (نفح الطيب 1/223): «وغفائر الصوف (جمع
غِفارة) الصُّفْر مخصوصة باليهود، ولا سبيل إلى يهودي أن يتعمَّم
البتة.»
· وقال الزجّاجي في كتابه (اللامات): «لأنها وإن كانت
صفات مشتقات فلن تطلق معرَّفة بالألِف واللام إلا مخصوصة لمن وُضعت له
اتفاقاً.»
هـ- مخصوص: معيَّن.
· قال الشيخ الحملاوي في (شذا الَعْرف /87): «للجَمْع صِيَغٌ مخصوصة.»
· وقال الراغب الإصبهاني في (معجم مفردات ألفاظ القرآن): «...بل إنما يُتَقَبَّل إن
كان على وجهٍ مخصوص.»
· وقال الجواليقي: «... فمنها (الأخطاء!)
ما يضعه الناس في غير موضعه أو يَقْصِرَونه على مخصوص وهو شائع.»
· وتقول كتب النحو: «النداء: هو الدعاء بأحرف مخصوصة تسمى
أدوات النداء.»
· جاء في (نفح الطيب 1/614): «لأن لها أرضاً يسيح عليها نهرُ في وقت مخصوص من السنة.»
· جاء في (المعجم الوسيط): «الحال:
في البلاغة: الأمر الداعي إلى إيراد الكلام الفصيح على وجهٍ مخصوص وكيفيةٍ معيَّنة.»
· وجاء فيه: «عيَّن الشيءَ: خصَّصه من الجملة.»
فالشيءُ
معيَّنٌ؛ أي: مخصَّصٌ من الجملة.
وجاء فيه: «عيَّن المال لفلان: جَعَلَهُ عَيْناً مخصوصة به»
أي: مقصورة على
فلان.
120- في (الاستمثال) و(الأَمْثَلَة)...
أ- جاء في (المعجم الوسيط): «الأَمْثَل:
تفضيلٌ مِن مَثُلَ»، أي مِن فَضُلَ.
فالأمثل = الأفضل؛ وهي
المُثْلى = الفُضْلى.
ومن المعلوم أن
اسم التفضيل ممنوع من الصرف (لا يُنوَّن!)؛ تقول: هذا حَلٌّ
أَمْثَلُ؛ وجدتُ حلاًّ أَمْثَلَ.
ب- ثمة حاجة في
كثير من العلوم إلى ترجمة الفعل to optimize
sth الذي يعني جَعَلَ الشيءَ أَمْثَلَ،
وإلى ترجمة مصدره optimization. فهل يمكن ترجمته بالفعل (أَمثَلَ
يُمْثِلُ إمْثالاً)؟ وهو فِعلٌ رباعي همزته مزيدة وتُحذف في المضارع، كما
تحذف في بقية الأفعال الرباعية المشابهة، نحو: أَكْرَمَ يُكرِمُ إكراماً.
الجواب: لا، لا يمكن، لأن الفعل
(أَمْثَلَ) له معنًى مغاير!
جاء في (لسان
العرب): «أمثَلَ الرَّجُلَ: قَتَلَهُ بقَوَدٍ (أي قِصاصاً).
وأَمثَلَ القتيلَ: جَعَلَهُ مُثْلَةً،
أي جدع أنفه وأذنه وشيئاً من أطرافه...»
ج- قد يقول قائل: إن الفعل (أمثل) المذكور هو فعل رباعي مزيد بالهمزة
في أوَّله. فلِمَ لا نعتمد الفعل (أَمْثَل)
باعتباره فعلاً رباعياً مجرداً، أي همزته أصيلة، لا تحذف في
المضارع، ويُصرَّف كما يلي:
أَمْثَلَ يُؤَمْثِلُ أَمْثَلَةً
(على غرار: نمذج ينمذج نمذجةً؛ حَوْسَب يحوسب حوسبةً، دحرج يدحرج دحرجة...)؟
في الجواب نقول: ليس في العربية أفعال
رباعية مجردة مهموزة الأول، هذا من جهة. ومن جهة أخرى، إذا استُعمل المصدرُ (أمثلة) مقابل optimization ولم يُضْبط بالشكل (بفتح الثاء) أمكن النطق به خطأً
بكسر الثاء، كأنه جمع (مثال)، وهذا مدعاة للالتباس
والغموض وضياع المعنى!
د- يمكن أن نشتقَّ من مادة (م ث ل) فعلاً سداسياً وِزان
(استفعل) أي: استَمْثَلَ يَستَمْثِلُ
اسْتِمثالاً. إذ من المعلوم أن من دَلالات هذه
الصيغة (بالسِّين والتاء) أنها تفيد الطلب. يقال: استنجد: طلب النجدة؛ استقدم
فلاناً: طلب قدومه، إلخ...
فيكون: استمثل الشيءَ: طلب جَعْلَه أمثلَ،
أو- توسّعاً- جَعَلهَ أَمْثَلَ.
ونرى أن هذه الصيغة تحقق الغرض المطلوب، ولا تحْدِث التباساً في المعنى.
والخلاصة:
يمكن ترجمة الفعل optimize بـ(استمثل)
وترجمة مَصْدَرِهِ optimization بـ (استمثال).
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق