[نِعْمَ و بِئْسَ]: كلمتان جامدتان (لا
تتصرّفان).
الأولى للمدح نحو: [نِعْمَ الرجلُ زهيرٌ]
والثانية للذمّ نحو: [بئس الرجلُ خالدٌ]. ويسمي
النحاة كلمة [زهيرٌ] اصطلاحاً: [المخصوص بالمدح]، وكلمة [خالدٌ] المخصوص بالذم(1).
¨
تراكيبهما:
آ-
أن يكون بعدهما اسم:
فإن كان محلّى بـ [ألـ]،
(أو مضافاً إلى محلّى بها)
فهو مرفوع أبداً، نحو: [نِعم الرجلُ زهيرٌ]،
(أو نعم صديق الرجل زهيرٌ)].
وإن كان نكرة [غير
محلّى بها]
فهو منصوب أبداً، نحو: [نِعم رجلاً زهيرٌ].
ب- أن يكون بعدهما [ما]،
وذلك ثلاث حالات:
الأولى: ألاّ يكون شيءٌ بعد [ما]، نحو: [غسلت
الثوب غسلاً نِعِمّا]
(أي: نِعْمَ الغسل؛ إذا مدحتَ غسلَه).
الثانية: أن يكون بعد [ما] مفرد(2)
نحو: [نِعمّا هو]
(أي: نِعْمَ ما هو).
الثالثة: أن يكون بعد [ما] فعلٌ نحو: [نعمّا تفعل]
(أي: نِعْمَ ما تفعل).
تنبيه:
قد
تلحقهما تاء التأنيث، ومنه الحديث:[مَن توضّأ يوم الجمعة
فبِها ونعمَتْ].
¨
المخصوص بالمدح أو الذمّ:
قد
يتقدّم الاسمُ المخصوص بالمدح أو الذمّ نحو: [زهيرٌ نعم
الرجلُ + خالدٌ بئس الرجلُ]،
وقد يُحذف إنْ دلّ عليه دليل، نحو:
]نعم
العبد[
(أي: نعم العبدُ أَيّوب).
* * *
نماذج فصيحة من استعمال [نِعم وبئس]
·
قالت ليلى الأخيلية تذكر تَوبَة:
ونِعْمَ
الفتى يا تَوبُ كنتَ لخائفٍ
أتاكَ
لكي يُحمَى، ونِعْمَ المُنازِلُ
[نِعمَ المنازلُ]: الاسم بعد [نِعم] محلّى بـ [ألـ] مرفوع، على المنهاج. ومثل ذلك
طِبقاً، قولها في أول البيت: [نعم الفتى]، غير أن الضمة لم تظهر على آخر [الفتى]
لأنه اسم مقصور.
ثم إنّ في البيت مسألة أخرى هي أنّ الأصل في مدح الشاعرة لتوبة هو: [نعم الفتى
أنت، ونعم المُنازِلُ أنتَ]، لكنها حذفت المخصوص بالمدح وهو [أنت]، لدلالة السياق
عليه.
·
]نِعم
الثوابُ
وحسُنَتْ مُرتفَقاً[
(الكهف 18/31)
[نِعم الثوابُ]: الاسم بعد [نعم] محلّى بـ [ألـ] مرفوع حُكماً، على المنهاج.
ثمّ إنّ الأصل: [نعم الثواب الجنة]، لكن حُذف المخصوص بالمدح وهو [الجنة]، لوجود ما
يدلّ عليه في سياق الآية.
·
قال الشاعر (شرح ابن عقيل 2/162):
لَنِعْمَ موئلاً
المولى إذا حُذِرَتْ بَأْساءُ ذي البغيِ واستيلاءُ ذي الإحَنِ
(الإحَن: جمعٌ مفرده إحْنَة، وهي الحقد).
[لنعم موئلاً]: الاسم (موئلاً) بعد [نِعم] متجردٌ من [ألـ] (نكرة)
وما كان كذلك فحقّه النصب، جرياً مع القاعدة.
·
]إنّ
اللهَ نِعِمَّا يعظكم به[
(النساء 4/58)
[نِعِمَّا يَعِظُكُمْ بِه]: في الآية إدغام الميم في الميم [نعمّا =
نِعْمَ ما]، ومجيءُ الفعل بعد [ما] هو أحد تراكيب نعم وبئس. ومثله قوله تعالى
]بئس
ما اشتروا
به أنفسَهم[
(البقرة 2/90)
·
]إنْ
تُبْدُوا الصدقاتِ
فنِعِمّا هي[
(البقرة 2/271)
[نعمّا هي]: إدغام الميم في الميم هاهنا، مطابق لنظيره في الآية السابقة،
[نعمّا = نِعْمَ ما]. ومن تراكيب [نِعْمَ] مجيءُ اسم مفردٍ بعدها، سواء أكان
ضميراً - كما في الآية - أم غير ضمير. نحو: [بئسما
تزويجٌ ولا مَهْر].
·
قال ابن المعتزّ:
غرائب أخلاقٍ حباني بحفظها زماني، وصرفُ الدهرِ
نِعمَ المؤدبُ
الأصل أن يأتي الشاعر بالمخصوص بالمدح بعد نِعم والاسمِ المرفوع بعدها، فيقول:
[نعم المؤدِّبُ صروفُ الدهر]، لكنه اختار أن يقدّم المخصوص بالمدح، وهو [صرف
الدهر]، وكلاهما جائز.
·
قال زهير بن أبي سلمى (الديوان /89):
ولَنِعْمَ
حَشْوُ الدِّرْعِ أنتَ إذا دُعِيَتْ نَزَالِ، ولُجَّ في الذعْرِ
الضمير [أنت] هو المخصوص بالمدح. والأصل أن يقول الشاعر: [نعم الحشوُ أنت]،
فيكون بعد [نعم] اسم مرفوع لأنه محلّى بـ [ألـ]، لكن لما كانت كلمة [حشو] مضافاً،
وكان الاسم لا تجتمع عليه الإضافة والتحلية بـ [ألـ]، انزلقت [ألـ] إلى المضاف إليه
حكماً.
هذا، على أنّ الإضافات قد تتعدّد، فتُزحلَق [ألـ] إلى آخر مضاف إليه، ومن ذلك
قول أبي طالب (الديوان /36):
فنِعْمَ
ابنُ أختِ القومِ غيرَ مُكَذَّبٍ
زهيرٌ،
حساماً مفرداً مِن حَمَائِلِ
فقد أُضيفت كلمة [ابن] إلى [أُخت]، ثم أُضيفت كلمة أُخت إلى [القوم]، فكان أنْ
زُحلِقت [ألـ] إلى المضاف إليه الأخير. ومَن أراد، ظلّ يزحلقها ما استقام له
الكلام، فكان يقول مثلاً: فنعم ابنُ أختِ سيّدِ أمراءِ القوم !!
·
]بئس
الشرابُ[
(الكهف 18/29)
حُذِف المخصوص بالذمّ، أي: الماء الذي يُسقَونه.
·
]نعم
دارُ المتقين[
(النحل 16/30)
حُذف المخصوص بالمدح، أي: الجنة. وزُحلِقت [ألـ] إلى المضاف إليه.
·
]نعم
العبدُ[
(ص 38/44)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق