تتعامل الفيزياء حتى يومنا هذا مع أربع قوى أساسية مسؤولة عن كل الظواهر
الفيزيائية الموجودة في الطبيعة، وهي: القوة النووية الشديدة والقوة النووية
الضعيفة والقوة الكهرو-مغناطيسية وقوة الجاذبية.
والقوة النووية الشديدة هي المسؤولة علن تلاحم الأجسام النووية داخل نواة الذرة، وهي وراء الطاقة النووية المنطلقة عند تحطيم النواة (ولهذا نتحدث عن الطاقة
النووية وليس عن الطاقة الذرية). فكل غرام من الوقود النووي يحتوي على طاقة تماثل
الطاقة المختزنة في طن من الديناميت. وأثر هذه القوة لا يذهب بعيداً بل يبقى داخل
الذرة أو النواة حتى وإلى مسافات أقل من مليار جزء من النانومتر. وعندما نقول قوة
شديدة فهي شديدة على مستوى الذرة ليس إلا، وتفيد في تماسك نواتها.
أما القوة النووية الضعيفة فهي التي تسمح في حالة المواد المشعة
للنيترون أن يتحول إلى بروتون وإلكترون ونيترينو مضاد. وهي لا تؤثر على جسيمات مثل
الإلكترون أو الفوتون. وهي أضعف بألف مرة من القوة النووية الشديدة ومجال تأثيرها
أصغر من مجال القوة النووية الشديدة بألف مرة أيضاً.
والقوة الكهرو-مغناطيسية تؤثر على الأجسام
المشحونة كهربائياً من بروتونات وإلكترونات بما يسمح بتشكل الذرة وتماسكها. وهي مسؤولة أيضاً عن
ارتباط الذرات ببعضها عبر إلكتروناتها المحيطية لتشكيل الجزيئات. ويمتد تأثيرها
إلى ترابط الجزيئات لتشكيل سلاسل من الجزيئات مثل سلاسل الـ د.ن.إ التي تؤدي إلى
وجود الحياة.
وأخيراً قوة الجاذبية، التي اكتشفها نيوتن في القرن السابع عشر، وهي
تؤثر في كل الكتل. وهي أضعف القوى، ولكن تأثيرها هو الأبعد مدى وبما لا يقارن مع القوى الأخرى. وقيمة هذه القوة
تتعلق بكتلة الجسم، ولا يمكن الإحساس بهذه القوة إلا على مستوى الكواكب والنجوم
مثل الأرض والشمس.
استعملت هذه القوى مع جسيمات الذرة لتطوير ما يسمى بالنموذج المعياري الذي له
أن يفسر الظواهر الفيزيائية، وهو ما يحدث في الكثير من الأحيان، ولكن هناك حالات
يعجز فيها هذا النموذج عن تفسير بعض الظواهر، مثل وجود المادة السوداء (اللامرئية).
ولكن يبدو أن فريقاً من الباحثين الهنغاريين اكتشف ظاهرة جديدة يميل بعض الفيزيائيين
إلى تفسيرها على أنها دليل على وجود قوة خامسة تحكم بعض ظواهر الذرة ولها إمكانية
تفسير وجود المادة السوداء. وتتمثل هذه الظاهرة في تحرر بوزون خفيف للغاية جراء رجم الليثيوم-7 بالبروتونات، وهذا البوزون أثقل من الإلكترون بأربع وثلاثين مرة، سماه البعض بـ"الفوتون الأسود" نسبة إلى المادة السوداء. ولكن هذا يحتاج إلى إعادة للتجربة الهنغارية بظروف
مختلفة وتكرار هذه التجربة في مخابر مختلفة لتأكيد صحتها وتأكيد وجود القوة الخامسة.
بقي أن نقول إن هذه القوة الخامسة، إن تأكد وجودها، فإنما ستؤكد أن الطريق
لا تزال طويلة أمام الإنسان لإدراك كل شيء، ... هذا إن تمكن من إدراك كل شيء يوماً
ما!
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق