تستخدم كلمة حرير للتعبير عن خيوط الحرير أو عن نسيج من هذه الخيوط، كما
وتستخدم للدلالة على نعومة ملمس شيء ما من قماش أو ثياب أو شعر. والحرير دليل رفاه
وثروة ودعة حياة، فأهل الجنة لباسهم من حرير كما جاء في القرآن. ولكن من أين يؤتى
بالحرير ومن أين انطلقت صناعته؟
لبعض الفراشات دورة حياة غريبة، تبدأ من البيوض التي تتحول في طور لاحق إلى
يرقة ثم دودة تعيش على ورق بعض النباتات. وفي حال دودة الحرير فالنبات هو أوراق شجر التوت، وبعد فترة من
نحو ثلاثة أسابيع تبدأ هذه الدودة بإخراج مادة عبر فمها من غدد خاصة، على شكل خيط
مستمر يبلغ طوله عند اكتماله بين 800 و 1500 متراً، يلتف حولها ليشكل شرنقة تتغلف
بها وتكتمل المرحلة الثانية من دورة حياتها داخل الشرنقة التي تستغرق نحو عشرة أيام
حيث تتحول إلى فراشة تخرج للطيران ثاقبة شرنقتها وتستمتع بحياتها لفترة أسبوعين تقوم
خلالها بالتزاوج والبيض الذي يبقى على حاله حتى العام القادم، لتعاد دورة حياة
جديدة لجيل جديد.
 |
| دورة حياة دودة الحرير |
وفي حالة تربية دودة الحرير يحفظ
البيض في أماكن بدرجة حرارة محددة (بين 4 و 6 درجة مئوية) حتى يبقى سليماً إلى الربيع
القادم. وعندما تكتمل الشرانق يقوم منتجو الحرير بجمع الشرانق وتعريضها لدرجة
حرارة بين 70 و 80 درجة مئوية لخنق الدودة في الشرنقة وقتلها داخل الشرنقة حتى لا
تثقبها ممزقة خيط الحرير الذي أنتجته. وبعد ذلك تُغطّس الشرانق في المياه الساخنة
لحل المادة اللاصقة التي تحيط بخيط الحرير. ولإمساك طرف خيط الشرنقة يستعمل غصن
دقيق، مثل ساق الأرز أو القمح، لتلتصق بها بداية خيوط الشرانق عند تحريكها في وعاء تسخين
الشرانق، لتشكيل خيط واحد على الساق المستخدمة. يصار بعد ذلك إلى جمع السيقان
لتشكيل خيط وحيد عبر عملية الغزل. وللحصول على كيلوغرام واحد من خيط الحرير
نحتاج إلى 5 كيلوغرام من الشرانق!
 |
| رسم توضيحي لمراحل تشكل الشرنقة |
ولكن لا تُعرّض الشرانق كلها إلى التسخين والغلي، إذ يُترك لبعض ديدان الحرير
أن تثقب شرانقها لتتحول إلى فراشة، ولكن هذا ليس للتمتع بجمال الفراشة وإنما لكي
تقوم بوضع البيض الذي أخذ بالتشكل لدى الدودة وهي تنسج شرنقتها منقطعة عن كل طعام
وشراب لتحضير ما بين 300 و 700 بيضة!
بقي أن نقول إن خيط الحرير الذي يشكل الشرنقة له متانة خيط الفولاذ ذي
القطر نفسه! وإن هناك مثلاً صينياً يقول: "مع مرور الوقت والصبر تتحول أوراق
التوت إلى ثوب حرير".
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق