صينيات يقمن بدق قماش الحرير |
وفي كل الأحوال فإن استخدامه بشكل ملموس لم يكن قبل القرن الثاني قبل
الميلاد. أما قبل ذلك فكانت صناعته سراً خاصاً بأهل الصين، واستعماله حكراً بعلية
القوم. ومن القرن الثاني قبل الميلاد فقد تعلم الكوريون واليابانيون والهنود
صناعته، عبر التجار والرهبان والأمراء. وهناك من يقول بأن الصينين أقاموا بدءاً
من القرن الثاني قبل الميلاد شبكة تجارية لتصدير الحرير باتجاه الغرب وكانت نواة لما عرف بعد ذلك باسم "طريق الحرير". يذكر أن داريوس الثالث ملك فارس كان يستخدم الحرير في لباسه أثناء فترة غزو الاسكندر المقدوني لبلاد فارس. وبحسب البعض
فإن أول معرفة للرومان بالحرير تعود إلى عام 53 قبل الميلاد عندما قابل الجيش الروماني
الجيش الفارسي على ضفاف الفرات في سورية الذي كان يحمل رايات من الحرير أخاف
بريقها الجيش الروماني وكانت إحدى أسباب هزيمته! وقد ساد اعتقاد لدى الرومان بأن
الحرير يجنى من أوراق بعض الأشجار وليس من دود الحرير!
معركة الروم والفرس برايات الحرير |
تعلم الفرس وطوروا صناعة الحرير منذ القرن الثاني قبل الميلاد أو ربما
أبكر من ذلك، وانتقل منها إلى بيزنطة ولكن دون أن ينتشر على شكل واسع إلى حين غزا
العرب المسلمون بلاد فارس الذين قاموا بعد ذلك بنشر هذه الصناعة في مناطق مختلفة
من البلدان التي خضعت لهم. وانتشرت هذه الصناعة على نحو خاص في أوروبا بعد الحروب الصليبية حيث
نقلت مشاغل بكاملها من سورية إلى إيطالياً وأوروبا. وبعد أن انتشرت انتشاراً كبيراً في أوروبا، تراجعت اليوم لتبقى حصتها من الإنتاج العالمي قرابة 5% في إيطاليا. أما الباقي فينتج في الصين واليابان والهند. أما الإنتاج العالمي فهو حالياً نحو 150 مليون كيلوغرام سنوياً.
الإمبراطور الأصفر هوانغدي |
ومن أهم استعمالات الحرير في غير اللباس نجد الكتابة، وهو حامل
أكثر مقاومة من المواد الأخرى التي استعملها الصينيون في صناعة الورق. كما كانت
خيوط الحرير تستعمل في صيد السمك وفي أقواس القتال. كما استعمل كمقابل للنقود لدفع
الرواتب والأجور، كما استخدم في الصين مرجعاً نقدياً. وكان يُمنح
كجوائز أو هدايا ثمينة، وخاصة هدايا دبلوماسية.
بقي أن نقول إن أساطير كثيرة نسجت حول الحرير من أهمها أسطورة بداية صناعة
الحرير التي تقول بأن شرنقة وقعت في فنجان شاي كانت تحتسيه زوجة إمبراطور
الصين، (الإمبراطور الأصفر هوانغدي) ورأت بداية الخيط تنحل في الشاي الساخن، فقامت في الحال بحل خيط الشرنقة ولفّه على مشبك. وعندما رأى الإمبراطور
ذلك طلب منها أن تراقب دودة الحرير وكيف تعيش وكيفية تربيتها لإنتاج خيوط الحرير. وهكذا
بدأت تربية دودة الحرير!
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق